" طوال فترة جلوسي في المقهى،وأنا أتفرس في أصابع الزبائن خلسة ، لعل أعثر على إصبع ملطخ بمداد يوم التصويت، فلم أجد على علامة واحدة تدل على ذلك،فكنت أضطر لإخفاء إصبعي وراء صفحات الجريدة وأنا اشعر بالإحراج،ياترى ماذا سيقول من سيصادف سبابتي عليه أثار مشاركتي في التصويت،وليس بالمقهى كلها،بل أدمنت البحث عن توأم لأصبعي كلما تواجدت في زحام أو تجولت وسط الناس،وكل مرة أطرح على نفسي هذا السؤال، إذا كنت الواحد المصوت بين هذه الألوف ،فكيف بلغت نسبة التصويت رقم 51 في المائة؟،أأكون أنا هو الواحد من تلك الخمسين؟". "" كان هذا كلام صديق حدثني به بعد إعلان نتائج التصويت التي وصفتها الدولة بالنتيجة المريحة والقاطعة لنسب المشاركة الضعيفة ،والتي لاتريد تسميتها بالمقاطعة أو المعاقبة. والدولة بذلك لاتدر أن الاحصائيات الرسمية كاذبة ولو صدقت ،لا يصدقها أحد حتى لوكانت حقيقية لما ترسب في أذهان المواطنين عن معاكستها للواقع ،مادامت تكون مخدومة ومفبركة،تنفخ فيها أو تنقص منها حسب الحاجة والمصلحة،فبدوري لم أفهم كيف تكون نسبة المشاركة إلى حدود منتصف النهار 14 في المائة ،لترتفع إلى 51 في المائة في يوم شهد حرارة استثنائية ،وكأنها علامة من السماء على مايجري يومها وسبب أخر يمنع المواطن من الخروج لقضاء مآربه ،فبالأحرى مآربه غيره. ونسبة 51 في المائة تخول للمغرب المشاركة في برنامج القوة العاشرة ،وأيضا تحيل على نسب الشراكة التي تعتمدها بعض الشركات التجارية ،والفرق البسيط بين الشريكين يخول لصاحبه التحكم أكثر في الشركة والامتياز عن الباقي، ولعل هذا ما انتهجته الدولة بإعلانها ذلك، ولعلها استوحت نسبة المشاركة من شركة " اتصالا ت المغرب " التي تضاعف الرصيد كل مرة لتضعف رصيد الزبون ،فضاعفت نسبة المشاركين في التصويت ، اللذين يبقوا مهما كثروا أقل من المشتركين في اصغر شركة اتصالات،. والشركتان معا تستفيدان من أهم مايتميز به المغاربة ، الصوت ...الهضرة والثرثرة . والمتمعن في مسار الانتخابات ومارافقها و شابها ،يجعل الدولة تفكر في تحويل الانتخابات إلى مشروع استثماري مقنن ومرخص له بدل العشوائية والفوضى الخلاقة ،فحجم الأموال المهدرة خلالها وبعدها ،السرية منها والمعلنة ،أكبر من أي ميزانية تسرفها الدولة في قطاع خسائره أكبر من فوائده ،والخاسر في ذلك كله هو الوطن والمواطن ، في دولة لاتقدر البشر والجهد والوقت والمال، ومادام المصوت المغربي مستعد لبيع صوته وقراره ببعض الألوف لمن سيبيعه بعشرات الملايين ،ومادام يوجد من سيشتري ،ويوجد من يتواطأ ويبارك ،فلماذا لاتستفيد الدولة بدل ترك الأمرأشبه بعمليات تهريب البضائع وتتعامل معه بنفس المنطق،و نقترح على الدولة وأجهزتها المختصة تحديد سعر لصوت المواطن مع احتساب الرسوم، ووضع سقف لسعر المستشار مع احتساب الرسوم والضرائب ، حينها سيستفيد الكل ماديا على أقل خلال موسم السحرة والسحرة،وترتاح الدولة من الكثير من المشاكل لاتجد لها حلولا ولا منها خلاصا. وستضمن نسبة مشاركة مكثفة مادام هذا كل همها وهم الأحزاب ،وتحقق رقم معاملات ضخم ورواج يكسر روتينالحياة في المغرب. ففي إيران تخرج الآلاف لتتظاهر ضد سرقة أصواتها والمطالبة بمعرفة مصيرها ،أما عندنا فنحن مستعدون لبيعها ببعض الألوفات . وأنا أتابع مع فعله قوم شباط نبي فاس ،حين كتبوا تحت صورته ورفعنا لك ذكر، دون أن يتمموا الآية الكريمة " وإذا فرغت فنصب وإلى ربك فرغب"،ومادامت الحياة السياسية المغربية مميعة ، كيف لم تفطن جماعة المترشحة المشهورة كوثر ، ليكتبوا على صورتها ويعلقوها في باب الجماعة إن أعطيناك الكوثر ، كوثر حزب الأصالة والمعاصرة والكوثرة. والآن ستجد زينة الداودية المناسبة مواتية لتغني من طنجة لكويرة لبولقنادل: الا ما جات بالفلوس تجي بالبزازل . [email protected]