خلف اتهام كريم غلاب، رئيس مجلس النواب، في إسبانيا، الصحافي علي أنوزلا بالتحريض على الإرهاب، وادعاؤه أن ما نشره موقع "لكم" الإلكتروني "يشجع على استقطاب والتحاق الشباب المغاربة بعصابات للقيام بأعمال إرهابية"، (خلف) ردود فعل مستهجنة لهذا الموقف الذي يورط مؤسسة تشريعية في عمل ليس من اختصاصها، و يعتدي في الوقت نفسه على سلطة أخرى، حين يتدخل في شؤونها ويسبقها في إصدار الأحكام. كريم غلاب لم يكن يتكلم بصفته الشخصية أو بصفته الحزبية، حتى نتجاوز الأمر ونقول إنه كان يدلي بوجهة نظر خاصة يحق له كما لغيره أن يتبناها في إطار "حرية الرأي" المفترى عليها، وإنما كان يتكلم باعتباره رئيسا لمجلس النواب، وبهذه الصفة كان يزور إسبانيا وكان يعقد ندوته الصحافية التي أطلق فيها اتهاماته تلك ضد أنوزلا.
كان لمثل هذا الموقف أن يكون له ما بعده، سواء من طرف البرلمانيين أعضاء مجلس النواب أو من طرف القضاة، لو كان المغرب فعلا يتوفر على فصل حقيقي للسلط، حيث كل سلطة لها اختصاصاتها الواضحة، تمارسها كاملة غير منقوصة، ولا تقبل أن يعتدى عليها من طرف أية سلطة أخرى كيفما كانت.
أما وأن هذه السلط مفصول بينها فقط على صفحات الدستور وفصوله، فإن غلاب يمكن أن ينتحل صفة قاضي التحقيق ويوجه الاتهامات، ولن نستغرب بعد ذلك إذا حول إحدى جلسات مجلس النواب إلى جلسة محكمة لإصدار الحكم في قضية أنوزلا.
ما أقدم عليه كريم غلاب في إسبانيا لا يعبر، في واقع الأمر، إلا عن "الحقيقة الدستورية" الدائمة في المغرب، حيث الحكومة لا تحكم والبرلمان لا يشرع والقضاء لا يقضي.