خطف اللاعب كريم بلعربي الأضواء هذا الموسم، حيث تحول في فترة وجيزة لأحد الأعمدة الأساسية في فريق باير ليفركوزن، ثم استدعي للعب ضمن صفوف المنتخب الألماني. فكيف كانت بداية هذا اللاعب، وكيف استطاع أن يبلغ النجومية؟ برز اسم كريم بلعربي بشكل لافت هذا الموسم مع فريق باير ليفركوزن في الدوري الألماني لكرة القدم. فبعدما كانت تحوم الشكوك في البداية حول قدرة هذا اللاعب، ذو الأصول المغربية، على فرض نفسه في التشكيلة الرسمية لليفركوزن، نجح بلعربي في أن يصبح في وقت وجيز أبرز لاعب في الفريق. وبرهن على ذلك منذ مباراته الأولى هذا الموسم، حيث سجل أسرع هدف في تاريخ (بونديسليغا) أمام دورتموند بعد مرور 9 ثوان فقط على انطلاق المباراة، مدونا بذلك اسمه في تاريخ كرة القدم الألمانية.
وأمام التألق اللافت لهذا اللاعب البالغ من العمر 24 عاما، وجه المدير الفني للمنتخب الألماني، يواخيم لوف، الدعوة له للانضمام للمانشافات، لتفتح أمام بلعربي فرصة التألق دوليا بعد أن فرض نفسه محليا. وهنا يطرح السؤال حول كيف نجح كريم في وقت وجيز أن يفرض نفسه كواحد من أفضل اللاعبين في الدوري الألماني لكرة القدم؟
عندما انتهت مدة إعارة كريم بلعربي إلى فريق براونشفايغ وعاد إلى ليفركوزن في صيف 2014، كان المدرب الحالي للفريق روجير شميت لا يدري ماذا يفعل بهذا اللاعب وفكر في بيع خدماته بثمن زهيد. غير أن المدير الرياضي للفريق، رودي فولر، أخذه جانبا وقال له، حسبما نشرت صحيفة "11 فرويندو" الرياضية، "راقبه عشرة أيام في التدريب، وأعتقد أنك ستجد فيه ما يعجبك". وهو ما حدث بالفعل، فبعد عشرة أيام رد شميت على فولر قائلا:" بلعربي سيبقى في الفريق".
البداية كانت في أحياء بريمن
بداية كريم بلعربي مع كرة القدم كانت في مدينة بريمن وبالتحديد في حي هوشتينغ الشعبي التي تقطنه أغلبية من أصول مهاجرة، حيث كان بلعربي يلعب الكرة مع أبناء الحي في ملعب صغير محاط بسياج كما قال في حوار مع صحيفة "فيسير كورير" الواسعة الانتشار في مدينة بريمن. وأضاف بلعربي لذات الصحيفة "اللعب في الأحياء يجعلك تتعلم كيف تفرض نفسك وتواجه الآخرين".
فطن مسؤولو فريق فيردر بريمن لموهبة بلعربي وألحقوه بفئة الشباب بالنادي، والتي قضى فيها 6 سنوات وبعدها التحق بفريق أوبرنويلاند. وعند بلوغه سن 18 انضم كريم لفريق براونشفايغ وساهم بشكل كبير عام 2011 في صعوده للدرجة الثانية. سرعة بلعربي ومهارته في المراوغات نالت إعجاب إدارة ليفركوزن التي ضمت كريم إلى صفوفها في موسم 2011 – 2012 في صفقة بلغت مليون يورو. وبذلك أصبح حلم هذا اللاعب حقيقة، حيث تحول من لاعب كرة في الأحياء وفي دوري الدرجة الثالثة إلى لاعب يلعب في فريق ينافس على الألقاب في الدوري الألماني.
غير أن بداية بلعربي مع ليفركوزن لم يكتب لها النجاح بسبب الإصابة التي كان قد تعرض لها في الكاحل. وحتى بعد تعافيه لم يقدم بلعربي مستوى كبير واكتفى بتسجيل هدف واحد في 18 مباراة. غير أن ليفركوزن ظل مؤمنا بموهبة بلعربي، فبدل تسريحه، فضل إعارته في موسم 20132014 إلى براونشفايغ، حيث لعب 26 مباراة سجل فيها 3 أهداف وصنع خمسة. غير أن ذلك لم يكن كافيا لإبقاء فريقه في دوري الدرجة الأولى.
الانطلاقة الحقيقية لبلعربي
بعد انتهاء فترة الإعارة، عاد بلعربي أكثر نضجا وتجربة إلى ليفركوزن واستطاع أن يفرض نفسه كأساسي في الفريق منذ المباراة الأولى أمام دورتموند، والتي سجل فيها أسرع هدف في تاريخ الدوري الألماني.
وعن بدايته الجديدة في ليفركوزن قال بلعربي، في حوار مع صحيفة "شبورت بيلد" الألمانية الواسعة الانتشار، "كنت أعلم أن هذه المرة هي الفرصة الأخيرة لي مع ليفركوزن. لكنني كنت في لياقة بدنية عالية على عكس السابق. وكانت لدي رغبة كبيرة في إثبات ذاتي".
وأضاف بلعربي أن أسلوب لعب مدرب ليفركوزن روجيه شميث، الذي يعتمد على الاندفاع الهجومي، ساهم بشكل كبير في إبراز مؤهلاته.
وظهر هذا الأمر جليا أيضا على أرض الملعب، حيث أصبح بلعربي أحسن هداف في فريق ليفركوزن هذا الموسم بتسجيله 11 هدفا حتى الآن في (بونيسليغا). وهو ما جعل النادي يمدد عقده مع اللاعب إلى عام 2020، مما يدل على القيمة الكبيرة التي بدأ يحضى بها هذا اللاعب في فريق ليفركوزن.
تألق كريم بلعربي هذا الموسم برفقة ليفركوزن وتسجيله للأهداف، ما كان ليمر دون أن يترك صدى إيجابيا أيضا عند مدربي المنتخبين الألماني والمغربي.
فبحكم امتلاك بلعربي للجنسيتين الألمانية والمغربية كانت الأبواب مفتوحة أمامه ليختار أي منتخب سيمثل، هل المغرب بلد والده، أم ألمانيا التي ترعرع فيها وتعلم فيها أبجديات الكرة.
من الجانب المغربي كانت كل المؤشرات تدل على أن بلعربي سيحمل قميص منتخب "أسود الأطلس"، حيث قام المدير الفني للمنتخب المغربي بادو الزاكي بزيارة بلعربي في ليفركوزن وتحدثا معا وصرح الزاكي بأن بلعربي عبر له عن الاستعداد للعب للمغرب، وبدا الأمر وكأنه محسوم.
لكن بعدها انتشرت أنباء أخرى تقول إن بلعربي يفضل التريث والتفكير أكثر حتى يتخذ قرار اللعب للمغرب. ولم تمض أيام كثيرة حتى استدعى مدرب المنتخب الألماني، يواخيم لوف، كريم بلعربي للمانشافت، ليضع بذلك حدا للتكهنات بخصوص المنتخب الذي سيلعب له بلعربي.
وعن اختياره للعب لألمانيا صرح بلعربي، لصحيفة "شبورت بيلد"، قائلا "تشاورت مع جميع أفراد العائلة. أنا أحب المغرب كثيرا، لكنني نشأت هنا في ألمانيا، ومنذ أن كنت ألعب في منتخب دون 21 عاما كنت أحلم باللعب للمنتخب الألماني الأول. وأنا سعيد بقراري".
كريم بلعربي برهن في أول مباراة مع المنتخب الألماني على أنه أهل لحمل قميص بطل العالم، حيث قدم مستوى جيد وخلق فرصا سانحة للتسجيل ضد بولندا ضمن تصفيات بطولة أمم أوروبا، بالرغم من هزيمته المانشافت في تلك المباراة بهدفين دون مقابل. وقال عنه لوف "بلعربي لاعب موهوب وسريع ويقدم مستوى كبير مع فريقه لذلك فمن المنطقي أن يتواجد في المنتخب".
يذكر أن بلعربي سيغيب عن مباراة ألمانيا أمام جورجيا المقررة، اليوم الأحد (29 مارس 2015)، ضمن التصفيات المؤهلة لأمم أوروبا 2016 بسبب تعرضه لنزلة برد.