تحوّل فضاء "باب المَاكِينَة"، بمدينة فاس، إلى باحة للمطالبَة بالحريّة ضمن أولى سهرات الدورة العاشرة من مهرجان فاس للثقافة الأمازيغيّة الذي تنظّمه كل من جمعية فاس سايس وجمعية روح فاس ومركز جنوب شرق لحوار الثقافات. ففي الوقت الذي صعدت مجموعَة "كزارتيج" إلى الخشبة، وهي القادمة من بلاد الباسك بإسبانيا، ارتأت المغنيّة الرئيسة للفرقة أن تهنّئ أمازيغ المغرب على تمكّنهم من الحديث بلغتهم الأمازيغيّة الأمّ دون تضييقات، داعية إلى حريّة مماثلة بإسبانيا تمكّن الباسكيّين من ممارسة نفس الحق. وحرصت "كزارنيج" على تقديم نفسها للجمهور الفاسي بلسان أمازيغ الأطلس، وذلك بعد إصرار المجموعة على توفير ترجمة ل"البرولوغ" اللفظي الذي استهلّت به عرضها الموسيقي الشاهد لآداء آغان تحتفي بالهوية والأرض والتاريخ والمستقبل. "لقد جاء رجل لخطبة فتاة باسكيّة، لكنّها رفضته بالرغم من توفره على مائة خروف ومائة بقرة ومائة عنزة ومائة حمار ومائة حصان.. ذلك أنّه كان يعدّ نفسه غنيا، لكنّه لم يكن كذلك بالنسبة لها.. فلكل ثروته التي يؤمن بها" قالت المجموعة الإسبانيّة في تقديمها لأغنية حبّ قدّمتها أمام جمهور "باب المَاكِينَة"، تاركة التأويلات مفتوحة أمام المتعطشين لتعابير الفنّ. حميد القصري، الفنّان الكناوي المتألق ضمن هذا الصنف الموسيقي، كان محطّ احتفاء خاص بأولى سهرات مهرجان 2014 للثقافة الأمازيغيّة بفاس.. إذ تمّ تكريمه من لدن المنظّمين بمنحه درع المهرجان، كما لم يتقاعس الحاجون إلى سهرته في ترديد جملة من الأغاني الكناويَّة التي أدّاها القصري، وفي مقدّمتها "لاَلَّة مِيرَا" و"بَابَا مِيمُون" و"لعفُو" و"يالله بَابَا". وكان ذات "لُمْعْلّْم" قد افتتح صعوده لمنصّة الحفل بكلمة عبّر فيها عن سعادته بالتواجد وسط المهرجان المبرز لقيمة الثقافة الأمازيغيّة.. وزاد: "كنت أرغب في المشاركة ضمن هذا المهرجان، وأشكر المنظّمين لمنحي هذه الفرصة من أجل لقاء جديد يجمعني بجمهوري بشكل حي". أمّا مجموعة تيتللي الشبابيّة، وهي التي تقدّم أغانيها باللغة الأمازيغيَّة على ألحان مؤمنة بالتغريب، فقد أتيحت لها الفرصة من أجل بسط أربع من أغانيها أمام الحاضرين لأولى سهرات مهرجان الامازيغية بفاس للعام الجاري.. وكانت أبرزهَا "أوِيد فُوسْ أنمُون إيوْبرِيد | هَات يدك لنتشارك الطريق". ذات الشباب، وهم الهاتفون للحريّة بفضاء "باب المَاكِينَة" الذي لا يبعد غير خطوات عن القصر الملكي بمدينة فاس، بوجود حضور رسمي يتصدّره والي ولاية فاس بولمان محمّد دردوري، أقبلت على رفع دعوة، من خلال المايكروفونات الموضوعة أمام لاعبي القيثار الأربعة، لأجل تمكين معتقلي الحركة الأمازيغيّة من حرياتهم، خاصّين بالذكر كلاّ من مصطفَى أوسايا وحميد أعضُوش. تجدر الإشارة إلى أنّ برمجة أولى سهرات الدورة العاشرة من مهرجان فاس للثقافة الأمازيغيَّة، وهي التي بُصم عليها بعد حفل الافتتاح المحتضمن من لدن مقر مجمّع الصناعة التقليديّة بالعاصمة العلميّة للمملكة، قد لاقت نجاحا كبيرا عبر عنه التفاعل الجماهيري مع الوصلات التي وقعها كل من "كزَارنيج" وتيتللي والقصري.. كما أبان فضاء "بَاب المَاكِينَة" عن فلاَحه في التميّز وهو يمنح للفاسيّين متنفس عرض فنيّ إضافي بهذه المدينة التاريخيّة العريقة.