هل فعلا فرنسا بلد الحريات ؟ هذا السؤال طرحته على نفسي قبل ان أشاركه مع القراء الكرام عندما علمت ان كتاب ساركوزي اسرائيل واليهود للصحفي والمؤرخ الفرنسي المميز paul –eric blanrue قد تعرض للتضييق وحصار اعلامي في طبعه وتداوله في فرنسا واضطر معه الكاتب الى التوجه الى بلجيكا لطبعه وفي ندوة صحفية لتقديمه للقراء الفرنسيين تمت مقاطعتها ولم يحضر فيها سوى صحافيان, فما خطورة هذا الكتاب على الفرنسيين حتى يتخذ ضده كل هذه الاجراءات ؟ في كلمة تقديمية للناشر ماركو بيتور تحدث عن الصعوبات التي واجهته عندما اراد طبع الكتاب ومنها رفض زوجته خوفا عليه بطبيعة الحال من ردود الافعال التي ستلي نشره الكتاب ، لكنه اصر واعتبر نشر الكتاب من صميم البحث عن الحقيقة التاريخية ومتوافق مع قيمه وقناعاته بأن قوة الحجة العلمية والتاريخية للكتاب لا ثتنيه عن استعمال حجة القوة في منع تداوله بين صفوف الشعب الفرنسي خاصة والاوروبي عامة . عنوان الكتاب مستوحى من عنوان كتاب سابق للباحث الفرنسي رايمون ارون : دغول اسرائيل واليهود ويهدف الكتاب الى توعية الفرنسيين كما يقول الكاتب بخطورة الخلط بين معاداة السامية وهو موقف مرفوض ومدان ومعاداة الصهيونية كحركة سياسية معادية لقيم الحرية واستقلال الشعوب ، الكتاب يوثق بالتواريخ والاسماءو الاحداث التي تدل على ان الدولة الفرنسية في عهد ساركوزي كانت مخترقة من اللوبي الصهيوني التي اصبح يؤثر بشكل كبير على الانتخابات الفرنسية ، صحيح ان الجالية اليهودية في فرنسا هي الثالثة عالميا ، لكن ليس كل اليهود في فرنسا متفقين مع الحركات الصهيونية ومع اسرائيل ، يطرح الكتاب اشكالية كبيرة وهي ازدواجية انتماء بعض اليهود الفرنسيين ،فهم فرنسيو الجنسية ولكن ولائهم لاسرائيل اكبر واوضح ، الى حدود ان السياسة الاسرائيلية تهمهم اكثر ما تهمهم السياسة الفرنسية ، كما يحمل الكتاب حقائق خطيرة ومنها ان نقاش العلاقات الفرنسية الاسرائلية طابو وسر من اسرار الدولة التي عليها اجماع داخلي مفروض وكل من تجرأ على خرقه يتابع بتهم معاداة السامية او انكار المحرقة التي تعرض لها اليهود في مرحلة مظلمة من تاريخ اوروبا ، الكتاب يحمل مفاجأة كبيرة عندما يتحدث عن تجنيد محتمل للموساد الاسرائيلي للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي منذ عهد حكومة مناحيم بيكين الاسرائيلية في نهاية السبعينات وعملية التجنيد تكلف بها العميل الاسرائيلي رفائيل ايتان ، الكتاب جدير بالقراءة للتنقيب في حفريات المعرفة السياسية التاريخية الفرنسية ويطرح من التساؤلات الشئ الذي يجعل الباحث عن الحقائق السياسية في العلاقات الفرنسية الاسرائيلية يضيف الى اهتماماته اسئلة كبرى ويفتح معه اوراش بحثية كبرى ، قد نتفق مع جزء كبير من الكتاب او جزء يسير ولكن المهم هو ان يتداول الكتاب ليفتح نقاشا عموميا ويضيء بعض جوانب العتمة في العلاقات الدولية.