ظهر فيروس كورونا المستجد، في أواخر العام الماضي، لكنه استطاع أن يصيب أكثر من 19 مليون شخص، في غضون أشهر وسط تساؤل حول سبب انتشاره السريع مقارنة بالإنفلونزا العادية التي يصاب بها الناس بين الفينة والأخرى. وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، فإن العدوى التي ظهرت في الصين، أواخر العام الماضي، تنتقل بسرعة فائقة جدا، كما أنها غالبا ما تعلق على الأسطح، وتبقى ساعات طويلة في الأماكن المغلقة التي لا تخضع لتهوية كافية. وتبعا لذلك، فإن شخصا واحدا مصابا بكورونا قد ينقل العدوى إلى عشرات الاشخاص، أو ربما المئات، لاسيما في التجمعات البشرية الكبيرة. ونقلت الصحيفة الأميركية عن الباحث في علوم ونماذج الحساب ودراسة الأمراض المعدية في مركز فريد هاتشينسون لبحوث السرطان، جوشوا شيفر، أنه يرى أن نسبة الأشخاص الذين ينقلون العدوى إلى عدد كبير ما زالت محدودة. وأوضح الأكاديمي الأميركي، أن ما يتراوح بين 10 و20 في المئة من المصابين هم المسؤولون عن 80 في المئة من حالات العدوى الجديدة. ويرى جوشوا أن فهم الأسباب التي تسرّع انتشار فيروس كورونا، من شأنه أن يعين على تطويق المرض الذي أودى بحياة أكثر من 721 ألف شخص في العالم. وكشف الباحث جوشوا، الجمعة، في دراسة أولية، أن الشخص المصاب بكورونا ينشر العدوى بشكل أكبر في البداية حينما يكون الفيروس في أعلى مستوياته، أي خلال يوم أو يومين من الإصابة، وهذه المدة قصيرة جدا. لكن الشخص المصاب يظل قادرا على نقل المرض بعد هذه الفترة، ولذلك ينبغي الالتزام دائما بإجراءات الوقاية مثل التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامة، بحسب جوشوا. من جانبها، تقول الباحثة المختصة في الأمراض المعدية، عائشة محمود، إن قدرة الشخص المصاب على نقل العدوى تتضاءل كلما طالت مدة الإصابة. ويختلف فيروس كورونا المستجد عن الإنفلونزا العادية في توقيت ظهور الأعراض، لأن الشخص الذي يصاب بكورونا قد لا تظهر عليه الأعراض إلا بعد أسابيع أو أنها لا تظهر على الإطلاق. وتبعا لذلك، فإن فترة الحضانة، أي المدة الفاصلة بين التقاط الفيروس وبين ظهور الأعراض، تطول بشكل أكبر في حالة العدوى المسببة لمرض "كوفيد 19"، بينما تظهر الأعراض على المصاب بالإنفلونزا العادية في غضون أيام قليلة. وبما أن بعض الأشخاص يصابون دون أن تظهر عليهم أعراض، فإنهم يواصلون الاختلاط بالآخرين وينقلون العدوى، بينما يميل الناس في الغالب إلى الحيطة والوقاية إزاء شخص أصيب بالإنفلونزا وظهرت عليه الأعراض بسرعة. وفي الآونة الأخيرة، كشفت عدة دراسات أن فيروس كورونا ينتقل أيضا عبر الهواء ولا يقتصر انتقاله على ملامسة الأسطح، وهو ما يعني أن الأساليب الوقائية التي جرى اتخاذها طيلة أشهر لم تكن دقيقة بشكل كبير.