افتتحت، مساء أمس السبت بالقصر البلدي بمكناس، فعاليات الدورة الأولى لمهرجان مكناس الدولي للسينما العربية، بحضور فنانين وشخصيات من عالم الثقافة والإعلام. وتم خلال افتتاح هذه التظاهرة السينمائية، التي تنظم من 14 إلى 21 يونيو الجاري، تحت شعار « الثقافة السينمائية حق للجميع »، تكريم الفنان المغربي محمد مفتاح، والجزائري سيد أحمد أكومي، والسنما المصرية، ضيف شرف الدورة، ممثلة بالممثلة بوسي ومحمود قابيل وعمرو سعد، وذلك اعترافا بإسهامهم اللافت في النهوض بالسينما العربية والمغاربية. وخلال هذا الموعد الفني، الذي يعد أول تظاهرة ثقافية دولية تعنى بالسينما العربية عبر تنظيم هذه التظاهرة، التي تعالج قضايا وإشكالات الدول العربية من زوايا فنية وإبداعية، يلتئم بمكناس سينمائيون مغاربة وأجانب لجعل العاصمة الإسماعيلية عاصمة للسينما العربية وفضاء للحوار والتبادل الثقافي. وقال رئيس مجلس عمالة مكناس، التهامي اللحكي، في كلمة بالمناسبة، إن هذه التظاهرة السينمائية تروم خلق جسر للتواصل بين صناع السينما والدراما العربية والمغربية، مشيرا إلى أن الفن يضطلع بدور في المجتمع من خلال الرقي بالذوق والإحساس بالجمال، وإعلاء قيم الأخلاق والفضيلة والعلم والعمل الجاد وحب الوطن والدفاع عنه وغيرها من القيم الوطنية. وأضاف أن هذا المهرجان هو مناسبة للتأكيد على أن دور الفنان يجب أن يكون دائما عنصرا إيحابيا مؤثرا يرتقي بهذه القيم إلى الأعلى، وقيادة المجتمع إلى التزكي الثقافي والترقي الحضاري على وجه العموم، لا سيما أن الفنانين في كافة مجالات الإبداع يشكلون صفوة المجتمع، ويحظون بإعجاب خاص من عموم الناس. وذكر المتحدث أن مهرجان مكناس الدولي للفيلم العربي يجسد القيم المغربية الأصيلة، ومكانة المملكة كأرض للتلاقي والمحبة والسلام، مشيرا إلى أن تكريم فنانين من مختلف الدول العربية، بما فيها تونس والجزائر، هي رسالة من المغرب توحي بأن أبناء الوطن العربي أشقاء، وبأن الفن لا تفرقه حدود. من جهته، قال مدير المهرجان، إدريس الروخ، في كلمة مماثلة، إن التفكير في خلق هذه التظاهرة الثقافية يروم جعل العاصمة الإسماعيلية قبلة للفن والفنانين من مختلف الأجناس، وأرضية للنقاش الجاد حول مستقبل السينما ليس فقط في المغرب ولكن في العالم العربي. وأشار إلى أن المهرجان يؤسس لمفهوم الانفتاح على الإنتاجات السينمائية العربية ذات الجودة في كل حقول الإبداع السينمائي، على مستوى السيناريو والتشخيص والصورة والإخراج، من أجل الابتعاد عن المألوف من الأعمال المستهلكة والتجارية، مبرزا أن المهرجان يستطيع أن يخلق نقاشا جادا وجديا حول ماهية السينما بشكل خاص وماهية الثقافة بشكل عام. وأضاف إدريس الروخ أن هذا الحدث السينمائي مناسبة لتسليط الضوء على الكثير من القضايا الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، التي تشغل المواطن المغربي والعربي، مشيرا إلى أن المهرجان يطمح إلى أن يصبح محجا وموعدا سنويا للفرجة السينمائية بأشكالها المتعددة، من خلال أفلام بأبعاد إنسانية تعيد إلى الزمن الجميل، حيث السينما كانت حدثا استثنائيا يربي الجماهير على مبادئ الحياة في كل أبعادها الجمالية. من جانبها أكدت المديرة الشرفية للمهرجان، ثريا جبران، أن فكرة مهرجان دولي حول السينما العربية تنبثق من وعي عميق بالتحولات التي تشهدها الساحة السينمائية العربية، من حيث اتساع آفاقها وتنوع أجيالها وتوجهاتها وتجاربها ومرجعياتها، وكذا ما باتت تعرفه الممارسة السينمائية في المملكة المغربية من نضج وعمق وتجذر، وما أصبحت تحققه من نجاحات تعود في جانب منها إلى حوارها الخصب مع المدارس السينمائية في العالم. وأضافت جبران أن التراكم القوي والغني الذي حققته السينما العربية في العقود الأخيرة، داخل الوطن العربي وفي العالم، يدعو إلى التفكير في مهرجان سينمائي يحتفي بالفيلم العربي برؤية دولية وبروح مغربية، مشيرة إلى أن الاحتفاء بالسينما المصرية كضيف شرف المهرجان في دورته الأولى هو اعتراف بمكانتها في الساحة السينمائية العربية. من جهة أخرى، أبرز رئيس المهرجان، حسن الروخ، أن المهرجان يساهم في ترسيخ الثقافة السينمائية داخل الإقليم والجهة خاصة والوطن عموما، كما يهدف إلى الرفع من المستوى الإبداعي والسينمائي بالمنطقة، مشيرا إلى أن هذه الدورة الأولى تراهن على تكوين أجيال صاعدة من الشباب تحب السينما والإبداع والفن، وذلك من خلال ورشات وندوات وموائد مستديرة يؤطرها خبراء في الفن والسينما. وأضاف أن هذه التظاهرة الثقافية، التي تشكل مناسبة للجمهور وعشاق الفن السابع لاكتشاف أفلام عربية جديدة تناقش وتعالج مختلف القضايا العربية والاحتفاء بالسينما العربية، تطمح أيضا إلى خلق سوق عربية للفيلم العربي لطرحها وخلق نقاش عميق لمستقبل السينما العربية بين المنتجين والمخرجين والمبدعين العرب. وأبرز أن المهرجان يكتسي أهمية كبيرة في إبراز المنطقة والجهة والتعريف بالإنتاج السينمائي المحلي والوطني والعالمي، كما يساهم كحدث ثقافي وسياحي وفني سنوي، على غرار المهرجانات الدولية التي تنظم بمختلف البلدان العربية، في التنمية الاقتصادية والثقافية بالمنطقة. وتم، خلال هذه الفعاليات، تقديم لجنة تحكيم المسابقة الرسمية لمهرجان مكناس الدولي للسينما العربية، والتي تتكون من المخرج البحريني بسان محمد الذاودي (رئيسا)، إلى جانب عضوية كل من المخرجة الجزائرية مونى بوعلام، والفلسطيني نصري حجاج، والمغربية فاطمة خير، وقاسم السليمي من سلطنة عمان. وتتنافس 10 أفلام طويلة على الظفر بجوائز هذه المسابقة الرسمية. ويتعلق الأمر بفيلم « نذيرة » للمخرج المغربي كمال كمال، و »ليل خارجي » للمصري أحمد عبد الله، و »ولادة » للمخرج عبد الله حسن أحمد من الإمارات العربية المتحدة، و »شيطان القابلة » للمخرج التونسي معز كمون، و »تورن » من إخراح العراقي نوزاد شيخاني، و »أمينة » للمخرج السوري أيمن زيدان، و »طفح الكيل » للمخرج المغربي محسن البصري، و »دم الذئاب » للمخرج الجزائري عمار سي فضيل، و »يوم ببيروت » للمخرج اللبناني نديم تابت، و »سرب الحمام » للمخرج الكويتي رمضان خسروه. ويقترح المهرجان على جمهوره باقة مختارة من الأفلام المصرية في « بانوراما الأفلام المصرية »، ومجموعة من الأعمال السينمائية المغربية في « بانوراما الأفلام المغربية »، فضلا عن ورشات حول تجربة الموسيقى التصويرية، وتجربة الأفلام المقتبسة، وسيناريو الفيلم السينمائي الروائي، وإدارة الصورة للفيلم السينمائي القصير، والفيلم الوثائقي، وندوات حول قضايا تهم، بالأساس، آفاق الإنتاجات العربية وسؤال الهوية في السينما العربية.