استطاع الملك الراحل الحسن الثاني بهمة وذكاء وحنكة، في مقاومة المستعمر بأسلوب سلمي، أن يحمل عزيمة شعب مغوار اتجه بمئات الآلاف نحو الأقاليم الجنوبية لتحرير أراضي الصحراء المغتصبة من قبل المستعمر الاسباني في 1975. ويخلد المغاربة اليوم الأربعاء 16 أكتوبر، الذكرى 44 لإعلان الملك الراحل الحسن الثاني عن ملحمة وطنية شارك فيها المغاربة بعزم وسلم، لتكون الفصل في استرجاع الأقاليم الجنوبية من قبضة المستعمر، ليتحقق استكمال للوحدة الترابية للمغرب. واعتبر باحثون في قضية الصحراء المغربية، أنها كانت أطول الخلافات الترابية التي عرفها التاريخ الحديث، وذلك لتداخل خيوط أطراف الصراع فيها، ونوعية العداء والتصدي لحق المغرب التاريخي في صحرائه. و يفيد الباحثون أن الصراع على الصحراء المغربية انطلق منذ الستينات من القرن الماضي، حين طالب المغرب باستعادة صحرائه مباشرة بعد نيل استقلاله، لكن السلطات الاستعمارية الاسبانية رفضت تسليم إقليم الصحراء إلى المغرب بعد تخليها عن إقليم طرفاية في 1958، وإقليمسيدي إفني في سنة 1969، مع إبقائها على احتلال مدينتي سبتة ومليلية بشمال المغرب. وكان هدفها من ذلك هو التخطيط، لإنشاء حكومة محلية تحت وصاية وسيطرة إسبانية، وللوصول إلى ذلك، أعلنت بشكل أحادي في غشت من سنة 1974 عن قرارها بتنظيم استفتاء في الصحراء خلال النصف الأول من سنة 1975. ليرد المغرب على هذه الخطوة بالرفض القاطع، تلاها إرسال الملك الراحل الحسن الثاني، لرسالة إلى الرئيس الإسباني، يؤكد له فيها قلق المغرب وعزمه على معارضة هذه الخطوة الانفرادية، لكونها لا تتطابق مع مضمون قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي الوقت نفسه، أرسل الملك الحسن الثاني مبعوثين ملكيين إلى العديد من العواصم الدولية الكبرى لعرض وجهة النظر المغربية من قضية الصحراء، إضافة إلى عرض الملك الحسن الثاني لقضية الصحراء على أنظار محكمة العدل الدولية من أجل تحديد الوضع القانوني للإقليم. وتقدم المغرب في 18شتنبر 1974 ، بطلب استشاري إلى محكمة العدل الدولية بعد مطالبته للجمعية العامة بإيقاف كل عملية تتعلق بإجراء استفتاء في الصحراء إلى غاية معرفة رأي محكمة العدل الدولية في القضية. وتبعا لهذا الطلب أصدرت الجمعية العامة قرارها رقم 3292 بتاريخ 13ديسمبر 1974، طلبت فيه من محكمة العدل الدولية إصدار رأي استشاري حول الصحراء. وفي 16 أكتوبر 1975، أصدرت المحكمة رأيها الاستشاري حول الصحراء، معتبرة بأن الصحراء كان لها مالك قبل استعمارها من قبل إسبانيا، ووجود روابط قانونية وولاء وبيعة، بين سلاطين المغرب والقبائل التي تقيم بها. وبعد اعتراف محكمة العدل بالحقوق التاريخية للمغرب في صحرائه، أعلن الملك الحسن الثاني، في 6 نونببر 1975، عن تنظيم مسيرة سلمية خضراء نحو الصحراء بمشاركة 350ألف مواطن، وهو حدث فرض على الحكومة الاسبانية، مواجهة وضع جديد لم تكن تتوقعه، مما دفعها إلى القبول بالتفاوض مع المغرب في قضية صحرائه، في قمة ثلاثية بمدريد جمعت المغرب واسبانيا وموريتانيا، توجت بالتوقيع على اتفاقية مدريد بتاريخ 14 نوفمبر 1975، يتم بموجبها إدارة ثلاثية للصحراء لفترة انتقالية لمدة ثلاثة أشهر، يليها انسحاب اسبانيا. ورغم المعارضة القوية للجزائر وتسمية رئيسها الراحل الهواري بومديين للمسيرة الخضراء بالمسيرة « السوداء »، لم يضعف موقف المغرب الذي عمل جاهدا من أجل استكمال استقلاله، لتخلص المفاوضات بين المغرب وإسبانيا إلى إجلاء القوات الاسبانية من الصحراء المغربية في فبراير من سنة 1976.