سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
استقالة شباط... الممكن المستحيل. بعد الانحناء على بعد مائة متر من الأعتاب الشريفة، وتقبيل الزرابي المؤدية إلى طهر أقدامكم النبيلة، يتقدم خادم الاعتاب الشريفة، المذنب لله ولكم، حميد شباط، بتقديم استعطافه هذا لإقالة وزراء "الاستقلال
وصلت المسرحية إلى حبكتها، هي القطيعة، زعما، بين بنكيران وشباط... مفرد زعما الوارد هنا يقرأ بالدارجة... وهو يستبطن معنى السيناريو والتمثيل على ذقون هؤلاء المواطنين الذين اكتشفوا فجأة غضب شباط ضد الزيادة في البوطغاز التي يريد أن يقرها بنكيران واكتشفوا أيضا صمود بنكيران ضد الهجوم الشرس الذي يمارسه شباط نيابة عن كل العفاريت والتماسيح والقردة في البلاد... ما يحيرني صراحة هو كيفية إقفال هذه المسرحية، حيرة نابعة أساساَ من فن التمديد الذي يمارسه شباط، فالمفروض أنه أخذ قرار الانسحاب من الحكومة، والملك يبدو أنه رفع يديه عن ما كان يطمح إليه حزب الاستقلال، أي التحكيم وفق الانحياز الخاطئ للفصل 42، فماذا ينتظر الوزراء الاستقلاليون كي يُفَعِّلوا قرار حزبهم ويرحلوا من حكومة بنكيران ليسدل الستار على هذا الفصل ويرفع آخر على فصل آخر لا ندري ما مداخله ولا مخارجه... أول عقبة في إنهاء هذا الفصل هي صيغته، أي هل سيحرر شباط، بصفته أمينا عاما لحزب الاستقلال طلبا بالاستقالة الجماعية لوزراءه ؟ أم أن كل وزير سيعمل على تحرير استقالته بشكل فردي؟ ثم هل ستوجه رسائل الاستقالة، سواء الفردية منها والجماعية، إلى ملك البلاد بوصفه رئيسا للدولة أم ستوجه إلى السيد بنكيران بصفته رئيسا للحكومة؟ ثم هل إن كانت رسالة جماعية يحررها الأمين العام لحزب الاستقلال، السيد بسلامته حميد شباط، هل سيبدؤها بصيغة : إلى فخامة رئيس الحكومة السيد عبد الإله بنكيران؟ أم إلى السيد رئيس الحكومة؟ أم إلى السيد رئيس الأغلبية الحكومية؟ في كل الحالات ستفرض عليه البرتوكول أن يناديه بالسيد كذا... وهو الذي نعته سابقا بالداعم للإرهاب وبالمتسلط وغيرها... ستكون فصول المسرحية مثيرة وهو يحرر رسالته كالتالي: إلى المتعاون مع الإرهاب الدولي، رئيس الأغلبية الحكومية بالمغرب... ما الوضع إن كانت الاستقالة ستوجه إلى الملك، وأغلب الظن أن هذا ما سيسعى إليه شباط، على أساس أنه لا يعترف ببنكيران كمسؤول هرمي على وزراء الحزب، فبالنسبة إليه، الذي غالبا لا زال يشتغل بمنطق دستور 1996، فالملك هو من عين وزراءه لا بنكيران، وبالتالي الاستقالة يجب أن توجه إليه... غير أنه في التقاليد المرعية، والتي تحكم منطق شباط في صراعه هذا ضد الدستور وباستعماله لبنكيران، لم يسبق لوزير أن قدم استقالته إلى الملك... طبعا الدستور الجديد يسمح بذلك، لكن لا بد من تمرين بسيط يؤلف ما بين الأصالة والحداثة.... يمارس فيه شباط عنجهيته ضد بنكيران وخنوعه للملك، ولنا في واجهة الظرف التي حرصت وكالة المغرب العربي للأنباء على تعميم صورته، لحظة تقديم شباط لمطالبه ووشاياته إلى الملك، والمكتوب عليه عبارة "أعزكم الله سيدي، خادم الأعتاب الشريفة، حميد شباط" نموذجا للغة والأسلوب الذي يمكن كتابة به مثل رسائل الاستقالة هذه... لذا لا بأس أن نتصور رسالة الاستقالة كالتالي: بعد الانحناء على بعد مائة متر من الأعتاب الشريفة، وتقبيل الزرابي المؤدية إلى طهر أقدامكم النبيلة، يتقدم خادم الاعتاب الشريفة، ورعية سلطانكم المجيد، المذنب لله ولكم، حميد شباط، بتقديم استعطافه هذا لإقالة الوزراء الذين ينتمون إلى حزب الاستقلال وذلك تنفيذا لقرار المجلس الوطني للحزب...الخ" السيناريو سيفتح على إهدار آخر لهذا الزمن السياسي، إذ يجب انتظار استقبال الملك لشباط كي يسلمه رسالة الاستقالة هذه، تم انتظار الرد عليها من طرفه، وهو الرد الذي قد يحفل بمفاجآت عديدة، لعل أهمها استعطاف آخر من وزير التعليم للملك من أجل تثبيته في مكانه ولو تطلب الأمر منه الانضمام إلى حزب التقدم والاشتراكية، كما انه لا يمكن الاستغناء عن نزار بركة، كوزير فاز مؤخرا بجائزة أحسن وزير مالية في افريقيا... ماذا لو قرر الوزراء عدم الالتحاق بمكاتبهم يوم غد، تفعيلا لقرار حزبهم العتيد.... كانوا سيكفونني هذا الصباح عبئ التفكير المجاني في كيفية خروجهم...