من منا لم يصدم و هو يقرا "المقال الاخير...." للكاتبة والصحافية النقية و المتالقة فاطمة الافريقي؟ من منا لم يتالم مرارة، و لم يبكي حرقة و هو يسمع ان انظف الناس / انظف النساء تستسلم امام قوة الفساد و الاستبداد في المغرب؟ صرخة الافريقي المدوية هاته و صلت شضاياها الى كل محبيها و اصدقائها و حتى اعدائها في كل بقاع العالم، و هي تعلن من خلال "المقال الاخير" نفاذ صبرها امام جبروط دمر امال المغاربة، تماما كما دمر المغرب فسادا و استبدادا و استهتارا، ليعبث في الارض فسادا و يترك الناس جياعا، لتسود حفنة فاسدة غاصبة للشرعيات، لا يهمها لا الفكر ولا الكتابة و لا القراءة و لا التاريخ و لا الجغرافية و لا سمعة البلد في اوساط الامم. الافريقي / الافريقية الاصيلة تعرف عليها اغلب المغاربة عندما كانت تشتغل في اذاعة دار البريهي بالرباط، كصحفية انيقة متالقة، رزينة و ثابتة على الموقف، لكن للاسف ان القائمين عليها لا يهمهم معنى النقاء و لا الصفاء و لا الجودة...... غابت الافريقي طويلا على اعين الناس، لكنها ضلت في قلوبهم هوجاء تبرز من حين لاخر كقمر يضيئ الضلام الدامس الذي اصاب الوطن من جراء المؤامرات و التواطات و الفساد و الاستبداد، الى ان اشرقت شمس 20 فبراير لتعاود الضهور علانية لتؤكد وقوفها و انخراطها الى جانب شباب حركة 20 فبراير الاحرار. كانت كتابات و تصريحات الافريقي قوية، صادقة، اصيلة و رزينة.... التقطها الاحرار في كل مكان. تفاعلنا معها بحماس قراناها مرات وزعناها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ليتعرف العالم ان في المغرب اناقة و نظافة و اصالة و شهامة. اقنعت الافريقي العالم ان في المغرب ليس هناك نساء خانعات راكعات فقط، لا تصلحن الا للمطبخ و السهرات و ينزوات خليجيي البترودولار و السياحة الجنسية، بل هناك نساء في قلب المعركة يقولون كلمة حق و لو لومة لائم. افتخرنا بالافريقي بجراتها الناذرة في هذا الزمن الرديئ، و بشجاعتها الباسلة و هي تتحدي كل المضايقات و المؤامرات و الدساس، و تدين بصوتها الجميل و بقلمها الجريئ الثاقب كل ما يحاك ضد الوطنيين و الحقوقيين و النقابيين الحقيقيين. من منا لا يتذكر مقالها الرائع "انت مناضل اذن انت بائع مخدرات"، تضامنا منها مع المناضل النقابي الورزازاتي مجيد ماجدي عندما احيكت ضده مؤامرة "بائع مخدرات" بمراكش املا في اسكات صوته. من منا بامكانه ينسى مواكبة الافريقي لكل الاحداث التي يعيشها مغرب اليوم و مواجهتها لضغوط الفاشيين و الضلاميين المستبدين الذين يحنون الى الماضي البائد و يضغطون بكل ثقلهم لوقف عجلة التاريخ. ها هي الافريقي اذن تعلن استسلامها و عجزها على الصمود وحيدة امام الالة الاستبدادية و الجهنمية للمخزن، و تكتب لنا كلامات حارقة تدق من خلالها ناقوس الخطر الذي لا يهددها وحدها بل يهدد كل المغاربة ذوي الكلمة الحرة. "المقال الاخير..." رسالة موجهة الى كل الضمائر الحية ......... و علينا ان نسال انفسنا كم من مرة سنترك الضالمين ينتصرون على الكلمة الحرة و قول الحقيقة...... يا افريقي..... بالقدر الذي نتفهم فيه قدرة الانسان على الصمود رغم اسطوريته، فانه في نفس القدر نتالم لهذا الصمت الشبه الكلي للبعض و الخجول لدى البعض الاخر من نقابات و جمعيات و الاحزاب و شرفاء هذا الوطن....... لنقل لنا و لهم لا لترك الافريقي وحدها في هذه المحنة.....لا نتركها تكسر قلمها لان المغاربة ما احوجهم اليه في هذه الظروف. لا ....ثم ...لا... نتركها "تقطع شرايين حبرها"، و تمزق اورقها و كتبها و تكسر حاسوبها ويقطون لها لسانها....... لنعلنها بصوت واحد اننا كلنا افريقي....كلنا افريقيين...... لنعلها جميعا صرخة واحدة مدوية في وجه الظالمين غاصبي الحرية/حرية الراي و حرية التفكير و الاعتقاد التي تضمنه المواثيق الدولية لحقوق الانسان. لندد جميعنا بالضغوطات و الابتزازات و التهديدات التي طالت الافريقي و الغير الافريقي و التي واجهتها فاطمة بصمت حتى اعنت استسلامها لقاتلي الحرية و الكلمة الحرة..... لنقل للافريقي -في هذه المحنة- انك منا و الينا....لن نتخلى عنك...انت رفيقتنا و اختنا، و عزيزتنا و زعيمتنا و رئستنا.... و لنساعدها على رفع قلمها عاليا في وجه الطغاة. و لنؤكد لها قولا وفعلا اننا معها في هذه المحنة، و بجانبها لكي لا تشعر وحيدة في المعركة، و امامها لتصدي الظلم الذي سلط عليها و على كل احرار المغرب.... لنرفع صورها في كل الشوارع و المدارس و الكنائس و المساجد... علينا استحضارها في المضاهرة العمالية الوطنية ليوم .... لنتضامن معها في كل الدنيا..... لنتوجه الى بيتها و نقبل لها اقدامها و اياديها لتعود الينا و لنا، للمغرب و للانسانية جمعاء... لا نتركهم يغتالونها في خميس مارس..... شهر مارس الذي تحتفل فيها المراة بعيدها الاممي ...