حزب العدالة والتنمية الذي اكتسح أول انتخابات تشريعية بعد فترة ما يطلق عليه "بالربيع العربي"، لا يتحكم وزراؤه إلا بسبعة في المائة من الميزانية التي طرحتها حكومة الإسلامي بنكيران للنقاش في البرلمان المغربي. هذا ما أظهرته الأرقام التي قامت اذاعة هنا أمستردام بمقارنتها بالنتائج التي حصل عليها الحزب في الانتخابات. وتبين الأرقام هيمنة الوزراء التكنوقراط على أهم الوزارات، بحيث يتحكمون بنسبة 51.6 % متبوعين بحزب التجمع الوطني للأحرار بنسبة 33.84 ٪. أنا أصوت هو يسير من نسبة 45 % التي اتجهت الى مكاتب الاقتراع يوم 25 نونبر 2011 صوت 27 % لضالح العدالة والتنمية ذي التوجه الإسلامي ليحصل على 107 مقعد. وتعتبر هذه النتيجة اكتساحا للمشهد السياسي بالنظرا لطبيعة التقطيع الانتخابي الذي يشتت المقاعد بين الأحزاب حتى لا يستحوذ أي حزب على الأغلبية المطلقة، ويدفع الفاذز إلى عقد تحالفات. وهذا ما كان، حيث عُين بنكيران رئيسا للحكومة التي لم تصمد في وجه الصراعات الداخلية لخضع لتعديل مثير للجدل في أقل من سنتين. وقد اضطر الحزب الحاكم للتحالف مع حزب التجمع الوطني للأحرار الذي ظفر بأهم الوزارات في النسخة الثانية كوزارة الاقتصاد ووزارة الخارجية. ورجعت وزارة الداخلية الى أيدي التكنوقراط في تقليد اعتقد المغاربة أنه انقرض. وتظهر تشكيلة الحكومة الجديدة تناقضا عما عبر عنه المغاربة من خلال الصناديق، حيث إن الحزب الذي فاز في الانتخابات مهمش على مستوى التسيير والتحكم في موازنة الدولة الجديدة.
من يحكم من؟ يستحوذ التكنوقراط أو اللامنتمون على 51.63 % من الميزانية. تأتي وزارة التعليم التي أسندت لشخصية غير حزبية وقريبة من القصر على رأس القائمة متبوعة بمديرية الدفاع الوطني ووزارة الداخلية. ويأتي حزب التجمع الوطني للأحرار الذي حصل على المرتبة الرابعة في الانتخابات في المرتبة الثانية ب 33.84 % من ميزانية 2014 حيث يتحكم في وزارة الاقتصاد التي خصصت لها أكبر ميزانية. بينما لا يتحكم حزب العدالة والتنمية إلا في 7.64 % من الميزانية ويغيب عن تسيير الوزارات الخمس الكبرى من حيث الميزانية. أكبر ميزانية يتحكم فيها وزير ينتمي الى "الفائز" في الانتخابات هي وزارة التعليم العالي وتأتي في الرتبة السادسة متبوعة بوزارة العدل والحريات. أرقام غريبة رغم التقليص في الميزانية المخصصة للملك بالمقارنة مع السنة الماضية، فإن ميزانية القصر تفوق وزارة التجهيز والنقل. وجاءت المندوبية السامية للمقاومة وجيش التحرير في المرتبة الثامنة متقدمة على وزارة الفلاحة ووزارة الأوقاف وزرارة الخارجية. وتبلغ هذه الميزانية 2.785.395.00. وهنا يحق التساؤل: كيف لهذه المؤسسة أن تحضي بمصادر مالية مهمة علما ان المغرب حصل على استقلاله سنة 1956 وأن غالبية أعضاء جيش التحرير والمقاومة قد انتقلوا لدار البقاء؟ حزب الحركة الشعبية المشارك في الإتلاف الحاكم خرج خاوي الوفاض تقريبا من موازنة 2014 إذ لا يتحكم وزراؤه إلا في 0.75 % من مجموع موازنة 2014.