من المعلوم أن علاقة الباطرونا بالعمال الزراعيين عرفت منذ السنوات الأخيرة منعطفا خطيرا بخصوص حدة الإحتجاجات للطبقة العاملة وهو ماخلف عمليات تسريح كبيرة كما كانت هناك متابعات قضائية في حق العمال ، إلى جانب توقف الإنتاج في ضيعات فلاحية ومحطات تلفيف بمختلف مناطق الإقليم مما زاد الأمر تعقيدا. فبالنظر إلى ما لإقليم اشتوكة أيت بها من أهمية في منطقة سوس ماسة على المستوى الفلاحي والذي يكسب الجهة مكانتها الوطنية، وفي الوقت الذي لوحظ تخلي مفتشية الشغل عن أداء مهامها الرقابية والصلحية في نزاعات الشغل قبل الوصول إلى القضاء، الذي يعرف تزايدا ملحوظا في ملفات الشغل المتعلقة بالطرد التعسفي أو عدم التصريح بالعمال في صندوق الضمان الإجتماعي. شدت مجهودات اللجن الإقليمية للبحث والمصالحة الانتباه ، حيث أتبثت في محطات مختلفة قدرتها على البحث على الحلول الناجعة، وتقريب وجهات النظر بين العمال والباطرونا. وقد أدى هذا المجهود في إيجاد مخرج لمجموعة من نزاعات الشغل واضعة بذلك حدا لاضرابات واعتصامات واحتجاجات لعاملات وعمال زراعيين ومحاولة تجاوز حالة القطيعة بين الباطرونا وممثلي العمال في الميدان الزراعي الذي طال سنوات. في جلسات البحث والمصالحة تعمل السلطات الإقليمية المحتضنة للحوار باشتوكة أيت بها وتحت إشراف عامل الإقليم إلى دعوة الطرفين إلى تفهم إكراهات بعضها البعض والعمل على بناء علاقة شغل تقوم على الاعتراف المتبادل بين اطراف الانتاج في اطار القوانين الجاري بها العمل. وإذا كان ذلك هو طرح السلطات الإقليمية فالعمال يطرحون عبر ممثليهم في جلسات المصالحة أهم المشاكل التي يعاني منها العمال الزراعيون والعاملات الزراعيات والمتجسدة في عدم احترام قانون الشغل وقانون الضمان الاجتماعي وضرب الحريات النقابية وشروط الصحة والسلامة والتملص من تصريح العاملات والعمال بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتردي ظروف العمل والنقل والسكن. في حين تطالب من جهتها الباطرونا الزراعية بإعادة النظر في قانون الشغل وإخضاعه لخصوصية القطاع الفلاحي عموما لتجنب المشاكل التي يطرحها طابع العمل الموسمي في القطاع الزراعي الذي تنشط فيه الضيعات الفلاحية في اقليم اشتوكة أيت بها، مصرحة انه لا يمكن لها أن تستجيب لكل مطالب العمال في ظل الظروف الحالية. لذلك قد لا ينطلق الدخول الفلاحي المقبل في أكتوبر 2014 بردا وسلاما على شتوكة ايت بها فيمدد صيفها ليبقيها على صعيد ساخن وعلى مختلف الأصعدة وفي علاقة مع المتدخلين الثلاث الذين جاء ذكرهم أعلاه وذلك لعدة اعتبارات: – تذرع الشركات الفلاحية بتأثرها بقرار الاتحاد الأوروبي القاضي بتقليص حجم وارداته الفلاحية من المغرب، لتتخذه مع بداية الموسم إلى فرصة لتسريح العاملات والعمال أو إعلان الإفلاس وإغلاق أبوابها بصفة دائمة أو تغيير وجهة استثمارها انتاجا وتسويقا مما قد تستغني معه عن مجموعة من الضيعات ومحطات التلفيف المتواجدة في المنطقة وهي إجراءات كانت محتملة لدى مجموعة من الشركات حتى قبل قرار الاتحاد الأوروبي لا سيما بعد التراجع الكبير في الفرشة المائية بالإقليم منذرة بكارثة حقيقية. – مختلف الاستحقاقات الانتخابية في 2015 ستجعل اشتوكة أيت بها خلال الموسم الفلاحي المقبل حلبة صراع غير مسبوقة للسعي المحتمل للنقابات والأحزاب لإظهار تبنيها لمشاكل العمال وحشد أصواتهم مما سيزيد نار الحركة العمالية الفلاحية تأجيجا. - التعاطي الأمني القوي والحازم مع الطبقة العاملة الذي تحاول به السلطات منع الاحتجاجات من الوصول إلى أماكن بعينها مما يولد ردودا تصعيدية . إن خيار الحوار والمصالحة التي فطنت السلطات الإقليمية إلى التركيز عليه واهتدت إليه الأطراف المتخاصمة والاتجاه إلى توسيع دائرة النقاش وإشراك الجميع في إيجاد مخرج للأزمة يعتبر الحل الأنسب لتفادي الكارثة التي قد ينذر بها استمرار تأزم الوضع بين العمال الزراعيين والباطورنا . فهل يسير بهذا مسؤولو الإقليم إلى تحقيق الريادة في جهة سوس ماسة درعة أو على الصعيد الوطني في نزع فتيل الأزمة بين الباطرونا والعمال الزراعيين وتحقيق السلم الاجتماعي في الإقليم.