لازال مشروع القانون 13_103 الذي صودق عليه في مجلس النواب وينتظر المصادقة بمجلس المستشارين، يجابه مرافعة الحقوقيين والحقوقيات من أجل تغييره، لأن الحركة النسائية الحقوقية تعتبر أنه لم يرقى إلى مستوى الدستور الذي نص على المساواة في كافة الميادين، ونص على المناصفة وخلق آلية للمناصفة التي لازال مشروعها قيد المناقشة. يرى القاضي عبد الله الكرجي، وعضو المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب، أن القانون يتدخل دائما من أجل حماية الطرف الضعيف، والمرأة عبر التاريخ كانت ضحية الذكورية والظلم عبر العالم، وضحية لأبشع الجرائم التي جرمتها كل الديانات « الإغتصاب »، بالنظر لما تتركه من معاناة نفسية واجتماعية، كما تنجم عنها جرائم أخرى كالقتل والانتحار. وتطرق القاضي خلال مداخلة له بندوة نظمتها فدرالية رابطة حقوق النساء، قبل قليل بالرباط، إلى أهم الإشكاليات المتعلقة بالاغتصاب، بداية بإشكالية « الإثبات » أي إقامة الدليل على وقوع فعل، مشيرا إلى أن هذه الجريمة يصعب إثباتها لأنها تقع في محيط مغلق، والجاني يترصد ضحيته وينفرد بها، وما يزيد من صعوبة الأمر، أن الإعتراف لم يعد سيد الأدلة، مشددا على أنه يجب إيجاد نظام إثبات علمي، وتفعيل مسألة القرائن، لأن القرينة هي الواقعة المعلومة التي يستقي منها القاضي واقعة مجهولة، لأن القرينة لا تكذب وإن كذب الجاني. كما حث الأكاديمي على ضرورة أن تكون لجرائم الاغتصاب ضابطة قضائية خبيرة ومختلفة، لتتعامل مع الضحية على المستوى النفسي قبل القانوني. « دائما أستدل بقرار نهلت منه في إحدى الملفات، وهو قرار القضاء الإسباني، وهو يثبت عنفا ضد الزوجة اعتمد مجرد القرائن، من بينها أن الضحية ذهبت بسرعة للضابطة فعاينت أثر العنف، وتم الاستماع للجيران، وأمام إنكار الجاني قال القاضي هذا يعد استخفافا بالقضاء ». يضيف الكرجي. ثم هناك إشكال التكييف، وضرب القاضي مثالا بالمادة المادة 114 من القانون الجنائي، التي تعتبر « المحاولة » أن يأتي الشخص أفعالا تهدف مباشرة إلى ارتكاب الجريمة، مبرزا أنه على القانون أن يضيف مسألة « البدأ في التنفيذ »، أي أن يأتي الفاعل أفعالا تدخل ضمن التكوين المادي للجريمة. وفي حديثه عن مسألة الرضى، قال القاضي، في مجتمع كالمغرب يمكن لزميل أن يستضيف زميلته لحفل ويقع بينها استلطاف قد يصل إلى قبلات وغير ذلك، لكن حين يصلان إلى ممارسة العملية الجنسية وترفضها المرأة، ويقوم بإجبارها فها يعد اغتصابا، أي ففعل الرضى لا يستشف من عبارة « هي لي مشات معاه »، لكن من اللحظة التي وقع فيه الفعل. كما أشار المتحدث إلى مفهوم المواقعة، الذي يعرفه القانون بالممارسة الجنسية العادية، « أتذكر ملفا عن امرآة توسلت لسائق هوندا عدم اغتصابها فأجبرها على ممارسة الجنس عبر الفم، وهذه الحالة تعتبر اغتصابا، وجريمة وليس مجرد جنحة. وضرب القاضي مثالا لملفات مؤلمة لا تسعف النصوص القانونية في معالجتها قضائيا، « حضر أحدهم إلى نعي طفلة ونبش قبرها، وظل الليلة بأكملها يشرب الخمر ويمارس الجنس عليها من القبل والدبر » واعتبر أن ممارسة الجنس مع امرأة ميتة يعد اغتصابا، لكن الفصل القانوني ضعيف في هذا الشأن. وخلص المتحدث إلى أن الجهاز القضائي يبدل جهدا في تقدير العقوبات « حاولنا داخل المداولة أن نضع معايير للعقوبة لأن اغتصاب راشد ليس هو اغتصاب قاصر، واغتصاب رضيعة ليس هو اغتصاب راشدة، كما أنه إذا كانت العلاقة عبارة عن خطوبة ووقع اغتصاب فالمشرع هنا يحاول دائما اللجوء لنوع من التكييف لصالح الأسرة ».