احتفالية استثنائية خصصها مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة في دورته 20 ليلة أمس الأحد للقارة الإفريقية في شخص الزعيم الراحل نلسون مانديلا (ماديبا)، الذي أهدى له كل من يوسو ندور وجوني كليغ حفلا فنيا باذخا استعاد معاناة أيقونة النضال الإفريقي ومساره في حربه ضد الميز العنصري . وشكل هذا الحفل، الذي أقيم تكريما لروح (ماديبا)، فرصة للجمهور العريض الذي حضره لاسترجاع صور من مآسي الميز العنصري والقهر والحرمان الذي عانى منه شعب جنوب إفريقيا ومسيرة الألف ميل التي قادها مانديلا لتخليص شعبه من الطغيان وليفتح في وجهه باب الحرية والكرامة، سلاحه الحكمة والنفس الطويل والصبر . وافتتح الفنان العالمي جوني كليغ، الذي يعد أحد أقوى الأصوات الإفريقية التي غنت لقيم العدالة والحرية، هذا الحفل بأغان تمتح من الإيقاعات الإفريقية الصاخبة وتحتفي بالألم والمعاناة التي كابدها شعب جنوب إفريقيا في نضاله ضد نظام (الأبارتايد). وقدم جوني كليغ، الذي ربط مبكرا بين الموسيقى التي يؤديها ومعركته ضد نظام الميز العنصري، في عرضه الفني مجموعة من الأغاني منها أغنيته الشهيرة "اسينيمونغا" بلغة "الزولو" الإفريقية التي كان قد غناها لنلسون مانديلا متحديا بذلك النظام العنصري الذي كان يمنع الغناء بهذه اللغة. وبحيوية كبيرة، كان جوني كليغ، الذي كان ينعت ب (الزولو الأبيض)، يجوب المنصة راقصا رقصة الزولو المعروفة وهو يؤدي من ريبرتواره تلك الأغاني التي لا يزال تأثيرها حاضرا في شعب جنوب إفريقيا ك (ماندي) و(إفريقيا) و(تعالى يوم الجمعة) و(كليمنجارو) و(ايوتاف أي ناف) و(كيياني) وغيرها . وألهبت هذه الموسيقى، ذات الإيقاعات الصاخبة والمتوثبة والجمل الموسيقية السريعة المبهرة، حماس الجمهور الذي تماهى معها وانخرط في رقص جماعي أثار انتباه الفنان كليغ الذي عبر عن امتنانه لهذا الجمهور الذي حضر هذه الاحتفالية برمز النضال الإفريقي نلسون مانديل،ا والذي قال كليغ في حقه "إنه كان يمثل بالنسبة إلي الشيء الكثير". وبدوره قدم الفنان السنغالي يوسو ندور، الذي يمثل صوت إفريقيا الملتزم بامتياز، مجموعة من الأغاني التي تمتح من إيقاعات الموروث الفني السنغالي والتي تحكي عن آمال ومعاناة الإنسان الإفريقي البسيط سواء في الحقل أو في العمل ومع العائلة والرفاق. واستطاع هذا الفنان، الذي يعد رائد الموسيقى الشعبية في السنغال، أن يشد انتباه الجمهور بأدائه الرائع رفقة مجموعته الفنية لمجموعة من الأغاني التي تحتفي بالحرية والعدالة والكرامة الإنسانية وتمجد قيم التسامح والإخاء والعيش المشترك، كما تؤرخ لمسيرة الإنسان الإفريقي في مواجهة قهر الطبيعة والقوى الأجنبية وظلم الإنسان لأخيه الإنسان . واسترجع يوسو ندور خلال هذا الحفل، الذي صاحبته رقصات أبدعها أحد عناصر مجموعته الفنية، نضالات الزعيم الإفريقي الراحل نلسون مانديلا من خلال أدائه لأغنيته الشهيرة (نلسون مانديلا) التي كان قد قدمها لأول مرة سنة 1985 في الحفل الفني الكبير الذي نظمه وقتها بالسنغال، وطالب خلاله بإطلاق سراح هذا الزعيم الذي يدافع عن قيم الحرية والكرامة والتسامح . وكانت أقوى لحظات هذا الحفل هي الأداء المشترك ليوسو ندور وجوني كليغ لأغنية تكرم روح نلسون مانديلا وكفاحه ضد الميز العنصري ومساره الطويل في درب النضال من أجل الحرية والكرامة . وسيبقى حفل الأمسية الثالثة من مهرجان الموسيقى العالمية العريقة حاضرا في ذاكرة كل من شارك فيه وحضره لأنه كان حفلا استثنائيا خصص للاحتفاء برجل استثنائي بكل المقاييس . وستتواصل أمسيات الدورة 20 للمهرجان بتنظيم حفل فني، عشية اليوم الاثنين، بمتحف البطحاء تحييه مجموعة بارديك ديفاس من آسيا الوسطى