عادة ما تلجأ شركات السيارات العالمية إلى أفكار جديدة لجعل عملية إنتاج السيارات أكثر استدامة من الناحية الاقتصادية، إلى جانب الحفاظ على البيئة؛ ومن ضمن هذه الأفكار الاعتماد على ألياف الأناناس لتصنيع المقاعد أو شباك الصيد القديمة لإنتاج حصائر الأقدام. ويعتبر الحفاظ على معايير الجودة المعتادة عند استخدم المواد المُعاد تدويرها من التحديات، إلى جانب أن عملية الإنتاج تعد أكثر تعقيدا. وعند استعمال شباك الصيد القديمة مثلا فإن الحصول على حصائر الأقدام البيئية الجديدة يعتبر أمرا معقدا للغاية. وأوضح ديرك ريميرز، الغواص المحترف والمتطوع في منظمة "Ghost Diving" غير الربحية، أن حصائر الأقدام المصنوعة من شباك الصيد تمر بمراحل إنتاج طويلة قبل أن يتم وضعها في السيارات. وأضاف الغواص المحترف، الذي يبحث عن شباك الصيد المفقودة، التي تطفو وتتشابك في مكان ما: "أريد أن أساهم بفعالية في التصدي للتلوث البحري، علاوة على أنني أعجب بنهج المعالجة الإضافية". ووفقا لبيانات منظمة "Healthy Seas" غير الربحية، التي تعمل على تنظيف المحيطات من المهملات، فإنه يتم فقدان حوالي 640 ألف طن من شباك الصيد في المحيطات كل عام، وهو ما يشكل خطرا مميتا للكائنات البحرية. وبعد جولات الغوص فإنه يتم تنظيف شباك الصيد وتجفيفها على اليابسة، وبعد ذلك يتم نقل الحبيبات إلى شركة "Aquafil" المتخصصة في معالجات عمليات إعادة التدوير. ويتم الاعتماد على شباك الصيد كمواد خام لتصنيع حصائر الأقدام على غرار بقايا السجاد والقصاصات الناتجة عن تصنيع الملابس الجاهزة. نايلون "إيكونيل" وفي نهاية سلسلة الإنتاج يظهر نايلون "إيكونيل" "Nylon Econyl" الجديد، الذي تتم معالجته لاحقا لإنتاج حصائر الأقدام في سيارة هيونداي Ioniq 5 والعديد من سيارات الماركات الأخرى. وأكدت شركة Aquafil على انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 80% مقارنة بالإنتاج التقليدي لخامة النايلون اعتمادا على البترول. وتحظى خيوط النايلون الخاصة بإقبال شركات السيارات والشركات الأخرى المغذية لصناعة السيارات. ويعدد روبرتو روسيتي، المسؤول في شركة بي إم دبليو الألمانية عن احتساب معدلات ثاني أكسيد الكربون وحصة المواد الخام الثانوية الأخرى، المزايا الكثيرة لاستعمال المواد المستدامة والخامات المُعاد تدويرها في صناعة السيارات؛ فإلى جانب خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تشمل هذه المزايا القوة والمتانة وتقليل الوزن والاستدامة. ووفقا لما أعلنته شركة بي إم دبليو الألمانية فإنها تعتمد على حوالي 30% من المواد المُعاد تدويرها في تصنيع كل سيارة، وتستهدف الوصول بهذه النسبة إلى 50%. وتهدف الشركة الألمانية من خلال المواد الثانوية إلى تقليل آثار انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من سياراتها. بديل للجلد بالتعاون مع الشركاء الآخرين مثل BASF وInterzero تبحث شركة بي إم دبليو خيارات جديدة لعملية إعادة التدوير، بالإضافة إلى تطوير مواد جديدة، مثل زيت الانحلال الحراري، الذي يتم تصنيعه من مواد عضوية كأساس للدائن البلاستيكية الجديدة. كما تعتمد خامة Deserttex على ألياف الصبار واللدائن البلاستيكية من البولي يوريثين، التي يمكن استعمالها مستقبلا كبديل للجلد. وأضاف روبرتو روسيتي، المسؤول في شركة بي إم دبليو الألمانية: "تمتاز الخامات الطبيعية بأنها مثيرة للاهتمام؛ نظرا لأنها تمتص ثاني أكسيد الكربون وينبعث منها الأكسجين أثناء مرحلة النمو، علاوة على أن المواد الخام المتجددة تقلل الوزن بمقدار 30% مقارنة بالخامات التقليدية". وتسعى شركة فولكس فاجن الألمانية أيضا إلى استعمال مواد جديدة إلى جانب الفولاذ منخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وتشمل قائمة هذه الخامات الكتان والقنب والتيل والسليلوز والقطن والأخشاب. بولي يوريثين مُعاد تدويره تعتمد الشركة الألمانية في سياراتها ID.Buzz وID.Buzz Cargo على البولي يوريثين المُعاد تدويره بدلا من الجلد، بالإضافة إلى تصنيع أسطح الجلوس وكسوات الأبواب من توليفة من زجاجات البولي إيثيلين تيريفثاليت والمنسوجات الممزقة والمعاد تدويرها. واعتمدت شركة مازدا على الفلين في مقصورة السيارة MX-30. وتسعى شركة مرسيدس الألمانية إلى زيادة نسبة المواد المُعاد تدويرها في سياراتها إلى 40% خلال السنوات العشر المقبلة. وتعتمد مرسيدس بالفعل في سياراتها EQS وEQE في تصنيع قنوات الكابلات على النفايات المنزلية المُعاد تدويرها. وكبديل للفرش الجلدي اعتمدت مرسيدس في سيارتها Vision EQXX الاختبارية على ألياف الصبار المجففة والغزل الفطري، وهو البنية المشابهة لجذور الفطر تحت الأرض. تحديات الخامات الجديدة وأوضح ماركوس شيفر، عضو مجلس الإدارة للتطوير والمشتريات بشركة مرسيدس، التحديات التي تواجه استعمال الخامات البيئية الجديدة، ومنها أن هذه الخامات يجب أن تتحمل اختلافات درجات الحرارة، التي تبلغ 100 درجة مئوية دون أن تتأثر وتصبح غير مستقرة، وألا ينبعث منها روائح كريهة وألا يتغير لونها. واعتمادا على المكونات فإن عملية إعادة التدوير تكون مكلفة ومعقدة للغاية، علاوة على أن المواد الثانوية لا تتوافر باستمرار. وهناك مشكلة أخرى، ألا وهي أنه لا ينظر إلى الخامات المستدامة باعتبارها مكونات جميلة في بعض الأحيان. بالإضافة إلى أنه يتعين على جميع المكونات أن تستوفي المعايير العالية المتعلقة بالجودة والسلامة والاعتمادية، سواء كانت تأتي من مصادر أولية أو ثانوية.