و قد يصاب الكثير من الناس ، من مختلف التيارات و التوجهات سواء الداعمين للمشاركة أو المقاطعة ، بالدهشة عندما يعلمون بأنهم لا يملكون الحق في اختيار المسؤولين الذين يتولون زمام الأمور ، فيتحملون المسؤولية في تسيير شؤون الناس و تحمل الأمانة لأنهم كما ذكرنا سابقا لا يعلمون ما بذات الصدورمثل الله . لذلك فالله هو الوحيد الذي يملك هذا الحق . و قد يقولون : و من أين أتيت بهذا الكلام الغريب الذي لم نسمع به من قبل ؟ فنقول : أولا استنتجناه مما سبق حينما ناقشنا شهادة الناس في الإنتخابات التي قلنا بأنها باطلة لأنهم لا يعلمون الغيب و لا ما يروج في صدور البشر ، و بالتي لا يحق لهم إختيار المسؤولين . و بما أن الله هو الذي يعلم الغيب و ما أخفى و ما تكنه الصدور فهو الوحيد و الأوحد القادر على اختيار من يصلح أن يكون مسؤولا قادرا على تحمل المسؤولية . و لأننا اتفقنا و اعتبرنا القرآن الكريم مرجعا لنا لأخذ الأحكام فلابد أن نبحث فيه لنرى هل يوجد شيء في هذا الموضوع و ما استنتجناه منه أم لا. و عندما نبحث سنجد آية صريحة في القرآن الكريم تدل على أن الله هو الوحيد الذي لديه الحق في اختيار المسؤولين المكلفين بتسيير أمور الناس أما ما دونه فلا يحق لهم ذلك : { و ربك يخلق ما يشاء و يختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله و تعالى عما يشركون (68) و ربك يعلم ما تكن صدورهم و ما يعلنون (69) } (سورة القصص الآيتين 68 و 69) . و هنا المعنى واضح و جلي بأن الله هو من يخلق و هو أيضا من يختار الذي يصلح ليكون مسؤولا لأنه يعلم ما يوجد في صدور جميع خلقه و بالتالي فهو قادر على اختيار الأصلح . و كأن هاتين الآيتين جاءتا على المقاص تماما للموضوع الذي نحن بصدده ألا و هو المشاركة في الإنتخابات من عدمها . و لكم يمر الناس على آيات الله مرور الكرام و لا يتدبرونها جيدا ليفهموا مغزاها و أين يمكن أن تصلح على الواقع الحقيقي الذي نعيشه ، و أغلبهم يقرأون بعض التفسيرات و يأخذون بها و هم يظنون أنها صحيحة كأنها تنزيل من عزيز حكيم رغم أن مؤلفوها بشر أمثالهم اجتهدوا من عند أنفسهم بدون تكليف من الله و لم تكن لهم أي صلة مباشرة بالخالق في قضية التأليف . و هذا الأخذ الأعمى يتم حتى و إن لم يفهموا هذه التفسيرات جيدا و لم يعقلوها بشكل مضبوط بحيث لا يجب اعتبارها و بالتالي الأخذ بها إلا بعد أن يسلم بها العقل تسليما و لا يجد الإنسان في نفسه حرجا مما فهم و استوعب و أن تكون ملموسة على الواقع الحقيقي المعاش . و لربما في هذه الأثناء يريد أن يتدخل الجميع ، سواء المقاطعين أو المشاركين ، في نفس الوقت و يتكلمون بلسان واحد و يتلفظون بنفس الكلام و كأنهم متفقين و لا توجد بينهم خلافات و يقولون : و كيف يختار الله من الناس من يكون مسؤولا عليهم ؟ هل ينزل جبريل مثلا و يعطينا قائمة بأسماء من اختارهم الله ليكونوا مسؤولين عنا ؟ ماذا تقول يا رجل ؟ فنحن لم نسمع بهذا الكلام في حياتنا من قبل . و نقول للسائلين: الحمد لله الذي استطعنا أن نوحدكم على الأقل الآن و نذيب الخلافات التي توجد بينكم و نجعلكم تتكلمون بلسان واحد فالحمد و الشكر لله على ذلك . و لكي نجيبكم على هذه التساؤلات فإننا لن نلجأ إلى تجربة أوروبا أو أمريكا أو تركيا و لا إلى ما خطه البشر في كتبهم التي ألفوها و لا إلى أي شيء آخر كيفما كان بل سنلجأ إلى كلام الله تعالى الذي تعاهدنا من قبل على أن يكون مرجعنا الأساس الذي لن يختلف معنا أحد فيه باعتبار تسليمنا أنه من عند الله الخالق الذي لا كلام من بعد كلامه . و لابد أن نجد في كلام الله أجوبة لتسائلاتكم لأنه جاء تبيانا لكل شيء . و أول ما تقع أعيننا عليه هو ذاك الحوار الشهير الذي دار بين الله و الملائكة الموجود في سورة البقرة في هذه الآيات الكريمات " و إذ قال ربك إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء و نحن نسبح بحمدك و نقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون (30) و علم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين (31) قالو سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم (32) قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبئهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات و الأرض و أعلم ما تبدون و ما كنتم تكثمون (33) " ( سورة البقرة الآيات 31و 32 و 33 و 34 ) . و ما نستخلصه من هذه الآيات هو أن الملائكة قد غارت من آدم ذلك المخلوق الجديد الذي اختاره الله ليكون خليفته في الأرض و كانت تجد نفسها الأحق بالخلافة و تحمل المسؤولية باعتبارها تقدس الله و تسبحه و لا تعصي له أمرا و أن هذا المخلوق المدعو آدم سيفسد في الأرض و يسفك الدماء أي أنه لن يكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه ، و هي بذلك تكون قد تدخلت في شؤون الله تعالى باصطفاء خليفته في الأرض أو بمعنى آخر حاولت الملائكة اختيار المسؤول الذي يتحمل ثقل الأمانة و اعتقدت أنها يمكن أن تتحمل المسؤولية باعتبار ما ذكرنا سابقا. و لكن الله أخبرهم بأن هذا الأمر ليس من شأنهم بل من شأن الله تعالى الذي يعلم ما لا يعلمون . و الشيء الذي لم تكن الملائكة تعلمه هو أن الله هو الذي يصطفي من يشاء من عباده ليجعله خليفته وأن على باقي المخلوقات طاعة من اصطفاه الله عليهم ، و أن دليل خلافته ، و هذا هو الأهم بالنسبة لنا ، هو أن الله يزيد بسطة في العلم للذي يصطفيه من بين عباده ، و منه نستنتج أن برهان الخلافة و تحمل المسؤولية هو درجة العلم . لذلك علمت الملائكة أنها تجاوزت حدودها بقول الله تعالى { قال إني أعلم ما لا تعلمون } فلا يحق لها اصطفاء المسؤول عن شؤون العباد ، و قد تبين لها ذلك عندما وجدت نفسها عاجزة على أن تكون أعلم من العبد الذي اصطفاه الله ليكون المسؤول عن عباده . فإذا كانت الملائكة لا يحق لها اختيار المسؤول فكيف إذا يحق للبشر أن يتجرأوا و يجعلوا أنفسهم أصحاب الحق في اختيار المسؤولين . فقد اعترفت الملائكة بخطئها و قالت " سبحانك ربنا لا علم لنا إلا ما علمتنا " فألا يجب على الناس أن يقولوا " سبحانك ربنا قد ظلمنا أنفسنا و تجاوزنا حدودنا و تجرأنا عليك و صرنا نختار المسؤولين عن شؤوننا عن طريق شيء اخترعناه أسميناه الإنتخابات فاغفر لنا ذنوبنا إنك أنت الغفور الرحيم " ؟ قطعا فإن هذا ما يجب أن يفعلوه اللهم إذا استمر الناس في طغيانهم و واصلوا ظلمهم و جهلهم كما أخبرنا الله بذلك { و حملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا } . فبعدما أوضح الله للناس و بين لهم ، عن طريق كتبه التي كان يبعثها مع رسله ، الطريقة التي يتم بها التعرف على الخليفة و معه المسؤولين بصفة عامة ، لكن قاموا بتغييرها مع مرور الزمن و صار اختيارهم يتم عن طريق ما يسمى الإنتخابات في زماننا هذا بدل العلم . فماذا نتبع إذن لإختيار مسؤولينا ؛ الإنتخابات كما وجدنا آبائنا يفعلون أم على أساس العلم كما أوصانا الله بذلك في كتابه المحفوظ من التحريف . و يمكن للإنسان العاقل المتتبع لهذه الإنتخابات أن يرى بأم عينه سلبياتها و مساوئها على أرض الواقع . فهذه العملية عبارة عن بيع و شراء حيث لا صوت يعلو فوق صوت المصلحة الخاصة الضيقةالتي ينصاغ لها مختلف الأحزاب بعد صراع عنيف على السلطة يتم خلاله استعمال جميع الطرق المشروعة و الغير مشروعة من وعود و مال و دين و إيديولوجيات و تقديم مصالح خاصة و استغلال بسبب تفشي الفقر و الأمية و الجهل و شراء ذمم و تزوير و كل ما قد يخطر على بالك أو حتى ذلك الذي لم يخطر عليه . و النتيجة هي مسؤولين لا علاقة لهم بالمعنى الحقيقي للمسؤولية همهم الأول هو كيفية استغلال السلطة لتحقيق أكبر قدر ممكن من المصالح الخاصة لهم و لمن يدور في فلكهم . و في ظل وجود الفساد الغير مراقب و غياب للمحاسبة الجادة فإن الحال العام يظل كما هو عليه هذا إذا لم يتحول إلى الأسوأ. أما بخصوص الناخبين الذين من المفروض أن يقوموا باختيار المسؤولين فلا حول لهم و لا قوة ، فهم لا يعلمون الغيب و بالتالي فإنهم يختارون مرشحيهم حسب ظاهرهم الذي قد يخالف باطنهم ، و قد لا تكون لهؤلاء المسؤولين المختارين الكفاءة اللازمة لتحمل تلك المسؤوليات . و نقول ذلك إذا اعتبرنا أن الناخبين يريدون فعلا اختيار الأصلح و الأنسب ، وللأسف فهذا الأمر لا يحدث لأن التصويت يكون في الغالب انتصارا للقبيلة و الحزب أو انتفاعا بالمصلحة الخاصة أو اتباعا للاغراءات الدينية و الايديولوجية أو طمعا في المال بسبب الفقر و الجهل أو سعيا وراء الارتزاق . و لربما يخرج علينا البعض من الذين لم يستوعبوا جيدا بأن العلم هو أساس تحمل المسؤولية و يعارضنا دفاعا على نظام الإنتخابات الذي يعتمد على صراع مجموعة من الأحزاب حول السلطة دون النظر إلى علمهم و كفاءتهم ؛ و هذه المعارضة تأتي إما لكون الدليل القرآني المتمثل في الحوار بين الله جل علاه و الملائكة لم يقنعهم بذلك و قد يقولون أن تلك الآيات تتحدث على خليفة الله في الأرض و ليس على المسؤولين عن الدول و المدن ، وإما أن هذا الأمر غريب عليهم و لم يسمعوه من قبل ، و إما أنهم من أتباع بعض الفرق الدينية و التوجهات السياسية و علمائهم و كبرائهم لم يقولوا بهذا الأمر ، و إما أن مسألة الاختيار على أساس العلم ما تزال غامضة و تحتاج إلى شرح و تفصيل أكثر . و نقول للفئة الأخيرة إن المهم في هذه المرحلة هو أن نفهم أن اختيار المسؤول يكون من اختصاص الله تعالى و أن العباد ليس لهم من الأمر شيء فلا يجبوا أن يختاروا حسب أهوائهم و ظنونهم التي لا تغني عن الحق شيئا لأن الله هو الأعلم و الأحق بأن يختار الأصلح لتحمل المسؤولية ، و عليكم أن تعلموا أيضا أننا نستطيع أن نعلم المسؤول الذي اختاره الله عن طريق تفوقه العلمي على الجميع ، و بعد أن تفهوا هذه الأمور فإننا سنمر إلى التفصيل أكثر و بالدقة المتناهية كل ما يتعلق بهذا الأمر و نجيب على كل التساؤلات كنوع العلم و كيفية الاختيار و النظام المتبع لأجل ذلك و كيفية التسيير و مصير المنظومة المتبعة حاليا و غير ذلك . و لذلك فعليكم أن تتحلوا بقليل من الصبر حتى نبين هذه الأمور شيئا فشيئا و تصير الصورة واضحة وضوح الشمس في يوم صاف بدون ضباب الذي نجده في كثير من الأمور الموجودة في الوقت الراهن . و نقول للآخرين الذين لم يقتنعوا بعد ؛ سوف نأتيكم بدليل قرآني آخر يبين بشكل أوضح مما لا يدعو مجالا للشك بأن الله هو الذي يصطفي و يختار المسؤول على تسيير شؤون الناس و السهر على أمورهم ، و أن أساس معرفة هذا المسؤول هو درجة علمه فذلك هو دليل و برهان خلافته و تحمله للمسؤولية . فتأملوا جيدا هذه الآية { وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة:247) . فهي تتحدث عن بني إسرائيل ، فإذا تدبرتموها بالشكل المطلوب ستلاحظون في البداية أن نبي الله الذي كان عندهم لا يملك من الأمر شيئا و لا يحق له أن يختار المسؤول على تسيير أمور الناس بل نجده يقول لهم أن الله هو الذي اختار لكم طالوت ملكا أي مسؤولا عنكم . و نستشف من هذه الملاحظة الأولى بأن الأنبياء أيضا لا ينبغي لهم اختيار المسؤولين . و بذلك ينضاف الأنبياء إلى الملائكة في عدم أحقيتهم في اختيار المسؤولين فكيف تسمحون لأنفسكم أيها الناس ، و أنتم لستم ملائكة و لا أنبياء ، أن يكون لكم الحق في اصطفاء أو اختيار المسؤولين ؟ ألا تستحيون من أنفسكم ؟ و الشيء الذي يثير الانزعاج هو : أين هم علماء هذه الأمة للحديث حول هذه النقطة ؟ إنهم منشغلون في إشعال نعرات الفتنة و فتيل الحروب بين المسلمين عن طريق فتاويهم التي تشعل العداوة و البغضاء بين مختلف المذاهب و الأحزاب ، فسحقا لكم و بئس العلماء أنتم ( المقصود هو علماء من هذا النوع و ليس الصالحين منهم حتى لا نظلم أحدا ) . و الملاحظة الثانية التي يمكننا استنباطها من هذه الآية المحكمة و الواضحة هي أن دليل أو برهان اختيار الله للمسؤول يتجلى في زيادة بسطة العلم للإنسان الذي اصطفاه إذ يكون بارزا بالعلم الذي أتاه الله من فضله . و يمكن للناس التعرف على هذا الإنسان المختار من الله تعالى من خلال هذه البسطة في العلم . و الملاحظة الثالثة ، و هي نقطة أخرى سنضيفها إلى النقطتين الأخرتين ، و لكن قبل ذلك قد يقول قائل : و ما هما هاتين النقطتين ؟ رجاء ذكرنا بهما ، و نقول : هما أن الله يختار المسؤول و نحن نعرف اختياره عن طريق بسطة العلم التي يؤتيه إياها . فانتبهوا أيها السادة و ركزوا جيدا في هذه النقطة الثالثة ، و هي متعلقة بالمرشحين الذين يقدمون أنفسهم على أنهم الأصلح و الأنسب و الأجدر و الأمثل و الأقدر و الأحسن و الأشرف و الأفضل لتحمل المسؤولية بالرغم من أن الله لم يصطفيهم شيئا و لم يختارهم لذلك لأن الذي يختاره الله يعلم ذلك عن طريق ملاحظته لبسطة العلم التي منحها الله إياه ، و انظروا لدهشة بني إسرائيل و استغرابهم عندما أخبرهم النبي الذي كان فيهم عن المسؤول الذي اختاره الله ليقودهم ؛ فكيف لطالوت الذي لم يكن شيئا مذكورا أن يكون ملكا علينا ؟ هكذا لسان حالهم يقول ، فهو ليس من أكابر القوم و لا من أغنيائهم و لا من علمائهم المعروفين لديهم بل كان إنسانا من أراذل القوم و عامتهم . و لذلك تجد الأكابر في بني إسرائيل يرشحون أنفسهم لمنصب المسؤول عن قيادة القوم ، و قد سبق للملائكة من قبل الترشيح للخلافة و القيادة في الأرض . فقد أخطأت الملائكة و كذلك بنو إسرائيل و كل من صار على نهجهم هذا في مسألة الترشيح عبر التاريخ . و جاء الرد من الله قويا فلا يحق لأحد أن يترشح من عند نفسه من دون تكليف من الله لتحمل المسؤولية ، و لا يجب لأحد أن يزكي إنسانا و يختاره لهذه المسؤولية و يصوت عليه عن طريق الانتخابات فاختيار المسؤول حصريا من اختصاص الله وحده و معرفة هذا المسؤول تكون بملاحظة بسطة العلم في الإنسان المختار من الله تعالى . و ها أنتم أيها المرشحون للانتخابات في عصرنا هذا فرحين و تتسابقون لوضع الترشيحات طمعا في الفوز بمقاعد المسؤولية، و تترجون بل تشحتون من الناس أن يزكوكم و يشهدوا شهادة الزور ، كما بينا سابقا ، و يصوتوا لكم في ما يسمى بالانتخابات . فهل اصطفاكم الله لهذه المناصب ؟ و هل زادكم بسطة في العلم ؟ أم أن لديكم بسطة زائدة في النصب و النهب و الكذب و حب السلطة و المال و التحكم بالوصول إلى مركز بعض من القرار ؟ فألا تستحيون من أنفسكم ؟ إذا لم تستحيوا فاصنعوا ماشئتم و إن غدا لناظره لقريب و سوف تعلمون . و لابد أن الكثير منكم يتساءل عن بسطة العلم التي يزيدها الله للعبد المختار لتقلد منصب الزعامة بالرغم من أن الجواب سهل و بسيط و في متناول الجميع . و سنفصل قليلا في هذا الأمر و سنتساءل فهل العلم المقصود هو العلم بقوانين فرنسا أم الالمام بسياسة و نظام أمريكا أم الاطلاع على التجربة التركية أم الغوص بعيدا في التاريخ الغابر و النظر للمدينة الفاضلة الخاصة بأفلاطون أم معرفة أقوال الفلاسفة و الشعراء أم إتقان فنون الحرب أم البراعة في مجالات العلوم التجربية أم العلم بشيء آخر ؟ و للجواب على هذا السؤال لابد من فهم ما هو مطلوب من القائد المسؤول ؛ فعلى هذا الزعيم أن تكون له القدرة على التسيير و التدبير و ايجاد الحلول للمشاكل و معرفة ما يجب فعله و ما لا يجب فعله في شتى المجالات و إزالة الخلافات بين جميع الأطراف باختصار يجب أن تكون فيه مقومات القائد الناجح . و ليكون كذلك لابد من أن يتسلح بسلاح العلم المناسب ليحقق هذا الأمر . و لذلك سنطرح سؤالا : ماهو العلم الذي سيمكنه من تحقيق ذلك ؟ فالعلوم التي ذكرناها سابقا قد تحقق له النجاح في بعض الأمور بشكل نسبي . فما هو إذن العلم الذي يصل إلى درجة الإطلاق في نجاحه حيث لا مجال للفشل أو الشك ؟ إذا لاحظنا العلوم السابقة فهي بمجملها من صنع البشر عن طريق اجتهادهم الذي يحتمل الصواب كما يحتمل الخطأ لذلك فلا يجب التعويل عليها لتحقيق الزعامة المنشودة. فنحن بحاجة إذن إلى علم لا يعتريه الخطأ. و هذا العلم لا يمكن أن يصدر إلا عن من لا يخطأ . و بما أننا نعلم أن البشر خطاؤون فلم يبقى لنا سوى خالق هذا البشر الذي يعلم الظاهر و الباطن و هوبكل شيء عليم ، و خالقهم هو الله تعالى الذي أنزل كتبا عديدة عليهم كان آخرها الفرقان كتاب الله تعالى القرآن الكريم و هو يتضمن الرسالة الشاملة و النهائية منه للعالمين . في هذا الكتاب نجد كلام الله الذي لا يوجد فيه الخطأ على الإطلاق فكل ما فيه من أخبار و تشريعات و قوانين تتسم بالدقة العالية. فعلينا أن نفهم أن هدف الله من القرآن الكريم هو مساعدة الإنسان لتنظيم حياته أحسن تنظيم حتى يعيش في أمن و طمأنينة و رخاء و سلام من دون أن يظلم الإنسان أخاه الإنسان فتتحق السعادة المنشودة ، فالله تعالى يحبنا إذ خلقنا و أنعم علينا نعما لا تحصى و يريد منا أن نبادله الحب بالحب ؛ { يحبهم و يحبونه } ، و نسعى لإرضائه بطاعته و اجتناب الظلم و التعدي لتنعم جميع المخلوقات في حب و سلام و سعادة فيرضى من في السماء و يرضى من في الأرض . و في هذا القرآن سيجد الإنسان كل ما يريده بخصوص الحلول اللازمة لكل التحديات و المشاكل و المعيقات التي قد تعترض طريقه . فهذا القرآن فيه ما يزيل الضباب و الظلام ليمنحنا الوضوح و النور المبين ، و يكفي أن نستشهد بهذه الآيات { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا ﴿174﴾ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (175) } (سورة النساء) . على ماذا نبحث إذن أكثر و نحن نستمع إلى هذا الكلام ؟ إنه كلام الخالق الذي خلقنا و خلق كل شيء من حولنا و فوقنا و تحتنا ، يعلم كل كبيرة و صغيرة ، يعلم ما يصلح لنا و ما لا يصلح لنا ، فهو بكل شيء عليم و محيط . يخبرنا في هذه الآيات أن القرآن ، الذي هو البرهان ، جاءنا من الله ، الذي هو ربنا ، فهو كلامه الذي أنزله إلينا فيه نور مبين و رحمة و فضل من الله ، فإذا اعتصمنا به ؛ بتطبيق ما فيه من تشريعات و قوانين ، و اتبعنا ما فيه من أخبار و معلومات فسوف نكون بخير لأن طريقنا سيكون مستقيما لا عوج فيه ، و بالتالي سنحقق كل تطلعاتنا و آمالنا التي نصبو إليها . و نصل الآن لطرح السؤال التالي: ما هو العلم الذي يجب أن يعلمه الإنسان المختار من الله لمسك كرسي القيادة لتسيير و تدبير شؤون عباد الله ؟ هل العلم بكلام الله الخالق أم كلام البشر المخلوقين ؟ و سيكون الجواب على لسان جميع المسلمين لله تعالى جوابا واحد مفاده العلم بكلام الله طبعا ، و قد نجد جوابا آخر غير هذا الجواب على لسان المسلمين لإبليس عدو الله . و نقول عندما يتعلق الأمر بكلام الله الخالق فعلى كلام البشر المخلوقين الالتزام بالصمت . إذن نكون قد توصلنا الآن إلى معرفة بسطة العلم المقصودة . فالمسؤول المختار من الله تعالى يجب أن يتميز بدرجة العلم العالية لكلام الله إذ لا يستطيع أحد أن يغلبه أو يتميز عليه في معرفة بيان القرآن الكريم البيان الصحيح الذي يمكن تنزيله على أرض الواقع الملموس بحيث يستفيد منه الناس لحل كل الإشكالات و إزالة جميع المعيقات و معرفة أجوبة مختلف التساؤلات و تذويب جل الاختلافات التي تنخر جسد المجتمعات الإنسانية . ونظرا للمفاجأة التي قد تصيب الكثيرين بسبب نذرة سماعهم لمثل هذا الكلام الذي نتحدث عنه ، فسنوضح بعد الأمور حتى نزيل اللبس و الغموض الذي قد يكون عند البعض و نجيب بذلك على بعض التساؤلات التي قد تخطر على بالهم . فقد يعتقد البعض أن المسؤول المختار من الله سيكون أحد العلماء أو الشيوخ أو الفقهاء الموجودين إذ يجب علينا أن نبحث على أكثرهم علما لنجعله الزعيم لقيادة سفينتنا إلى بر الأمان . و سنفاجئ هؤلاء مفاجأة غير متوقعة بأن نقول لهم كلا . و هنا سيود الكثيرون التدخل قائلين بلسان رجل واحد : فإذا لم نتوجه إلى هؤلاء الذين تعلموا العلم الشرعي الذي يتصمن القرآن و السنة و تفسيرهما فإلى من سنتوجه يا رجل ؟ و نقول : إن المشكلة التي يعاني منها معظم المسلمين لله و المؤمنين بهذا القرآن هي أنهم لا يتدبرون هذا القرآن جيدا { كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته و ليتذكر أولو الألباب ( 29) } ( سورة ص الآية 29 ) ، إذ يمرون على آياته مرورا سريعا دون تركيز محكم لفهمها كلمة كلمة و لتحليل مضمونها بشكل يتناسب و الواقع المعاش ، فكل ما يفعلونه هو فهم تفسيرات تلك الآيات الموجودة في كتب ألفها مجتهدون مروا قبلهم ، حتى و لو كانت تلك التفسيرات غير مقبولة واقعيا و لا منطقيا و لا إنسانيا . و يتناسى الناس سواء بقصد أو بغير قصد أن من قام بتأليف كتب التراث الإسلامي بشر غير مكلفين من الله تعالى مباشرة لفعل ذلك و لم نسمع على الإطلاق أن أحدهم قال أن الله كلفه و أيده بالعلم للقيام بذلك بل انطلقوا من عند أنفسهم عندما اختلط الحابل بالنابل على المسلمين و صاروا متفرقين و متصارعين و متحاربين أحيانا أخرى . فما قاموا به عبارة عن اجتهاد بشري محض هدفه الوصول لما جاء به خاتم النبيئين عليه الصلاة و السلام بشكل صحيح حتى يتبعوا دين الله الإسلام اتباعا صحيحا . و بما أننا نعلم أن الإجتهادات البشرية يمكن أن تصيب كما أنها يمكن أن تخطئ فإننا نستنتج أن ما وصلنا من كتب التراث الإسلامي عن آبائنا المجتهدين الأولين ليس بالضرورة أن يكون صحيحا بشكل مطلق بل يعتريه الخطأ في كثير من الأمور . و بما أن مسلمي اليوم بمختلف فرقهم يتبعون هذه الكتب الاتباع الأعمى فمن المؤكد أن هناك مجموعة من الضلالات التي لم ينزل بها الله من سلطان موجودة بين المسلمين و معمول بها ، و هذه الضلالات كانت نتيجة الأخطاء التي وقع فيها المجتهدون الأوائل . و ما يؤكد على أن علومهم ظنية يتم استنتاجها انطلاقا من المعطيات المتوفرة لديهم في ذلك الزمان هو استعمالهم مثل هذه الألفاظ أثناء تحليلاتهم و تعليقاتهم : " قيل ، قال فلان ، أرى أن ، الله أعلم "، . بمعنى أن هذه التفسيرات ليست يقينية بل كانوا يعتقدون و يظنون أن ما توصلوا إليه هو الصواب. و يكفي أن نلقي نظرة على تلك التفسيرات التراثية للتأكد من هذا الأمر. و لعل ما يؤيد ما نقوله هو حال المسلمين اليوم المشتتين إلى مجموعة من الفرق بسبب هذه الاجتهاات الظنية ، و كل فرقة تتبع الاجتهاد الذي يناسب هواها . لو كان المسلمون يتبعون ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم بشكل يقيني دون ذرة شك ، ما كان الاختلاف و الاقتتال و التحزب و كل حزب بما لديهم فرحون هو السائد عليهم . من أجل ذلك نستطيع أن نقول من دون شك أو ريب أن صاحب الزيادة في بسطة العلم ليس من الضروري أن يكون من العلماء الذين تعلموا العلوم الشرعية البشرية الاجتهادية التي يعتريها الصواب و الخطأ بل يمكننا أن نجزم أنه لا يمكن أن ينتمي إليهم لأنه سيتكلم بنفس لسانهم إذا كان كذلك و سينقل لنا علوما بصحيحها و خطئها و بذلك لا يمكن أن يصلح للقيادة . كما أننا سنجد عددا كبيرا من العلماء على نفس المستوى من العلم لأنهم تعلموا في نفس المدارس و بذلك سيكون لهم نفس الحلول للمشاكل المطروحة فقد شربوا العلم من نفس الإناء . و ما يجب علينا أن نفهمه هو أن الإنسان الذي يصلح للقيادة لا يجب أن يكون علمه يحتمل الخطأ حتى لا يضللنا عن الطريق المستقيم و بالتالي لن يوصل سفينتنا إلى بر الأمان . و هنا سيطرح الجميع هذا السؤال : من هو هذا الإنسان الذي لا يقبل علمه الخطأ ؟ من أجل ذلك نعود إلى قصة اصطفاء طالوت على بني إسرائيل و دعونا نركز في مسألة العلم الذي يوجد عند بطل قصتنا طالوت عليه السلام { و زاده بسطة في العلم } ، و لنطرح هذا السؤال : من الذي زاد طالوت بسطة العلم التي يمتلكها ؟ في هذه اللحظات سنجد بعض الأدمغة بدأت تشتغل لتلاحظ و تبصر بشيء لم تبصره من قبل و هو أن الله هو الذي زاد طالوت تلك البسطة في العلم لذلك كان متميزا عليهم و لم يكن يرتكب الأخطاء التي كان يقع فيها علماء عصره الذين تعلموا على يد بشر أمثالهم . إذن بسطة العلم التي نتحدث عنها يعلمها الله للعبد الذي يختاره لمنصب المسؤولية مباشرة دون أن يحتاج إلى علوم بشرية اجتهادية . و بذلك يكون هذا العبد مؤيدا من الله إذ يلقي في قلبه مباشرة دون واسطة التفسير و البيان الصحيح للقرآن الكريم و يدله على الآيات التي تبين حلول المشاكل المطروحة على الناس فيعلم ما يجب القيام به ، و بذلك يكون متميزا و مسيطرا على غيره من العلماء مهما درسوا و حفظوا من العلوم البشرية . و نخلص إلى أن تحمل المسؤولية يكون بناء على بسطة العلم التي يزيدها الله للإنسان الذي يختاره الله لهذه المهمة حتى يقود الناس أحسن قيادة دون أخطاء يرتكبها غيره ، ممن لم يزدهم الله تلك البسطة العلمية و وصلوا إلى مراكز القيادة عن طريق الانتخابات أو القوة أو الخضاع . فيكون حال العباد و البلاد غير مطمئن و ليس على ما يرام كما هو الحال عليه الآن . و نصل الآن لنستخلص ما إذا كان علينا أن نشارك أو نقاطع هذه الانتخابات التي نعلم مسبقا أن الهدف منها هو اختيار المسؤولين لتسيير شؤون البلاد و تحقيق مصالح العباد . و بما أننا برهنا على أن الاختيار لهؤلاء المسؤولين ليس من حق الناس و لا الملائكة و لا أي أحد من مخلوقات الله جمعاء بل هو حصريا حق الله تعالى الذي يعلم الأصلح لتحمل المسؤولية ، فإن قيام الناس بعملية الاختيار للمسؤولين عن طريق الانتخابات يعتبر تجرؤ على الله تعالى سببه الظلم الذي يتميز به الإنسان و الجهل بالقوانين التي وضعها الله لهذا العالم الذي نعيش فيه . و المشكلة التي جعلت من الانسان يكون ظالما و جاهلا هو عدم استخدامه للعقل قبل أن يقوم بأي فعل من الأفعال و يكتفي بالاتباع الأعمى لما وجد عليه آباءه الأولين : { و إذا قيب لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا و لا يهتدون ( 170) } ( سورة البقرة الآية 170 ) . فإذا كان هذا الاتباع الأعمى للتراث الاسلامي الناتج عن اجتهادات الأولين متفشيا في مجتمعاتنا الاسلامية ،فإن هذا الاتباع الأعمى حاضر أيضا لما يتوصل إليه الغرب من مفاهيم و قوانين . و كأننا لسنا بشرا مثلهم نمتلك عقولا و مكتوب علينا الاتباع بل يمكننا القول تقديس الأولين و الغرب على حد سواء . فألم يكن جديرا بنا أن نتساءل ما إذا كانت هذه الانتخابات هي الطريقة الصحيحة لاختيار المسؤولين ؟ أم أن انبهارنا بظاهر العالم الغربي جعلنا نتبعهم من دون أن نفكرما إذا كان ما سنتبعه هو الصواب أم لا ؟ فلماذا لم نعر اهتماما بحرص المنظمات الغربية على وجود الديمقراطية و الانتخابات في دولنا ؟ هل حبا فينا أو لسواد عيوننا ؟ إذا كانوا يحرصون على مصالحنا حقا ما استعمرونا ، و هم لايزالون يستغلوننا و يحاصروننا ثقافيا و اقتصاديا . فعلينا أن نفهم أن تقدمهم لم يتم عن طريق الانتخابات كما يظهر لنا شكلا بل عن طريق العلم و تحمل المسؤولية من طرف الكفاءات و وجود منظومة تقدر العلم و العلوم . فالطامة الكبرى عندنا هي أننا نقول ما لا نفعل ؛ نقول أننا مسلمون لله تعالى و أما الفعل فنقوم بتسليم أمورنا للغرب و لآبائنا الأولين .فإذا كنا مسلمون لله تعالى حقا كان علينا قبل أن نسلك طريق الانتخابات أن نتساءل عن ما إذا كان ديننا الاسلامي يقول لنا بأن الانتخابات هي الطريقة التي اختارها لنا الله تعالى لنصطفي بها مسؤولينا . لكننا للأسف لم نفعل ، و سلكنا طريقا مخالفا لطريق الله المستقيم فوقعنا في عدة مشاكل و معوقات جعلت من حياتنا صعبة و بائسة . و لن نتقدم أبدا حتى نترك هذا الطريق المعوج و نتبع الطريق المستقيم الذي سيوصل سفينتنا إلى مكان آمن . و لا داعي لإعادة ذكر مساوئ الانتخابات فهي مشاهدة من طرف الجميع اللهم الذين يغضون الطرف عنها ، فباختصار شديد نقول أن معترك السياسة و الانتخابات مكان لتصادم المصالح الخاصة و مرتع للفساد و الإفساد بشتى أنواعه و بؤرة للصراعات الحزبية الضيقة . فلا مجال للصدق و لا للعمل من أجل الصالح العام بشكل حر و نزيه بعيدا عن الحسابات الحزبية . و سيود الكثير من الناس القول : نحن نريد أن نتبع الطريق المستقيم و نريد أن نعرف ماذا يجب علينا أن نفعل إذا تركنا هذه الانتخابات كطريقة لاختيار المسؤولين فاشرح لنا قليلا من فضلك . و نقول إن الفضل لله تعالى و هو موجود بيننا ، لكننا تركناه و صرنا نلهت وراء غيره فكان حالنا ما نحن عليه اليوم . و نؤكد لكم أن القرآن الكريم نعمة كبيرة من الله تعالى للعالمين فيه نجد ما نحتاجه في كل أمور حياتنا . و دعونا الآن نلخص الموضوع حتى تصير الصورة أكثر وضوحا . أول شيء وجب علينا فعله هو ترك الانتخابات فليست هي الطريقة التي نختار بها المسؤولين فعن طريقها يصل أشخاص لا يصلحون لتحمل المسؤولية . و سيتم اختيار المسؤولين عن طريق معيار العلم و بالتالي فإن الاختيار لن يكون في يد الناس بل في يد الله تعالى فمن أراده الله تعالى أن يختاره لتحمل المسؤولية سيزيده بسطة في العلم ليتميز بها عن غيره أثناء الاختبارات و الامتحانات التي سيجتازونها . و لا مجال للغش أبدا لأننا سنضعهم أمام مسائل تتعلق بتسيير الشأن العام خاصة المشاكل الموجودة لنرى الحلول المطروحة من قبلهم و كيف يبرهنون عليها علميا من القرآن بشكل يتوافق مع الواقع و المنطق . و بذلك سنضع حدا لكل المفسدين عن طريق الانتخابات ، و لن يترشح للتنافس على مقاعد المسؤولية سوى أصحاب الكفاءات العلمية . و سنطمئن على سفينتنا التي يقودها علماء صالحون مصطافون من الله تعالى و سيكون مصيرنا من دون شك التقدم و الرقي و النماء . و لا يعني كلامنا هذا أننا مع المقاطعين للانتخابات ، كلا فهم أيضا يؤمنون بعملية الانتخابات لكن سبب مقاطعتهم الآن هو اجراءها في الظروف الراهنة التي توجد عليها بلداننا . و الآن يمكننا أن نجيب على التساؤل الذي وضعناه في موضوعنا : هل نقاطع الانتخابات أو لا نقاطعها ؟ إن مقاطعة الانتخابات هي أضعف الايمان في انتظار إزالة هذه المنظومة الانتخابية الفاسدة و القطع معها نهائيا و المشاركة فيها تجرؤ على الله ومعصية كبرى علينا تجنبها . و لابد من وضع بديل لها متمثل في منظومة إلهية صالحة أساسها العلم من أجل تحقيق ما نصبو إليه جميعا ، و شرح هذه المنظومة يحتاج إلى موضوع مستقل سنتطرق إليه مستقبلا إن شاء الله تعالى .