في الأيام الأخيرة، توالت الإهاناتُ على هذا البلد الحبيب، واحدةً تلوَ الأخرى؛ فبعد أحداث العنصرية التي مسَّت إخواننا في أراضينا المحتلة (سبتة ومليلية)، وعندما تعرَّضَ مواطنان مغربيان للإعتداء بالضرب من قِبَل اسبانيا، ها هي ذِهِ الكويت في مسلسلها الكرتوني الذي لا يمُسُّ للفن بأيِّ صلة "يوميات بوقتادة وبونبيل" (الجزء الرابع، الحلقتين 7 و8) – تُهين المرأة المغربية إهانة لا يمكن لجروحها أن تندملَ، حينما عرضتها كامرأة لا تُجِيدُ إلا أعمال السحر والشعوذة في سعيِها وراء رجل تتزوجه، وتقضي منه وطرَها. وهم بذلك يغرسون في ذلك الطفل الكويتي البرئِ فكرة مفادها: "إن المغربياتِ (دون استثناء) يا بنيِّ ساحراتٌ ومشعوذاتٌ يتحَيَّنَ الفرصة لخطف أبيكَ منكَ، وهنَّ بذلك يسعَيْنَ وراء تشتيت شمل عائلتك". هذا ما سيفهمه الطفل الكويتي، مما سيُنمي فيه قيمَ الكره والبغضاء تجاههنَّ. هذه قراءة لما قد تخلفه الحلقة في الجانب النفسي لدى المتلقي الصغير. أما من الناحية السياسية، فأعتقد أن ما بُثَّ في الحلقة يحتاج إلى اعتذار رسمي له وزنه الدبلوماسي، حتى نُحسَّ ولو بشيءٍ قليل من ندمهم على ما بدر من قناتهم (وإن كانت قناة خاصة)! وليس الاعتذارُ أن تُطِلَّ علينا القناة في مسلسلها التافهِ في حلقته 12 من جزئِهِ 4 بهذه الكلمات: "حاول البعضُ إعطاء إيحاءات وتفسيرات من خيالهم وأوهامهم لحلقة الأندلس وغيرها من الحلقات، وهي تفسيرات بعيدة عن الواقع. ولم تخطر على بال كتاب حلقات يوميات بوقتادة وبونبيل. وما نتمناه ألا يستعجل المشاهد في التفسير قبل أن يرى الحلقات حتى نهايتها. أما عن الأخوة الأعزاء في المغرب الشقيقة، فإننا نؤكد ونعيد ما أوردته جريدة الوطن من أننا لا نُكِنُّ لهم إلا كل محبة وتقدير واعتزاز". أهناك من سيسمي هذا الكلام الفارغ اعتذاراً؟؟! إنه مجرد تبرير لما طالنا، وطال أمهاتنا وأخواتنا من إهانةٍ ومسٍّ للكرامة؛ فرغم أن "الخطابَ" واضحٌ، فإنَّ القناة اعتبرت "فهمَ" المتلقين كلَّهم "سوءَ فهمٍ" و"تأويلا"، "وتفسيراً من خيالهم وأوهامهم". فصارت بذلك الإهانة ُ إهانتين: 1. إهانة ٌالمرأة المغربية، 2. إهانة ٌ للمتلقي، واستهزاءٌ بذكائه، واستبلاذ ٌ لفهمه وحسِّه. ثمَّ منذ متى كانت بضعة أسطر تسمَّى اعتذاراً – بِغَضِّ النظر عن مضمونها –؟؟! وشخصياً اعذروني إن قلتُ لكم: "أنا لستُ مغربيّاً، ولا يُشرفني أن أنتميَ لهذا البلدِ، إذا قبِلْنا اعتذاراً بهذا الحجم المجهري، وبهذا المضمون المُهين والتافه"!! وأقول، وأتحمَّل كاملَ مسؤوليتي في هذا الكلام: "إن الكويت أهانتنا، ومسَّت كرامتنا؛ ويجب على مسؤولينا أن يتخذوا إجراءات دبلوماسية صارمة تكون بحجم الإهانة التي مسَّتنا. ولتعلم الكويتُ أنها أهانت أربعين مليون مغربي، واعتدت عليهم بالضرب في كرامتهم بمسلسلها الذي تعتبره "فناً وإبداعاً"، ونعتبره "سخافة ومهزلة".. وعندما يُهان المرءُ في كرامته، ولم يتحرك ساكناً، فليعلم أنَّ موتَه خيرٌ له من حياتِه"! لقد خفتُ أن يكون في مقالي هذا تحاملٌ على أهل الكويت، فأنا أمازيغيٌّ أحترم الإنسان مهما كانت عرقيَّتُه ولغته ودينه، لذلك بحثت عن آرائهم في هذه القضية، فوجدتُ منهم رجالاً يستحقون كلَّ احترام. ولن أكون طوباوياً وأنكرَ وجودَ الفساد، فهو واقعٌ. لكنه ليس واقعاً مغربيّاً يا كويتُ.. رابط الحلقة 7 على اليوتوب: رابط الحلقة 8 على اليوتوب: رابط الحلقة 12 التي تحمل الاعتذار/السطحي: