سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
يا عباد الله..احذروا من الحشوة في رمضان! إنها في عقل المغربي. وفي رأسه المحشو بالشعرية الصينية. وفي بطنه. وفي المخيمرات. وفي الشوسون. وفي الملحد. وفي كل مكان
ليس الجوع في رمضان هو المشكل. ليس العطش هو ما يخشاه الإنسان. ليس الليل. ليس النهار. ليس العمل. ليس الصباح. ليس المساء. ليس البرد. ليس الحر. ليس السيتكومات. ليس غض البصر. ليس الأيام التي تتشابه. ليس الروائح. ليس معارك ما بعد الساعة الرابعة. بل الحشوة. الحشوة الدخيلة. الطارئة. هي الخطر الذي يتهددنا جميعا في هذا الشهر. ومن كثرتها. ومن انتشارها. تشعر بها في الرأس. الرأس المحشو بالشعرية الصينية. وفي اللسان. وفي البطن. وفي الأمعاء. وفي التجشؤ. ثم تفتح الثلاجة. فتجدها. تجد حشوة الكفتة. وحشوة الدجاج. وحشوة الخضر. وحشوة السمك دون سمك. وحشوة البصل. وحشوة صفراء بلا حشوة. كأنها حشوة الجن. وفي المائدة. وفي السرير. وفي الطريق. وفي السوق. وفي المخبزة. وفي المطبخ. وفي الفكر. وفي التلفزيون. وفي الفيسبوك. وفي اليوتوب. وفي إنستغرام. وفي العقل. وفي النقاش، وفي السلفي. وفي العقلاني. وفي العرفاني. وفي الملحد الذي لا يؤمن بوجود الله. لكنه يدخل عميقا في الحشوة. و يشارك المؤمنين في التهامها. كل شيء. كل شيء. يصير حشوة في رمضان. ولا ملاذ لك. ولا مكان لتختبىء فيه. ولا من يخلو من الحشوة. وكل من تلتقيه. وكل شخص. فهو مملوء عن آخره بالحشوة. ولو أردنا أن نعرف المغربي في رمضان فهو إنسان غاضب وبه حشوة. ولو أردنا أن نناقشه ونخصص له ندوة لأطلقنا عليه: الإنسان المغربي ذاك المحشو. كأن الحشوة هي الحل. كأنها تحمي من الجوع. كأنها لذيذة. كأن المغربي والمغربية يظنان أنهما يصنعان وصفة غير مسبوقة. بينما الحشوة تبقى في النهاية مجرد حشوة. و عبثا تحاول أن تتجنبها. فتجدها في الورق. وفي الخبز المدور. وفي الخبز الطويل. وفي المخيمرات. وتجد الحشوة في البريوات. ومربعة. ومستطيلة. ولا شكل لها. وتجدها على شكل أقراص. ولا مفر. ولا من ينقذك من الحشوة في التاكوس. و من الحشوة في الشوسون. والمسمن. ومن حشوة النيم. ومن حشوة الفطائر. فيصير وجودك كله حشوة في حشوة. تصير الحشوة طابو. ولا أحد يجرؤ أن يسأل عن سبب هذا الإجماع المغربي على الحشوة. وكل له حشوته. لا أحد بحرؤ على رفضها. ويذهب المصلي إلى الجامع بحشوته. و لا يخلو منها مراهق. ولا طفل. ولا جدة. ولا جد. وتارة يتم ضبط الحشوة. وطورا تخرج من الجوانب. و ما يزيد من خطورتها. أن لا ضوابط لها. ولا قاعدة. فيتم تجريب الحشوة. وكل امرأة ترتجل حشوتها. وكل بائع يتحرأ عليها. و قبل أن ينتهي الأسبوع الأول من رمضان. تفيض الحشوة على الشهر الفضيل. فتدهسها العجلات في الطريق. و تمعسها الأحذية في الأرصفة. وتكون نجمة القمامة. و تعافها القطط والكلاب. وبعد أن جربها النمل فإنه أصبح هو الآخر ينفر منها. ويغير مساره كلما استشعر وجودها. أما إذا استمرت الحشوة في زحفها أما إذا استمر التطبيع معها فإنها ستسكن الدماغ المغربي. وسيصعب حينها كشطها. واستئصالها. ولن تكون بالتالي نظرتنا إلى العالم واضحة بسبب الحشوة الكامنة في أعيننا. وفي أفكارنا. و في تقاليدنا. وعاداتنا. و أي خطوة. وأي محاولة منا للقفز إلى الأمام. ستعترض طريقها هذه الحشوة المتفشية. و التي يجب إحداث قطيعة معها. والتحرر من أسرها إذا كنا نريد حقا أن نتقدم. وأن نرى العالم كما هو على حقيقته. وبشفافية. وبلا ألغاز. وبلا مجهول. وبلا تعقيد للحياة البسيطة. والجميلة. وبلا حشوة مسيطرة على عقل المغربي. ومتحكمة في بطنه. و التي لا يتوقع أحد عواقبها الوخيمة. وحجم الدمار الذي ستتسبب فيه بعد أن تتجمع كل هذه الحشوات. وتتعرض للضغط. وتنفجر الانفجار الكبير.