فاز فيلم "حليب الخوف" للمخرجة البيروفية كلوديا يوسا (الصورة)بالجائزة الكبرى للمهرجان الدولي لفيلم المرأة، الذي أسدل الستار عن فعاليات دورته الثالثة السبت بسلا المغربية، بعد أن احتفى طيلة أسبوع بتجارب سينمائية جلها من إخراج نسائي وتشترك في الاشتغال على قضايا المرأة وهمومها. "" وعكس تتويج الفيلم البيروفي، الذي سبق له أن حصد جائزة الدب الذهبي لأفضل فيلم في الدورة 59 لمهرجان برلين، المستوى المتميز للأفلام المشاركة التي جسدت تنوعا في الرؤية السينمائية. وضمت قائمة الفائزين النجم المصري فتحي عبد الوهاب كأحسن دور رجالي في فيلم "خلطة فوزية" للمخرج مجدي أحمد علي، والممثلة المغربية هدى صدقي الفائزة بجائزة أحسن دور نسائي في فيلم "خربوشة" للمخرج حميد الزوغي، بينما منحت لجنة التحكيم جائزتها لفيلم "ويندي ولوسي" للمخرجة الأمريكية كيلي ريتشارد. وأتاح المهرجان، الذي كرم في هذه الدورة السينما الفلسطينية في شخص المخرجة والناقدة السينمائية الفلسطينية علياء أرزوغلي، فرصة متابعة تجارب سينمائية متنوعة، وإن جمعتها اللمسة النسائية بما يسمها من اشتغال على التفاصيل الحميمة للتجربة الانسانية وعمق في التعبير الفني عن الأوضاع والمشاعر المختلفة. وبتزامن مع إحياء ذكرى نصف قرن من تاريخ السينما بالمغرب، خصت الدورة الثالثة لمهرجان سلا المخرجات المغربيات بتكريم أشاد بعطاءاتهن وجهودهن من أجل النهوض بالصناعة الفتية للفن السابع في المملكة، كما فتحت النقاش حول خصوصية الرؤية السينمائية للمرأة من موقعها خلف الكاميرا. ويعد مهرجان سلا واحدا من التظاهرات القليلة التي تختص بالاحتفاء بالمرأة كتيمة فنية وأيضا كفاعل في الصناعة السينمائية. وفي هذا السياق، أوضح رئيس المهرجان الدولي لفيلم المرأة نور الدين اشماعو أن المنظمين حاولوا التأسيس لتراكم فني في مجال غير مطروق ضمن خارطة المهرجانات المنظمة في عدد من ربوع المغرب وافريقيا والحوض المتوسطي عموما. ووصف رئيس المهرجان في تصريح لموقع CNN بالعربية حصيلة الدورة الثالثة بالإيجابية، من حيث مستوى الأفلام التي تبارت في المسابقة الرسمية واحترافية لجنة التحكيم التي ترأستها الممثلة الألمانية إيزولد بارث فضلا عن الندوات والأنشطة الموازية المكثفة التي سمحت بتعميق النظر في موقع المرأة كمادة للعمل السينمائي وكصانعة له. وقال اشماعو إن المهرجان يطمح أيضا لمواكبة التطور الذي يعرفه وضع المرأة في المغرب، على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، من خلال تشجيع المخرجات المغربيات كرافد يقدم إضافة نوعية للتجارب التي راكمتها السينما المغربية منذ نصف قرن. وينتظر أن تشكل الدورة الثالثة منعطفا هاما في مسار هذه التظاهرة، إذ يراهن المنظمون على تحويل المهرجان إلى موعد سنوي بدل تنظيمه إلى حد الآن مرة كل سنتين، واستثمار بعده الدولي المتنامي من أجل إنعاش حركة السياحة المحلية. وتعليقا على النقاش الذي طرحه المهرجان حول مدى إمكانية الحديث عن سينما نسائية ذات سمات خاصة، أبدت المخرجة المغربية الشابة، بشرى إيجورك، رفضها التمييز بين المنتوج الإبداعي على أساس الجنس، ذلك لأن "الإبداع جنس واحد، لكن بلغات وأشكال متعددة." غير أنها تعتبر مهرجان سلا لسينما المرأة فكرة جيدة إذ تسمح بتبادل التجارب والرؤى والتأمل في الخيارات الجمالية التي تصنعها مشارب وانتماءات مختلفة. وقالت بشرى إيجورك لموقع CNN بالعربية إن فيلم المرأة لا يستمد هويته من جنس مخرجه بل من القضايا التي يعالجها والمقاربة الفنية التي يعتمدها. وحول دور المرأة المخرجة في تطوير السينما المغربية، ذكرت بشرى إيجورك بأن الإخراج في المغرب كان إلى وقت قريب مهنة ذكورية بامتياز قبل بروز جيل جديد من المخرجات، مشيرة الى أن وجود نساء خلف الكاميرا أمر طبيعي وضروري لأن السينما، مثل أي قطاع اجتماعي آخر "بحاجة إلى وجهات نظر من الجنسين لتقديم جوانب متكاملة لصورتنا عن أنفسنا ومجتمعنا في الشاشة الكبرى." وأضافتأن الجيل الجديد من المخرجات مؤهل لإعطاء صدى أكبر لصوت المرأة وتطلعاتها وحاجياتها، علما أن هذا الصوت لم يتم التعبير عنه بالصدق والدقة الكافية من لدن مخرجين لم يستطيعوا تجاوز منظورهم الذكوري سينمائيا.