رصد مجموعة من الباحثين البريطانيين التغيّرات التي تحدث في جسم الإنسان خلال الساعة التالية لتناول المياه الغازية وتأثيرها على مختلف وظائف الجسم وأجهزته. ووجدوا أنه خلال العشر ثوان الأولى، يستقبل الجسم ما يعادل سبع ملاعق سكر، إذ أن كل 330 ملليلتر من مشروب الكولا، مثلا، يحتوي على هذه الكمية من السكر، والتي تزيد عن الحد الأقصى لاستهلاك السكر في اليوم وفقا للمعايير الصحية. والطبيعي أن يشعر الإنسان برغبة في القيء لدى تناوله هذا الكم الكبير من السكر مرة واحدة، إلا أن احتواء الكولا على حمض الفوسفوريك يمنع حدوث ذلك. وفي العشرين دقيقة التالية يصل مستوى السكر في الدم لدرجة كبيرة، فيبدأ الجسم في إفراز الأنسولين، ما يدفع الكبد لتحويل السكر إلى دهون، ومع مرور أربعين دقيقة تتسع حدقة العين ويرتفع ضغط الدم ويستمر الكبد في ضخ المزيد من السكر وتتوقف مستقبلات الأدينوسين في المخ، فيفقد الإنسان القدرة على النوم. ويزيد إنتاج الجسم لمادة الدوبامين المسؤولة عن تحفيز مشاعر السعادة والارتياح بعد مرور خمس وأربعين دقيقة، ما يجعل الشخص يشعر بالراحة بعد تناول المشروبات الغازية. أما مع مرور الساعة الأولى يقوم حمض الفوسفوريك بربط جزيئات الكالسيوم والمغنسيوم في الجهاز الهضمي، ما يزيد من عملية الأيض. جعل المشروبات الغازية جزءا أساسيا من الوجبات الغذائية، يسبّب أضرارا كثيرة للجسم، أبرزها، هشاشة العظام وبمجرد أن تمضي ساعة على تناول المشروبات الغازية يشعر الإنسان برغبة في التبوّل، ما يؤدي إلى فقدان الجسم للكالسيوم والمغنسيوم والزنك الضروريين للعظام، هذا بجانب ما يفقده الجسم أيضا من الماء والسوائل المهمة. فيكون الجسم بعد مرور ساعة واحدة على تناول المياه الغازية قد فقد سوائل ومواد معدنية مهمة تساعد على تقوية العظم والأسنان. وقد أظهرت دراسة أجراها باحثون، في مدرسة هارفارد للصحة العامة، أن الفتيات اللاتي يتناولن المشروبات الغازية باستمرار مثل الكولا أو الليمون بالصودا ويمارسن الرياضة بشكل مكثف، يكن أكثر عرضة للإصابة بكسور العظام بمقدار أربعة أضعاف، مقارنة بالفتيات اللاتي يتناولن المشروبات والعصائر الطبيعية. ويوضح د. أحمد يسري، أستاذ العظام بجامعة عين شمس، أن الإكثار من تناول المشروبات الغازية وجعلها جزءا أساسيا من الوجبات الغذائية، يسبّب أضرارا كثيرة للجسم، لعل من أبرزها، هشاشة العظام التي تكون ناتجة عن إفراز حمض الفوسفوريك الذي يقوم بربط جزيئات الكالسيوم والمغنسيوم والزنك في الجهاز الهضمي، ما يزيد من عملية الأيض. وكلما زادت كمية السكر، تزيد عملية خروج الكالسيوم مع البول من الجسم، ما يضعف العظام ويؤدي إلى الهشاشة، بالإضافة إلى أن زيادة نسبة السكر من الممكن أن تؤدي إلى شعور بالعصبية والاضطراب، وربما الشعور بالتعب أيضا. ويؤكد د. يسري أن المشروبات الغازية ليست طريقة صحية، فحتى أفضل الأنواع منها تحتوي على قدر كبير من السكر. الفتيات اللاتي يتناولن المشروبات الغازية ويمارسن الرياضة، بشكل مكثف، أكثر عرضة للإصابة بكسور العظام وحذر طبيب الأطفال الألماني أولريش فيغلر من خطورة المشروبات الغازية خصوصا الكولا على أسنان الطفل، إذ أنها تحتوي على الكثير من السكر والحمض اللذين يلحقان سويا ضررا بالأسنان. وأضاف فيغلر أنّ الكولا تحتوي أيضا على الكثير من مادة الكافيين التي تعتبر غير مناسبة للأطفال. كما أنّ هذه الأنواع من المشروبات تسبّب البدانة لهم لاحتوائها على كميات كبيرة جدا من السكر تصل إلى 6 ملاعق صغيرة في الكوب الواحد. وبشكل عام، أكد أنّ الكولا لا تصلح كمشروب أساسي للأطفال. وأشار إلى أنّه لا بأس من أن يتناولوا الكولا بدءا من سن المدرسة في المناسبات، مع مراعاة عدم تناول أكثر من كوب واحد فقط. وقد وجدت دراسة أخرى لباحثين من جامعة (أديلايد) الأسترالية نشرت في دورية طب الأسنان أن مينا الأسنان قد تتآكل بعد 30 ثانية فقط من تناول مشروبات غازية والتي تحتوي على نسب عالية من الأحماض، إذ تستطيع هذه المشروبات الحمضية أن تذيب مينا الأسنان بمعدل 2 إلى 5 مرات أكثر مقارنة مع المشروبات الغازية العادية. كما أوضحت دراسات أخرى أن المشروبات الغازية تؤثر تأثيرا كبيرا على مينا السن وتسبب لها تآكلا ويزداد هذا الخطر لدى الأطفال بنسبة 70 بالمئة من عمر 12 سنة. ويؤكد استشاري طب جراحة الفم والأسنان، الدكتور أحمد رضوان، أن المشروبات الغازية هي العدو الأول لأسنان الطفل، حيث أنها تحتوي على مواد حمضية شديدة الفاعلية ونسب عالية من السكريات ما يؤدي إلى تآكل طبقة المينا على الأسنان، وهي طبقة صلبة تشكل الحماية الأساسية للأسنان وتسبب أيضا التسوس أضعاف ما تحدثه السكريات الموجودة في الحلويات خاصة الداكنة منها مثل الكولا.