نقول في عاميتنا المغربية "مرة بميات رجل" أي امرأة تساوي مائة رجل، ويقال أيضا "امرأة بألف رجل"، وكلا القولين يصحان في حالة نساء بلدة بني تجيت، اللواتي أثبتن في معركتهن التي يقدنها دفاعا عن أبنائهن وإخوانهن المعتقلين على خلفية مطالبتهم بشغل وعيش كريم. نساء بني تجيت البلدة التي تنتمي إلى ما يعرف بالمغرب المنسي، و التي هناك مجموعة من المغاربة لا يعرفون موقعها الجغرافي، ولم يسبق لهم السماع عنها؛ هاته البلدة التي تنتمي إلى الجنوب الشرقي من بلادنا وعدد سكانها لا يتجاوز 17000 نسمة، وسمتها الأساسية الفقر والهشاشة. بني تجيت؛ بلدة استطاعت أن تنتج شبابا/ت ولجوا/ن الجامعات وشاركوا في دينامياتها النضالية، وحصلوا على شواهد ومستويات تعليمية عالية، فرجعوا إلى بلدتهم الصغيرة والمنسية "بخفي حنين"، دون شغل أو ما يضمن حقهم وحق أسرهم في العيش الكريم؛ فما وجدوا بدا غير حناجرهم لعلها تجد صدى وتنتج ما يضمن هذا الحق. لكن؛ وكما غيرهم من الحناجر التي خرجت تنادي بجامعة و مستشفى وبديل اقتصادي في الريف وجرادة…، لم يجدوا سوى رد جاهز ووحيد : مقاربة أمنية صرفة، وزنزانة لكل الصارخين، حتى أوشكنا نوقن أن بلدنا الحبيب حوله بعض المغامرون إلى سجن كبير لكل من سولت له نفسه أن يقول "اللهم إن هذا منكر"، لكل من أعاد طرح السؤال "أين الثروة؟؟"، لكل من قال لن نرضى بغير مغرب تصان فيه الحقوق وتحترم فيه الحريات، وتكون كرامة مواطنيه/ته وحريتهم أقدس المقدسات. نساء بني تجيت أثبتوا بمعركتهن الأخيرة والتي لم أجد لها من عنوان أو شعار مكثف غير قول : "الكرامة تستوجب المبيت في العراء"؛ فمشيهن لعشرات الكيلومترات وصمودهن في العراء وتحت الحصار، وفي لحظات لم يتمكنوا فيها حتى من شربة ماء، يثبت أن أبناءهم ولدوا من أرحام مشبعة بالحرية والكرامة، التي لا تقبل أي تنازل أو مساومة. اليوم، وفي ظل كل هاته الأجواء المكسوة بالعتمة والمسدودة الآفاق، شباب الريف وجرادة وبني تجيت خلف السجون، صحفيون يتابعون بتهم ليست هي الأصل وإنما أقلامهم المزعجة لزمرة المغامرين…، أعيد طرح السؤال "فين غاديين بينا؟؟"، فما هكذا تورد الإبل يا قوم. اليوم أخاطب زمرة المغامرين، إياكم والانتشاء بمرحلة يمكن أن تحسبوها غرورا لصالحكم، فدوام الحال من المحال، وأنه لا يصح إلا الصحيح وهو كالتالي : تدعيم ركائز الديمقراطية وصيانة الحقوق والحريات، الكف عن طيش الجلاد ومغامراته، صيانة كرامة المواطنين وتقديس عيشهم الكريم، إقامة دولة الحق والقانون ليس شعارا وإنما ممارسة، تصفية الأجواء السياسية وتنفيس الاحتقان، حتى لا يأتي زمان نقول فيه يا ليته كان..والسلام.