وأنت تتجول عبر ربوع المغرب العزيز تصادف في كل مدينة مدينتين مختلفتين مدينة راقية نظيفة تخال نفسك وأنت فيها أنك لست في المغرب ومدينة مليئة بالأوساخ والقاذورات طرقها محفرة أشجارها مقتلعة تعيدك إلى الواقع المغربي وأنك تعيش داخل إحدى دول العالم الثالث، ولكن مالفرق بين المدينتين أو بين الجزأين من المدينة الواحدة؟ الأولى تقع في منطقة سياحية يلجها كل سائح تتميز بغلاء مستوى المعيشة بها تضم فنادق مصنفة من فئة خمس نجوم وقرى سياحية ومقاهي ومطاعم فاخرة، أما المدينة الثانية أو الجزء الثاني من المدينة فيقطنه المغاربة ولا يدخل ضمن المناطق السياحية، من هنا نتسائل: ألا يحق للمواطن المغربي أن يستفيد هو الآخر من تنظيف وتبليط الشوارع في منطقته الشعبية ؟ أم أن ذلك مقتصر على المناطق السياحية؟ جلالة الملك منذ توليه عرش المملكة وهو يجوب مختلف مدن وقرى المغرب من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب ويعطي الانطلاقة لإعادة تأهيل المدن ولكنه يركز على الأحياء الشعبية بالدرجة الأولى ليوجه بذلك رسالة لمختلف المسؤولين المحليين في كل مدينة وقرية بإصلاح مناطقهم وعدم الاقتصار على الشوارع الرئيسية والمناطق السياحية، وأن الاهمال الذي تعانيه مدننا وقرانا أصبح أمرا غير مقبول، فأصبح جلالته يقوم بزيارات ميدانية لمختلف الاحياء الهامشية والعشوائية في كل المدن التي يزورها بهدف إعطاء الانطلاقة لاصلاحات حقيقية تشمل مختلف المرافق الصحية والاجتماعية والبنيات التحتية، ولكن هل فهم مسؤولونا الرسالة الملكية ؟ هل عملوا على تطبيقها ؟ الجواب يمكن أن نراه في كل مدينة وفي كل حي شعبي حيث لا تتم الاصلاحات إلا عند علمهم بزيارة ملكية ولكن هذه الاصلاحات غالبا ما تكون مجرد واجهة وليس اصلاحات حقيقية، غير أن الزيارات المتكررة لجلالته لمختلف الاحياء الشعبية وبدون سابق إعلام جعل الكثير من المسؤولين يعيدون حساباتهم ويخشون ما وقع في مدينة الحسيمة أو ما أصبح يعرف بزلزال الحسيمة. وبدأت تظهر ثقافة أخرى في حسن التعامل مع المواطن و قضاء مصالح المواطنين رغم أنها مازالت محتشمة ولكنها بدأت والفضل في ذلك يعود لتلك الزيارات الملكية المفاجئة، ولكن إلى متى سنظل لا نفكر في إصلاح أمورنا إلا مرغمين، هذه هي الثقافة التي يجب القطع معها وإلا فليس من حقنا أن نحاسب المواطن يوم الانتخابات إذا لم يذهب لمكتب التصويت ما دام معظم المسؤولين لا يعرفونه إلا في الفترات الانتخابية.