هو الموت، ذلك المجهول الغامض الذي لا يفرق بين الصغير والكبير، هو اللغز الذي يأتي في كل مرة متنكرا في حلة جديدة، يخطف البشر بشكل عشوائي، غير مبالي بقيمة الشخص ودوره في هذه الحياة، إلى مدى احتياج عائلته إليه، وإلى أي حد سيخلف رحيله حزنا وشرخا في قلوب من يحبونه، هو وحده المسؤول عن تغييب الناس بشكل أبدي بينما تبقى الحوادث أو المرض مجرد أسباب نتهمها بحرماننا ممن نحب، رغم أن في النهاية يبقى القدر حليف الموت وساعده الأيمن في اختيار الضحايا. فاجعة حافلة طانطان، حرمت الجسم الرياضي من جيل من الرياضيين الأطفال كان يتوقع لهم أن يقدموا البلاء الحسن لمجتمعهم في المستقبل القريب، كما أنها غيّبت أحد الرموز المغربية في مجال العدو الريفي، ليصبح اسم البطل اسنكار مجرد ذكرى بدلا من أن يظل الشخص حاضرا يفيد الأجيال القادمة بخبرته الرياضية. ألم فقدان الرياضة لكل من اسنكار والأطفال ال 19 اللذين كانوا مشاركين في الألعاب المدرسية بمدينة بنسليمان قبل أن تغتالهم حرب الطرقات بطانطان، لم يعادلها قسوة سوى نبأ وفاة نبيل أومغار لاعب شباب الريف الحسيمي، الذي صارع كثيرا من أجل البقاء، بعدما بقيّ معلقا بين الحياة والموت، بعد تعرضه لحادث سير مروع قبل أزيد من شهرين. هاتين الفاجعتين قد تعودان بذهن المغاربة لأحداث مأساوية فقدوا فيها رياضيون قدموا العطاء الكبير للرياضة وبالتحديد كرة القدم التي خسرت الكثير من نجومها في سن مازالوا فيها قادرين على العطاء. يوسف بلخوجة "شهيد الديربي" لم يسبق أبدا أن جمع شيء بين جماهير الرجاء والوداد قبل أن يتألموا بنفس إحساس الحزن بعد وفاة اللاعب يوسف بلخوجة الذي فارق الحياة على أرضية الملعب في مباراة الديربي بين الرجاء والوداد عام2001 خلال مباراة جمعت الغريمين برسم منافسة كأس العرش، والتي انتهت بحسرة كبيرة بعد سقوط لاعب الوداد البيضاوي مغمى عليه قبل أن يفارق الحياة بعد بضع دقائق من نقله إلى المستشفى. 29 سبتمبر بالنسبة لعشاق الكرة في المغرب هو يوم للحزن على لاعب كان دائما يقدم البلاء الحسن مع فريقه، كما أنها لحظة وحدت بين الجماهير الرجاوية والودادية التي تألمت بذات القدر من الفاجعة ومن صورة بلخوجة وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة على أرضية الملعب. زكرياء الزروالي ضحية مادة "البراسيتامول" وإذا كان الوداديون حملوا في قلوبهم آلام فراق بلخوجة، فان الرجاويون لازالوا إلى الآن يتحسرون على غياب زكرياء الزروالي، الذي حل مثل الصاعقة على "البيت الأخضر"، بعدما تجندت الرجاء لانقاذ لاعبها بينما الموت لم يتمهل بسرق الزروالي الذي كان سبب وفاته هو تناوله لجرعة زائدة من أدوية مسكنة تحمل مادة "الباراسيتامول" والتي أثرت على كبده ما جعل جسده لا يستحمل ليستسلم للموت مخلفا حزنا كبيرة في الوسط الرياضي. هشام زروالي .. الفاجعة ولأن السرعة تقتل كما يقولون فإن اللاعب المغربي الدولي هشام الزروالي راح ضحية تهوره في القيادة، بعدما فارق الحياة في ريعان شبابه إثر تعرضه لحادث سير. اللاعب الذي بصم اسمه في العديد من الأندية الوطنية والأوروبية، لم يكتب له أن يختم مساره باعتزال مشرف كما يتمنى بعدما فراقت روحه هذه الحياة مباشرة بعد مباراة تألق فيها أمام الجيش الملكي وكانت الشاهد الأخير على مهاراته وعطائه كلاعب بمؤهلات دولية. الأخطاء الطبية أو حوادث السير كلها أقدار حكمت على المغرب والرياضة بشكل عام أن تحرم من طاقات شابة كانت ستقدم البلاء الطيب في مسارها، غير أن الموت كان جدار فاصل بين هؤلاء وطموحاتهم وأحلامهم.