بينما كان طاقم هسبريس يعد الخطى الأخيرة ليصل إلى وجهته في تلك النقطة الجبلية القاصية بدوار علاوة التابع لجماعة اخلالفة بإقليمتاونات بعد قطعه طريقا غير ممهدة يشكل سلكها مغامرة حقيقية، كانت حبيبة التيقي (40 سنة) منهمكة في تنظيف مدخل منزلها الطيني باستعمال مكنسة أعدتها من أغصان الشجر، متأهبة لاستقبال المهنئين بمناسبة الإفراج المفاجئ عن زوجها من سجن عين عائشة بتاونات حيث كان يقضي سنة حبسا نافذا في قضية متعلقة بزراعة القنب الهندي. دموع الفرح والحزن "الله ينصر سيدنا"؛ هكذا عبرت حبيبة عن فرحتها الغامرة بإطلاق سراح زوجها عبد العالي الوردي بعد استفادته من العفو الملكي الذي شمل 4831 مدانا أو متابعا أو مبحوثا عنه في قضايا مرتبطة بزراعة القنب الهندي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب لهذه السنة، من بينهم 1341 شخصا على مستوى إقليمتاونات. أنهت حبيبة عملها على الفور لاستقبال طاقم الجريدة رفقة زوجها المفرج عنه، مكررة عبارات الامتنان للمبادرة الملكية بالقول: "لم أنم ليلة الإفراج عن زوجي، انتظرته إلى أن وصل إلى المنزل مع أولى ساعات الصباح، لقد كانت مفاجأة كبيرة لنا بإطلاق سراحه. عاش الملك". شرعت حبيبة، وهي تتحدث لهسبريس، في استرجاع تفاصيل محنتها مع اعتقال زوجها وكيف وجدت نفسها مجبرة على تدبير شؤون بيتها لوحدها ورعاية ابنتهما الوحيدة بدون شريك حياتها، مبرزة أنها عانت كثيرا طوال تلك الفترة في غياب أي مدخول أو مدخرات مالية تغطي احتياجاتها. وتابعت زوجة المزارع عبد العالي وقد غالبتها دموع المحنة مع المطاردة بتهمة زراعة القنب الهندي التي اختلطت بدموع الفرح بإطلاق سراح زوجها، قائلة: "في كل مرة كانت تأتي فيها عناصر الدرك الملكي وتطرق باب منزلنا للبحث عن زوجي كنا نشعر بالخوف الشديد ونكتفي بالبكاء والدعاء بالفرج". وأضافت: "كانت عناصر الدرك، في بعض الأحيان، تأتي إلى منزلنا ليلا أو في ساعات باكرة من الصباح لأخذ زوجي الذي كان يبيت خارج المنزل، وقد تمكنت بعد فترة من توقيفه، وبعد وضعه في الحبس أصبحت بدون معيل أعيش على مساعدات الناس". "الكيف" لا يكفي للعيش "طفلتي لم تلتحق بالمدرسة لأن زوجي لم يتمكن من تجديد بطاقة التعريف الوطنية ولم يقم بتقييدها في الحالة المدنية لكونه كان مبحوثا عنه ويخاف من الاعتقال"، نورد حبيبة التيقي في حديثها مع الجريدة. وتابعت: "لا يستطيع زوجي السفر عند أفراد عائلته، ولا يمكنه التنقل عندهم لتقديم التعازي في وفاة؛ لكونه كان يخشى من الاعتقال"، مبرزة أن أسرتها حرمت من الدعم الذي خصصته الدولة في مواجهة جائحة "كورونا"، وكذلك من الدعم الاجتماعي المباشر الذي قالت إن أسرتها في حاجة ماسة إليه من أجل مساعدتها على العيش الكريم. وعما إذا كانت أسرتها تفكر في بدائل لزراعة القنب الهندي، أوضحت حبيبة أن المنطقة التي تعيش فيها لا تصلح لزراعات أخرى أو لتربية المواشي، كما أن فرص الشغل فيها محدودة، مبرزة أن زوجها كان يتطلع لمزاولة زراعة القنب الهندي بشكل مقنن لكن لعدم توفره على بطاقة الهوية ووجوده في قائمة المبحوث عنهم لم يتسن له ذلك. وهي تمسح دموعها، ختمت حبيبة حديثها قائلة: "إذا لم يعد لنا الكيف سوف نموت جوعا؛ لأن أرضنا لا تصلح لزراعات غيره وليس لنا أي مدخول آخر"، مردفة: "مدخول الكيف ضعيف ولا يكفينا للعيش، وزوجي يضطر للعمل مياوما عند الغير لإعالتنا".