تتفاوت نسب تورط عناصر الدرك في جرائم شبكات الاتجار الدولي في المخدرات، بين المساهمة وغض الطرف، بينما بعضها ينصرف إلى إرشاء بارونات لعناصر الدرك. ضمن القضايا المثيرة التي شهدتها الناظور، لأكثر من مناسبة، تورط عناصر الدرك في غض الطرف أو السماح بفرار بارونات مخدرات. إذ تورط دركيون في تهم تكوين عصابة إجرامية والتهريب الدولي للمخدرات والمشاركة والارتشاء، وغيرها من التهم التي وجهت إليهم، بعد وصول حمولات من المخدرات عبر الطائرة إلى مطار بروكسيل. وارتفع عدد المعتقلين في الملف من ثلاثة دركيين إلى خمسة، وأزيد من 36 مدنيا، كل حسب المنسوب إليه، في فضيحة حجز 132 كيلوغراما من المخدرات بمطار بروكسيل، والتي ضبطت في رحلتين متتاليتين، كل رحلة حجزت فيها حقيبتان تضمان 66 كيلوغراما. وطرح المحققون تساؤلات حول طريقة وصول المخدرات إلى منطقة الشحن، قبل أن تعبأ في الطائرة المتوجهة إلى مطار بروكسيل، ليتم الاهتداء إلى الدركيين الثلاثة، الذين يعملون في البوابة المخصصة لتموين الطائرات، وتقع تحت مسؤوليتهم حراستها ومنع دخول البضائع، إذ كشفت الأبحاث أنها البوابة نفسها التي مرت منها حقائب تحمل كل واحدة منها 33 كيلوغراما، ليتم دسها في منطقة الشحن، ووضع تذاكر عليها، للإيهام بأنها مرت من السكانير وخضعت لكل الإجراءات المفروضة على البضائع والحقائب، قبل أن تصل إلى منطقة الشحن. كما انتهى تحديد تاريخ الرحلتين الجويتين اللتين ضبطت فيهما المخدرات بمطار بروكسيل، إلى أن الدركيين الثلاثة كانوا يزاولون مهامهم بمطار العروي بالناظور، وهو المطار نفسه الذي أقلعت منه الطائرتان الحاملتان لما تم حجزه من قبل الأمن البلجيكي. كما اعتمدت الأبحاث التي باشرتها الفرقة الوطنية للدرك، على تصريحات المتورطين المدنيين وأيضا على المكالمات التي استقبلها الدركيون المتابعون، والتي فضحت استقبال دركيين لمكالمات من مشتبه فيه بالتهريب الدولي للمخدرات، ما كان قرينة حول التنسيق المسبق بين العاملين في مطار العروي وبارونات المخدرات، وتحديد التوقيت الذي يمكن أن تمر فيه المخدرات بسلاسة إلى منطقة الشحن دون خضوعها الإجراءات المفروضة، المؤمنة لسلامة الركاب والمانعة لنقل أي ممنوعات. وكشفت التحريات التي جرت تحت إشراف الوكيل العام وتوجيهاته، أن مسار المخدرات نحو أوربا، لم ينطلق فقط من مطار العروي بالناظور، بل تعداه إلى مطار الحسيمة، الذي يطلق عليه اسم الشريف الإدريسي، وأن عمليات تهريب أخرى جرت بالمطارين معا. فرار بارون خطير فضح فرار بارون مخدرات محكوم بعشر سنوات سجنا، تواطؤ دركيين ورئيسهما، وتنسيق زوجة البارون للعملية باللهجة الريفية. ويحمل اثنان من الدركيين الصفة الضبطية، وأحدهما رئيس مركز، بينما زميلهما الثالث، لا يحمل الصفة الضبطية، سهلوا فرار بارون مخدرات متورط في تهريب 65 طنا. وكلف المتهمون بنقل البارون المدان بعشر سنوات من سجن مكناس إلى الناظور، لتورطه في قضية جديدة، إذ كشفت الأبحاث المنجزة مع المتهمين الثلاثة، عن مسار الرحلة من سجن تولال بمكناس وتكليف دركيين بمرافقته، أحدهما يحمل صفة ضابط، على متن سيارة خاصة، ناهيك عن تغيير مسار الرحلة عند الوصول إلى إقليمالناظور، إذ عوض التوجه عبر الطريق الرئيسية نحو السجن المحلي لوضع المتهم داخله، فضل الضابط ومرافقه، تغيير الطريق نزولا عند رغبة بارون المخدرات، الذي طالبهما بالتعريج على منزله لرؤية زوجته وأبنائه قبل الزج به في السجن، فتم تغيير الطريق نحو وادي أمليل في اتجاه منطقة أمجاو بني سعيد بالدريوش. ومنح الدركيان التابعان للقيادة الجهوية لمكناس، هاتفا للمتهم، اتصل من خلاله أكثر من مرة، بزوجته وتحدث إليها باللهجة الريفية، وجرداه من الأصفاد، وحين الوصول في الصباح إلى منزل المتهم سمحا له بولوجه وحيدا فيما ظلا ينتظران في الخارج داخل سيارتهما، ومرت حوالي ساعة ونصف دون أن يعود إليهما، ليقررا طرق الباب للسؤال عنه، إذ بعد لحظات من ذلك خرجت زوجة بارون المخدرات لتتحدث إليهما وكأنها مستهزئة، متسائلة عن سر الانتظار، مخبرة في الآن نفسه أن المعني بالأمر فر من منفذ آخر بالمنزل، وهي العبارة التي أخرستهما، وحين تيقنا من وقوعهما في المقلب اتصلا بالمركز الترابي دار الكبداني للدرك الملكي، للإشعار بما وقع وادعاء أن المتهم غافلهما وهرب. ونجح البارون في مغادرة المكان، إذ أن مدة ساعة ونصف كافية لتهريبه خارج أرض الوطن.