هلال: "المغرب مؤهل لتمثيل إفريقيا"    "المجلس الأعلى" يحيل 55 قاضيا إلى المجلس التأديبي ويراقب "ثروة القضاة"    تفاقم عجز السيولة البنكية ب 3,29 في المائة من 5 إلى 11 دجنبر    المنتخب السعودي للسيدات يقفز 8 مراكز لأول مرة في تاريخ تصنيف الفيفا    بريطاني أدمن "المراهنات الرياضية" بسبب تناول دواء    جمعية مجالس العمالات تناقش الاقتصاد التضامني ورهانات التنمية الاجتماعية    كوريا.. البرلمان يصادق على اقتراح عزل الرئيس    نشرة إنذارية: رياح قوية مرتقبة بعد غدٍ الإثنين بعدد من أقاليم المملكة    القضاء يدين بودريقة بست سنوات سجنا نافذا        النجم الشعبي".. برنامج جديد على القناة الثانية 2M لاكتشاف مواهب الأغنية الشعبية المغربية    الخطوط الملكية المغربية تتوج كأفضل شركة طيران بإفريقيا للسنة الثانية على التوالي    رئيس كوريا الجنوبية يتعهد بالتنحي    رسالة الأسد الأخيرة إلى شعبه من منفاه    ديربي العاصمة بوابة اتحاد يعقوب المنصور لتصحيح المسار    المحاكم المالية تنتقد بطء تطوير الغاز وترسم "صورة قاتمة" للقطاع الطاقي    جامعة سيدي محمد بنعبد الله تفوز بالجائزة الدولية للابتكار الألماني-الإفريقي    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    احتجاجات العمال الزراعيين بمنطقة "شتوكة أيت باها" تدفع الوزير البوراي للتحاور مع ممثليهم والباطرونا    العثور على "أشرطة كاسيت" لأغنيات غير معروفة لمايكل جاكسون    إصابة تُدخل نانسي بيلوسي إلى مستشفى في لوكسمبورغ        رأي:وقفة تأمل حول الحوار القطاعي بالجماعات    قطاع الصحافة.. بنسعيد: الوزارة تشتغل على إصلاحات جديدة تهدف إلى معالجة النواقص وسد الفراغات القانونية    كيوسك السبت | الخارجية الأمريكية تشيد باستراتيجية المغرب في مكافحة الإرهاب والتطرف    تتويج الفائزين بالجائزة الوطنية الكبرى للصحافة    ابتدائية الحسيمة تدين مروجا للكوكايين بست سنوات سجناً    ايطاليا .. مصرع مهاجر مغربي سقط من اعلى بناية    قرعة التصفيات الأوروبية لكأس العالم 2026 تفرز عن مواجهات مثيرة    أنشيلوتي يستدعي المغربي يوسف لخديم للمرة الثانية            الفدرالية الوطنية تؤكد انخراطها الثابت في الدفاع عن استقلالية ومصداقية التنظيم الذاتي للصحافة الرياضية بالمغرب    دراسة: الاكتئاب مرتبط بأمراض القلب عند النساء    الجيش الملكي يواجه مانييما الكونغولي للاقتراب أكثر من الدور القادم    البرلمان يعزل رئيس كوريا الجنوبية    تسعة قتلى بينهم سبعة أطفال في انفجار أسطوانة غاز بفنزويلا    الخطوط الملكية المغربية تتوج كأفضل شركة طيران بإفريقيا    الفتح الرياضي يتفوق على حسنية أكادير    المنتخب المغربي للسيدات يتراجع بمركزين في الترتيب العالمي الجديد    ثورة طبية في اليابان .. اختبار عقار جديد يعيد نمو الأسنان المفقودة    رحيل نجم التمثيل المحبوب فتحي الهداوي يحزن التونسيين    بورصة البيضاء تغلق بأداءات مربحة    إيمانويل ماكرون يعين فرانسوا بايرو رئيسا جديدا للوزراء    باحثون يابانيون يختبرون عقارا رائدا يجعل الأسنان تنمو من جديد    تزامنا مع تألقه في جوائز "البيلبورد".. "طوطو" يرزق بمولوده الأول    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    مندوبية السامية للتخطيط…ارتفاع الرقم الاستدلال للأثمان عند الإنتاج بنسبة 9,2 في المائة    الفنانة شيماء عبد العزيز تعلن طلاقها بشكل رسمي    ساعات الأسد الأخيرة في سوريا.. خداع ويأس وهروب    السلطات في الجزائر تقرر إبقاء الكاتب بوعلام صنصال رهن الحبس المؤقت    الرئيس التنفيذي لشركة "غوغل": تطوير الذكاء الاصطناعي لن يُحدث تغييراً كبيراً في سنة 2025    مؤتمر يستحضر "دبلوماسية الفنون" .. بنسعيد: ثقافة المملكة قوة ناعمة    الانفراد بالنفس مفيد للصحة النفسية    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رأي:وقفة تأمل حول الحوار القطاعي بالجماعات


في ذكرى رحيل الفقيد سعيد الشاوي:
قبل أن أشرع في كتابة هذه الأسطر، تساءلت مع نفسي: ما الجدوى من ذلك في زمن أصبحت فيه القراءة والكتابة في القضايا النقابية، بمثابة هدر للجهد والوقت بالنسبة للكثيرين؟؟ وحتى الفئات التي كانت تفكك النصوص وتسعى إلى الفهم ثم النقد والتحليل والرد لم تعد مهتمة لا بالقراءة، ولا بالتفاعل، ولا بإبداء الرأي بشكل مكتوب..
ترددت في الكتابة بسبب زحمة الانشغالات وكثافة الالتزامات، لكن روح الفقيد سعيد الشاوي في ذكراه الثالثة كانت الحافز والدافع نحو خط هذه الأسطر على بساطتها؟ كيف لا ونحن أمام ذكرى رجل وهب الجزء الأكبر من عمره لشغيلة القطاع وللطبقة العاملة على حساب حياته الخاصة، وكان له من الوقت ما يكفي ليمنحه لمئات المناضلين عبر التواصل المستمر معهم والاستماع باهتمام لمقترحاتهم، والتعبير عن تطلعات آلاف العاملين بالقطاع عبر آليات التفاوض والترافع...، لذلك فقرار إبداء رأيي حول وضعية الجمود التي يعرفها الحوار القطاعي بالجماعات نابع بالأساس من مبدأ الوفاء لروح وتضحيات الفقيد القائد سعيد الشاوي.
وكما يعلم الجميع، فالوضع بالجماعات أصبح يسائل كل المناضلين العاملين بهذا القطاع، لأن حجم التذمر والاستياء وسط الشغيلة الجماعية انتقل من مستوى إنتاج ردود الأفعال، إلى مستوى الاستسلام للاحباط العام، ونهش الجسد الداخلي بعد أن تم الفشل في مواجهة الخصم الخارجي وانتزاع مكاسب فعلية تعيد الأمل في مستقبل أفضل بالقطاع، ولا يحتاج هذا الأمر إلى كثير من التحليل والبحث واستحضار الأدلة، لأن نظرة خاطفة حول بعض مجموعات التواصل الاجتماعي الخاصة بموظفي القطاع، وجولة سريعة على المكاتب الادارية بالجماعات، كفيلة بأن تعطينا صورة واضحة عن الوضعية النفسية والمادية والاجتماعية المتدهورة للموظفين الجماعيين.
فهل لا زال الرهان على الحوار القطاعي المؤجل بشكل مستمر دون أي رد فعل احتجاجي رهانا صائبا؟ أم أن هذا الحوار (السراب) بات يشكل عبئا ثقيلا على الشغيلة الجماعية والحركة النقابية بقطاع الجماعات؟ والسؤال الآخر الذي بات يفرض نفسه بحدة هو لماذا التنسيق النقابي بالجماعات لا زال عاجزا عن فرض حوار حقيقي بأجندة زمنية محددة يفضي إلى نتائج ملموسة تعالج جزء من الأزمة البنيوية التي يعيشها القطاع؟
نعم، نتفهم الاكراهات العديدة التي تصعب من خيار التصعيد النضالي، والمرتبطة أساسا بطبيعة البنية البشرية العاملة بالقطاع، والتراجع الحاد لفئة الشباب باعتبارها أكثر الفئات دينامية وحيوية بسبب تجميد التوظيف، والتناقضات الحادة التي تخترق مكونات التنسيق النقابي بسبب ارتباط بعضها باختيارات حزبية وسياسية تقيد فعاليتها، والتباين الواضح في طبيعة تركيبتها التنظيمية وآليات اشتغالها، لكن كل ذلك لا يعفي التنسيق النقابي من مسؤولية الإجابة عن اشكالية فشل كل محاولات اقناع وزارة الداخلية أو على الأقل المديرية العامة للجماعات بجدوى الحوار المفضي إلى نتائج فعلية.
نتفهم أيضا طبيعة المحاور وأسلوب التعالي الذي يحكم علاقته بكل المجالات التي يشرف عليها وضمنها الجماعات الترابية، وندرك بأن وزارة الداخلية منشغلة بالهواجس الأمنية والحسابات الانتخابية أكثر من انشغالها بتحسين أوضاع الشغيلة الجماعية، وتجويد خدمات المرفق الجماعي، ومنح المزيد من وسائل التدبير الحر للجماعات عبر السماح لها بإطلاق مباريات توظيف واسعة، وجعل الشغيلة الجماعية في وضع اعتباري واجتماعي يسمح لها بأن تكون مؤهلة لصنع وتنفيذ وتقييم القرار المحلي، لكن ذلك لا يعفي أيضا التنسيق النقابي من مسؤوليته في التحرر من قيود الداخلية، واتخاذ قراراته النضالية المستقلة بما يتوافق مع حجم التذمر والاحباط السائد في أوساط الموظفين الجماعيين والعمال المرتبطين بالقطاع.
نتفهم أيضا السياق العام الذي يتحرك فيه التنسيق النقابي، والمتسم بالتراجع العام في مواجهة المخططات الكبرى التي تستهدف الحقوق الاجتماعية (التعاضد، التقاعد،...) والحريات النقابية، والهجوم الشامل على الوظيفة العمومية، وتفكيك القطاعات الاجتماعية الحيوية، وفصلها تدريجيا عن القطاع العام عبر مسميات مختلفة رغم وحدة الخلفيات والأهداف النيولبرالية الفاشلة التي تحكم هذه الاختيارات، كما هو الشأن بالنسبة للمجموعات الصحية الجهوية بالنسبة لقطاع الصحة، والأكاديميات الجهوية بالنسبة للتعليم، والشركات الجهوية بالنسبة للماء والكهرباء والتطهير السائل...الخ، لكن ذلك لا يشكل مبررا لرفع الراية البيضاء بالنسبة للتنسيق النقابي بقطاع الجماعات، لأن القطاعات الأخرى وإن تم تمرير جزء كبير من المخططات السالفة الذكر، فإن النقابات النشيطة فيها والتنسيقيات المرتبطة بها فرضت على الأقل تفاوضا لابأس به في حدود ميزان القوى بكل قطاع حول الملفات التي كانت عالقة، وحصنت بعض المكتسبات المرتبطة بالترقيات وتسوية وضعية بعض الفئات وتجويد الأنظمة الأساسية، والاحتجاجات لا زالت جارية ببعض القطاعات، وقد تساهم في فرض وحماية بعض الحقوق والمكاسب الأخرى.
مسألة أخرى تثير الكثير من علامات الاستفهام حول وضعية التنسيق النقابي بالجماعات، وحدود تماسكه دفاعا عن مطالب شغيلة القطاع، وهي موقفه من بعض القوانين التي تمس بشكل مباشر الحريات النقابية بالجماعات وعلى رأسها مشروع قانون الاضراب، طبعا قد يقول قائل بأن مكونات التنسيق النقابي مرتبطة بمواقف مركزياتها النقابية وليست ملزمة بإنتاج موقف أو قرار موحد بخصوص هذه القوانين، والجواب هو أن أحد الأدوات التي يفترض أن يستعملها هذا التنسيق لفرض مطالبه على وزراة الداخلية هو الاضراب، ومن واجبه أن يحمي هذا الحق ويساهم في توحيد صف الشغيلة الجماعية دفاعا عن أحد أهم أسلحتها النضالية، خاصة وأن القطاع قد يصبح أكثر المتضررين من مشروع قانون الاضراب إن تم تمريره لاعتبارات كثيرة لا تسمح المساحة المخصصة لهذا الرأي بالتفصيل فيها، وعلى رأسها ما تضمنه المشروع من شروط تعجيزية كشرط الجموعات العامة ونسبة المشاركين فيها، والتي قد يستحيل على أي مكون من مكونات التنسيق النقابي توفيرها بفعل ضعف الانتساب النقابي للموظفين بأغلب الجماعات الكبرى.
قد يتساءل بعض المناضلين وعموم الفاعلين النقابيين عن طبيعة الأجوبة الممكنة إزاء هذا الوضع المعقد الذي يعيشه القطاع، والجواب الأولي الذي يمكن تقديمه في هذا الصدد هو أن التنسيق النقابي مطالب بأن يتحول إلى تنسيق نضالي برؤية جماعية موحدة بدل أن يبقى مجرد وسيلة مؤقتة لاستجداء وزارة الداخلية وانتظار سراب الحوار عبر رسائل أثبتت التجربة بأنها غير مجدية، وإن لم يكن هذا التنسيق النقابي قادرا على فرض حوار جدي بالأساليب النضالية السابقة، فالأجدر به أن يبدع وينوع ويكثف من هذه الأساليب ويطورها لأن أصل الفعل النقابي هو الابداع في التأطير والاحتجاج. كما أن هذا التنسيق مطالب بأن يرفع من سقف المطالب ويعيد ترتيبها، لأنه لا جدوى من المطالبة بتحسين وضعية الموظف الجماعي دون المطالبة بتحسين البنية الادارية والبيئة السياسية التي يشتغل ضمنها، وتخفيف الأعباء والمهام على الموظفين المزاولين عبر اطلاق مباريات توظيف واسعة تعوض آلاف الأطر المتقاعدة والمغادرة للقطاع، والحفاظ على خدمات المرفق الجماعي وتعزيزها.
طبعا حاولت أن أتحدث عن التنسيق النقابي بدل التركيز عن الجامعة الوطنية لموظفي الجماعات الترابية والتدبير المفوض (umt) التي أنتمي اليها، لأن موضوع الحوار القطاعي يعني التنسيق النقابي بكل مكوناته، ولأن الأمل لا زال معقودا على هذا التنسيق ليحرز التقدم في اتجاه خلق ميزان قوى لصالح الشغيلة ويفرض مطالبها على الوزارة، وإن تأخر في اتخاذ ما يلزم من قرارات نضالية وردود أفعال جدية تجاه الأسلوب الهزلي الذي تتعاطى به وزارة الداخلية معه، فإنه بدوره أي التنسيق سيتحول إلى عائق أمام الفعالية النضالية التي يمكن أن تحافظ على بعض الحيوية النقابية المطلوبة بالقطاع.
جمال العلاوي: عضو اللجنة الادارية للجامعة الوطنية لموظفي الجماعات الترابية والتدبير المفوض/إ.م.ش


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.