يشكل "طب الإدمان في عصر الذكاء الاصطناعي"، موضوع المؤتمر الوطني السابع للجمعية المغربية لطب الإدمان، الذي ينعقد يومي 8 و 9 نونبر الجاري بطنجة، بحضور نخبة من الخبراء والمختصين المغاربة والأجانب. ويشكل هذا الحدث، الذي يتزامن مع الذكرى العاشرة لتأسيس الجمعية المغربية لطب الإدمان، فرصة للمتدخلين من عدة دول، من بينها الأرجنتين وبلجيكا والولايات المتحدة وفرنسا وسويسرا، لمناقشة التأثير المتزايد للذكاء الاصطناعي على الأبحاث المتعلقة بالإدمان وعلاجه، مما يوفر منصة للتفكير للمهنيين في مجال الصحة النفسية والباحثين في مجال طب الإدمان. وفي كلمة لها خلال حفل افتتاح المؤتمر، أكدت رئيسة الجمعية المغربية لطب الإدمان، فاطمة العمري، أن التدخلات العلاجية، سواء على مستوى التداوي أو العلاج النفسي أو الوقاية أو الحد من المخاطر، لايمكن أن تتطور بشكل فعال دون إغنائها بالتطورات التكنولوجية والمعرفة الحالية، مشيرة إلى أن الذكاء الاصطناعي يحدث ثورة في المجال الطبي والرعاية الصحية. وقالت في هذا الصدد إن "الذكاء الاصطناعي يعتبر أداة مبتكرة، تحدث ثورة في مجال الإدمان وطب الإدمان النفسي، من خلال تقديم آفاق جديدة للوقاية والكشف المبكر والتشخيص، وبالتالي توفير وسائل التدخل السريع والوقاية من الانتكاسات والعلاجات الشخصية"، مشيرة إلى أن الذكاء الاصطناعي هو حجر الزاوية في الثورة الرقمية القادمة، لأنه يجعل من الممكن تحليل البيانات الضخمة (Big Data)، لتحديد الخوارزميات النموذجية والاتجاهات التي يمكن أن تؤدي إلى طرق جديدة في فهم وعلاج الإدمان. وأوضحت العمري أن استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الإدمان لا يزال يثير مخاوف وتحديات عديدة وأسئلة أخلاقية كبيرة، على الرغم من إمكاناته القوية، مشيرة إلى أن هذا المؤتمر يهدف إلى أن يكون فرصة لتسليط الضوء على أحدث التطورات في الأبحاث في مجال الذكاء الاصطناعي التطبيقي على مجال الإدمان والإدمان النفسي، مما يوفر، من خلال الجلسات العامة وورشات العمل مساحة لتبادل الخبرات والتجارب حول هذا الموضوع. وأشارت إلى أن الجمعية المغربية لطب الإدمان تعمل حالي ا على مشروع طموح، مرتبط بموضوع هذا المؤتمر، وهو إنشاء منصة وتطبيقات تعتمد على الذكاء الاصطناعي، والتي ستكون مفيدة للمستخدمين وأسرهم، والمتخصصين في مجال الإدمان والصحة العقلية، والمجتمع المدني والمجتمع المعني، موضحة أن هذه المنصة يمكن أن تسمح أيضا بإجراء استشارات افتراضية بعد تقنينها في المغرب. من جانبه، ركز آلان ديرفو، أستاذ الطب النفسي وطب الإدمان بجامعة باريس ساكلاي، مداخلته على "الذكاء الاصطناعي في الرعاية والتدريس والبحث في طب الإدمان"، مشير ا إلى أنه فيما يتعلق بالرعاية، سيساعد الذكاء الاصطناعي على تحليل أفضل لعدد كبير من البيانات المرتبطة بعدة تخصصات وتحسين العلاجات، وخاصة الدوائية والطبية والعلاج النفسي. وتابع أنه فيما يتعلق بالتدريس والبحث، فإن الذكاء الاصطناعي سيمكن من تحديد عوامل الخطر التي تعزز الاستخدام المنتظم للمواد، ومن ثم الاعتماد عليها، لدى الأشخاص المعرضين للخطر، بهدف النظر في تدابير الوقاية المستهدفة. من جانبه، تناول المتخصص في الطب النفسي، مهدي بايس موضوع "الطب الدقيق في الإدمان"، مركزا على أهداف الطب الدقيق من حيث تقييم مدى هشاشة كل فرد أمام المرض، وإجراء التشخيص الدقيق، واقتراح العلاجات المناسبة لكل فرد. وأوضح في هذا الصدد، أن الطب والطب النفسي وطب الإدمان هي مجالات تشكل قضايا معقدة للغاية تتدخل فيها ظواهر متغيرة تحدد حدوث الأمراض، متسائلا حول إمكانية تطوير مقاربة جديدة قادرة على التطور في هذه الابتكارات العلاجية خاصة فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي الذي يمكنه دعم الممارسين في تخصيص الرعاية وتحسين مسارات العلاج. ويتضمن برنامج هذا الحدث العديد من الندوات و الورشات الموضوعاتية التي تستكشف كيف يقوم الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة بإعادة تحديد مفاهيم المقاربات العلاجية للإدمان. وناقش المتدخلون خلال اليوم الأول مواضيع مختلفة، مثل مساهمة إشارات "ألفا" و"بيتا" في المراقبة السريرية لاضطرابات تعاطي المخدرات في طب الإدمان، والمخدرات الاصطناعية وارتباطها بالاضطرابات النفسية، وكذلك تقييم التعرض الإشكالي للشاشات في صفوف الشباب. وستركز المناقشات أيض ا على الرقمنة والبيانات الضخمة في طب الإدمان، واستخدام الواقع الافتراضي لعلاج الإدمان ودور الخوارزميات في المساعدة على العلاج عن بعد