طلب الرئيس الأميركي جو بايدن بشكل عاجل مساعدات عسكرية لأوكرانيا وإسرائيل ضمن مخصصات ضخمة للأمن القومي بقيمة 106 مليارات دولار، إلا أن طلبه سيصطدم بالشلل الذي يشهده الكونغرس بسبب خلافات الجمهوريين. جاء طلب بايدن بعد يوم على ربطه هجوم حماس على إسرائيل بالغزو الروسي لأوكرانيا لإقناع الأميركيين بأن على الولاياتالمتحدة الاضطلاع بدور قيادي على مستوى العالم. وشدد الرئيس الديموقراطي خلال خطاب في المكتب البيضاوي على أن المخصصات الضخمة وقدرها 105,85 مليارات دولار التي تشمل مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 61 مليار دولار و14 مليارا لإسرائيل، ستضمن مصالح الولاياتالمتحدة لأجيال مقبلة. ويأتي طلب المخصصات في ظل الفوضى التي يشهدها مجلس النواب نظرا للخلافات بين الجمهوريين الذين يحظون بأغلبية ضئيلة والتي تعرقل حتى اللحظة انتخاب رئيس للمجلس. فقد تخلى الجمهوريون عن حليف دونالد ترامب المحافظ المتشدد جيم جوردان كمرشحهم لرئاسة مجلس النواب في اقتراع سرّي تم الجمعة بعدما فشل بالفوز بالمنصب للمرة الثالثة. وقال نواب للصحافيين لدى مغادرتهم الكابيتول هيل قبيل عطلة نهاية الأسبوع إنهم سيعقدون "منتدى للمرشحين" لاختيار مرشحهم المقبل الاثنين، فيما يتوقع أن يتم الإعلان الأحد عن عدد من الأسماء. وقالت مديرة مكتب البيت الأبيض للإدارة والموازنة شالاندا يانغ في رسالة إلى الكونغرس إن "العالم يراقب ويتوقع الشعب الأميركي بشكل محق بأن يوحد قادته صفوفهم لتلبية هذه الأولويات". وتابعت "أحض الكونغرس على التعامل معها كجزء من اتفاق شامل بين الحزبين في الأسابيع المقبلة". وأعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي زار واشنطن في أيلول/سبتمبر لطلب المزيد من المساعدات العسكرية ضد روسيا، عن "امتنانه" لبايدن لاقتراحه المساعدة. وأضاف زيلينسكي على منصة اكس "نحن نعول على كلا الحزبين في الكونغرس". وتربط حزمة المساعدات الضخمة التي طلبها بايدن بين أزمات منفصلة على أمل أن تساهم المناشدة للوحدة الوطنية في الولاياتالمتحدة في دفع الجمهوريين في المجلس لتنحية خلافاتهم. وفي مسعى لإرضاء الجمهوريين، يتضمن طلب بايدن مبلغا قدره 6,4 مليارات دولار من أجل أزمة الهجرة عند الحدود الجنوبية مع المكسيك التي يوليها الحزب اليميني اهتماما بالغا. تتضمن الحزمة أيضا مبلغا قدره سبعة مليارات دولار لمواجهة الصين وتعزيز التحالفات في منطقة آسيا والهادئ إلى جانب مساعدات إنسانية بأكثر من تسعة مليارات دولار لكل من غزةوأوكرانيا وإسرائيل. لكن الأهم هو أن المبلغ الضخم يعد محاولة لحشد الدعم المتراجع لأوكرانيا عبر ربطه بالتمويل لإسرائيل التي تحظى بدعم واسع من الحزبين. وهناك دعم كبير في الكونغرس لأوكرانيا، بما في ذلك في أوساط أبرز الجمهوريين في مجلس الشيوخ حيث الأغلبية بيد الديموقراطيين. وتعهّد زعيم الأكثرية في مجلس الشيوخ تشاك شومر بتحرّك سريع في مجلسه. وقال في بيان "سيتحرّك الديموقراطيون في مجلس الشيوخ بشكل سريع في ما يتعلّق بهذا الطلب ونأمل يأن ينضم إلينا الجمهوريون لتمرير هذا التمويل الضروري للغاية". وتابع إن "هذا التشريع أهم من أن ينتظر مجلس النواب لتسوية الفوضى في صفوفه". لكن ما زال غير واضح إن كان من الممكن أن يوافق الجمهوريون على دعم إضافي لأوكرانيا إذا تجاوزوا خلافاتهم واختاروا رئيسا لمجلس النواب. ويعارض عدد متزايد من الجمهوريين، والناخبين الأميركيين، أي زيادات على المساعدات الأمنية البالغة 43,9 مليار دولار التي تعهّدت بها الولاياتالمتحدةلأوكرانيا منذ أطلقت موسكو غزوها الشامل لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022. تم تجميد طلب سابق لتقديم مساعدات لأوكرانيا عندما أطيح برئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن ماكارثي في أيلول/سبتمبر اثر تمرّد في صفوف حزبه. وعلى مدى الأيام ال17 التي أعقبت إطاحة ماكارثي، لم ينجح الجمهوريون في جمع ما يكفي من الأصوات لأي مرشح يمكنه الحلول مكانه. وكان جيم جوردان، حليف دونالد ترامب، آخر من حاول الفوز بالمنصب لكنه فشل للمرّة الثالثة الجمعة. وربط بايدن في خطابه بين حربي أوكرانيا وإسرائيل في إطار صورة الولاياتالمتحدة ك"منارة للعالم" في مواجهة "إرهابيين" مثل حماس و"مستبدين" مثل بوتين. وكانت هذه محاولة من بايدن لتذكير الأميركيين بوضع الولاياتالمتحدة الجيوسياسي منذ عقود كقائدة للديموقراطيات الغربية. وندد الكرملين الجمعة بتصريحات بايدن. وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين "لا نقبل بلهجة من هذا القبيل في ما يتعلق بروسيا الاتحادية وبرئيسنا". وأضاف أن هذا النوع من "الخطابات غير مناسب لقادة الدول في مراكز المسؤولية ولا يمكن أن يكون مقبولا بالنسبة لنا". وتابع أن مساعي الولاياتالمتحدة ل"احتواء" روسيا ستثبت عدم جدواها. واستقبل بايدن رئيسي المجلس الأوروبي شارل ميشال والمفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في البيت الأبيض الجمعة، في إطار قمة يتوقع أن توجّه رسالة وحدة في ما يتعلق بنزاعي غزةوأوكرانيا.