يؤسس الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس، اليوم السبت، أمام المجلس الوطني التأسيسي التونسي، لرؤية متجددة لما ينبغي أن يكون عليه، مستقبلا، اتحاد المغرب العربي الذي تم تأسيسه منذ أزيد من ربع قرن. ووجه الملك، اليوم السبت من تونس، دعوة إلى انبثاق " نظام مغاربي جديد"، على أساس روح ومنطوق معاهدة مراكش المؤسسة للاتحاد المغاربي. وجدد الملك في ذات الخطاب، التأكيد على أنه لاعتبارات عديدة " ما فتئنا ندعو ، منذ سنوات، إلى انبثاق نظام مغاربي جديد، على أساس روح ومنطوق معاهدة مراكش التأسيسية، التي أكملت عامها الخامس والعشرين"، موضحا أن الاتحاد المغاربي " لم يعد أمرا اختياريا، أو ترفا سياسيا" بل أصبح "مطلبا شعبيا ملحا وحتمية إقليمية استراتيجية". وأضاف أن هذا النظام سيتيح للدول الخمس مواكبة التحولات المتسارعة التي تعرفها المنطقة، وفق مقاربة تشاركية وشاملة، كفيلة برفع مختلف التحديات التنموية والأمنية، مشددا على أن "دول المغرب الكبير مدعوة، أكثر من ذي قبل، إلى التحلي بالإرادة الصادقة لتجاوز العقبات والعراقيل المصطنعة التي تقف أمام الانطلاقة الحقيقية لاتحادنا، في إطار من الثقة والحوار وحسن الجوار والاحترام المتبادل للخصوصيات الوطنية". ولاحظ الملك أن تحقيق تنمية شاملة لشعوب المنطقة المغاربية، يفرض توفير المناخ المناسب لإنجاز المشاريع الاندماجية الكبرى، وخاصة استكمال إقامة منطقة التبادل الحر المغاربية. كما يحتم، يضيف الملك، بناء شبكات للربط تهم مختلف البنيات التحتية، وذلك لتسهيل حرية تنقل الأشخاص والخدمات والبضائع ورؤوس الأموال بين دول المغرب الكبير، موضحا أن ذلك سيمكن من فتح آفاق أوسع للتنمية، بما تعنيه من إفراز للثروات ولفرص الشغل . وقال الملك محمد السادس إن " تحقيق طموحنا في بناء مغرب كبير، قوي وقادر على القيام بالدور المنوط به، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، يجب أن يرتكز على علاقات ثنائية وطيدة بين دوله الخمس من جهة، وعلى مشاريع اندماجية، تعزز مكانة ومسار الاتحاد المغاربي من جهة أخرى"، مؤكدا في هذا السياق، أن المغرب لن يدخر أي جهد، لتعزيز علاقاته مع باقي البلدان المغاربية الشقيقة، التي تشاركه نفس الإرادة " إيمانا منا بأن التعاون الثنائي يشكل الأساس المتين للعمل المغاربي المشترك". وشدد على ضرورة ألا تخلف المنطقة المغاربية موعدها مع التاريخ. كما لا يمكن للاتحاد أن يبقى خارج منطق العصر، مستنكرا التعطيل المؤسف للاتحاد المغاربي الذي " يحول دون الاستغلال الأمثل للخيرات والقدرات، التي تزخر بها بلداننا المغاربية"، ويرهن مستقبل المنطقة، ويجعلها بعيدة عن التوجهات السائدة في مختلف مناطق العالم. وفي معرض توضيحه لهذا التوجه، أبرز الملك أن التجارب أكدت فشل المقاربات الإقصائية، في مواجهة المخاطر الأمنية التي تهدد المنطقة، خاصة في ظل ما يشهده فضاء الساحل والصحراء من تحديات أمنية وتنموية. وتابع أنه " مخطئ كذلك من يعتقد أن الإبقاء على الوضع القائم، وعلى حالة الجمود التي يعيشها مغربنا الكبير، يمكن أن يصبح استراتيجية ناجحة، و خاصة التمادي في إغلاق الحدود الذي لا يتماشى مع الميثاق المؤسس للاتحاد، ولا مع منطق التاريخ ومستلزمات الترابط والتكامل الجغرافي"، معتبرا أن هذه الوضعية تسير ضد مصالح الشعوب المغاربية، التي تتطلع إلى الوحدة والاندماج. وأشار الملك، من جهة أخرى، إلى أن انبثاق مغرب كبير مندمج، ينبغي أن يشكل مقاربة عملية ومضمونا ملموسا لتطلعات شعوب المنطقة، من شأنه أن يوطد الشراكة بين الدول المغاربية والجوار الأوروبي، سواء في إطار حوار خمسة زائد خمسة لغرب المتوسط، أو في النطاق الأوسع للتعاون الأورو- متوسطي. ب/حخ