وما أثارها فعلا هو تلك الأخبار التي أصبحت تتداولها الأسر المغربية أخيرا فيما يخص الزيادة في أجور الموظفين، فمنهم من يقول إن الحكومة ستخصص 1300 درهم كزيادة في الأجور، ومنهم من يقول إن أسعار الزيت والسكر والدقيق والغاز ستنخفض بنسبة مهمة، والأقوال كثيرة... لهذه الأسباب كلها تلجأ خديجة هذه الأيام إلى الجرائد لمعرفة مدى صحة هذه المعلومات، وعما إذا كان ستفرح يوما بزيادة ولوب1000 درهم. قررت خديجة وصديقتها تخصيص مبلغ مالي بسيط جدا، ولو أنه عبء عليهما، يتقاسمانه لشراء أربعة جرائد يومية معروفة. اكتشفت خديجة مقالات تبشر بالخير للأسر المغربية، فوزارة العدل مثلا، حسب إحدى اليوميات، خصصت 250 مليون درهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد توالي إضرابات كتاب الضبط التي تعدت 100 يوم، والتزمت الوزارة نفسها بينها وبين النقابة الديمقراطية للعدل بتوفير السكن لجميع الموظفين بأثمنة تفضيلية ونسب فائدة منخفضة، والأمر يتعدى ذلك إذ ينتظر أن تصرف منح استحقاق لفائدة أبناء القضاة والموظفين المتفوقين في دراستهم، هاذ الشي زوين، مازال الخير ما سالاش، الحكومة المغربية تعهدت، ودائما في أيام قليلة قبل موعد 20 فبراير، بتعميم التغطية الصحية، وتوظيف المعطلين ذوي الشهادات الجامعية بدون امتحانات. تساءلت خديجة عن التحرك الذي أصاب عباس الفاسي وحكومته العقيمة في أيام قليلة فقط، وكانت تسأل صديقتها كلما انتهت من قراءة مقال "علاش هادشي كلو وفهاذ الوقت بالضبط؟"، إيوا العكوبة لينا حتى حنا بشي دويرة بلا ما ندفعو فيها فلوس النوار، وبلا ما نصلحوها قبل ما نسكنوها، والعكوبة لينا بشي خلصة نشيطو منها باش ندوزو العطلة فالشمال ونكريو لوطيل حتى حنا، والعكوبة لينا بشي طوموبيل وحولي عبد الكبير بلا كريدي"، كانت هذه بعض من أمنيات خديجة البسيطة. وبمنطق بنت الدرب، تجيب أن هذا التحرك المفاجئ للحكومة لا يعدو سوى تهييئا للانتخابات المقبلة، ولكن ما أن وقعت عيناها، في الصفحة المقابلة، على مقال حول مؤيدي حركة 20 فبراير، وبمنطق بنت الدرب دائما، حتى استنتجت أن الحكومة أصبحت تتدارك الوقت وتفيق من سباتها العميق الذي دام سنين من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه وتفادي أي اضطراب قد يضرب بمصالحها ويعصف بتاريخها الذي تفتخر به منذ استقلال البلاد والعباد.
وبمنطق بنت الدرب دائما قالت "علاش ما يكونش هادشي بلا ما شي يضغط على شي؟ ونوليوا شي مضارب مع شي، وشي يلعن فشي؟ وفين كانت هاذيك 15 مليار التي ضخت في صندوق المقاصة من قبل؟" وبما أنها من العاملات في النسيج، استغربت كون هذا القطاع يبحث الآن عن 20 ألف عامل وعاملة في الوقت الذي استغنى فيه قبل سنتين عن 10 آلاف عامل، الأخت خديجة ما فهمات والو، كيفما لم تفهم مول الحانوت ديال الدرب حين قال لها "سيري للتلفزيون ينقص لك من السكر والزيت وأتاي، إيلا كالها ليك"، معقبا عليها بعدما استفسرت منه عدم امتثاله لما تناوله التلفزيون في الأخبارعن مبادرة الحكومة الجدية لتخفيض الأسعار". وتبقى أسئلة خديجة مشروعة ومنطقية إلى أن تصبح من العارفين بأمور السياسة ودواليبها. وما تعرفه الآن هو أنها تغير على أبناء هذا الوطن وتريده أن يكون من أفضل الأوطان.