يواصل رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، تجاهله لمطالب الحراك الشعبي الذي لايزال مستمرا للاسبوع الثلاثين على التوالي منذ انطلاق شرارته يوم 22 فبراير المنصرم. وفي هذا الإطار، تمسك قايد صالح، الحاكم الفعلي بالجزائر، بضرورة تنظيم الانتخابات الرئاسية قبل نهاية العام الجاري، بعد أيام من اقتراحه استدعاء الهيئة الناخبة منتصف شهر سبتمبر الجاري، وذلك رغم رفض الشعب لهذه القرارات..
وأكد قايد صالح مرة أخرى، في ثالث يوم من زيارته إلى الناحية العسكرية الرابعة جنوبي الجزائر، بأن الوضع، حسب زعمه، "لا يحتمل المزيد من التأخير، بل يقتضي إجراء هذه الانتخابات المصيرية في حياة البلاد ومستقبلها في الآجال التي أشرت إليها في مداخلتي السابقة، وهي آجال معقولة ومقبولة تعكس مطلبًا شعبيا ملحا كفيل بإرساء دولة الحق والقانون".
قايد صالح يتحدث وكأن الشعب فوضه ليتكلم باسمه، والحال أن الشعب من خلال المسيرات والتظاهرات التي يقوم بها كل جمعة يطالب يرفض تنظيم انتخابات في ظل استمرار رموز النظام الفاسد، ويطالب بفترة انتقالية، وهو ما لا يريد رئيس أركان الجيش الجزائري ان يفهمه ويحاول تضليل الرأي العام من خلال الادعاء بان "إجراء هذه الانتخابات" في الآجال التي قرره وأشار إليه في خطابه السابق يعد "مطلبًا شعبيا ملحا كفيلا بإرساء دولة الحق والقانون"!
وكشف قايد صالح، مرة أخرى، بأنه العقبة التي تقف أمام مطالب الشعب وأنه الآمر والناهي في البلاد ولا أحد غيره يحكم الجزائر، حيث أعاد ترديد اسطوانة الخيانة والاجندات الخارجية وما أسماه بالعصابة، حيث قال إن بعض الأحزاب السياسية لا تزال "تُطالب بالتحاور، بل التفاوض مباشرة مع المؤسسة العسكرية، اقتداء بتجارب بعض دول المنطقة في التعامل مع الأزمات، متناسين أن الجزائر بتاريخها العريق وبشعبها الأبي وبمواقفها الريادية الثابتة هي من تكون دائما القدوة وليس العكس"، وهو موقف غريب يبعث على الضحك..
وجدّد قايد صالح، موقفه "الثابت المتمسك بالحل الدستوري للأزمة"، في تناقض صارخ لما يدعو إليه الشعب من خلال شعاراته كل جمعة، ويأتي هذا الموقف يضيف قايد صالح: "انطلاقًا من إيمانه بأن الدولة العصرية هي دولة المؤسسات"!، كما لو ان الشعب لا يريد دولة المؤسسات، التي يرفضها الفريق صالح من خلال سلوكاته وتصريحاته..
ويستمر قايد صالح في تصريحاته الكاذبة التي لا علاقة لها بما يقوم به وما يقرره يوميا ضد الشعب، حيث يقول إن "التمسك بالدستور هو عنوان أساسي للحفاظ على كيان الدولة واستمراريتها، ويعمل على مرافقة الشعب الجزائري الأبي الذي يطالب بإلحاح بالتعجيل في إجراء الانتخابات الرئاسية، هذا الشعب الذي نكن له كل التقدير والاحترام، والذي التف بقوة حول جميع المبادرات الخيرة التي قدمتها المؤسسة العسكرية"، وهي تصريحات لا معنى لها لأن الشعب يطالب بأشياء أخرى وضمنها رحيل قايد صالح نفسه، الذي يعتبر من رموز النظام الفاسد، وكذا بناء دولة ديمقراطية ومدنية بعيدا عن إملاءات الجيش الذي استولى على ثمار الاستقلال منذ انقلاب سنة 1962..
ويعتقد قايد صالح، كما دأب على ذلك، أن "التحامل على المؤسسة العسكرية هو جزء من مخطط خبيث هدفه الوصول إلى تقييد أو تحييد دور الجيش، الذي قدم درسًا للجميع، في الوفاء والإخلاص وحماية الوطن، وبرهن ميدانيًا على قدرته في أن يجسد عمق الرابطة القوية بين الشعب وجيشه"، وهي اسطوانة مشروخة ملّها الشعب الذي يطالب برحيل كل رموز النظام بما فيهم قايد صالح نفسه الذي ظل إلى وقت قريب يساند ويدعم بوتفليقة وترشحه لولاية خامسة..
وفي محاولة اخرى لخلط الأوراق والكذب على دقون الجزائريين، ادعى الفريق قايد صالح أن "قيادته كانت سباقة إلى الاستجابة للمطالب الشعبية قبل أية جهة أخرى، مما هدّد مصالح العصابة وأذنابها وأفشل مخططاتها في إعادة صياغة المشهد الوطني العام حسب أهوائها ومصالح أسيادها"!.
وقال قايد صالح "إننا نقول لهؤلاء اتركوا الجزائر لأبنائها الأوفياء فهم جديرون بها وقادرون على بنائها وحمايتها، وإننا على يقين أن شعبنا الأبي التواق إلى العيش في سلام وطمأنينة في كنف الأمن والاستقرار، يستحق أن يعيش حياة كريمة في بلاده، هذا الشعب، الذي يضرب به المثل في حب الوطن والإخلاص، أيد وبارك مساعي المؤسسة العسكرية".
ويرى العديد من المتتبعين للشأن الجزائري بأن قول قايد صالح هذا، هو ما يطالب به الشعب الجزائري، الذي يطالب من صالح والمؤسسة العسكرية بان يبتعدوا عن الشأن السياسي ويتركوا "الجزائر لأبنائها الأوفياء فهم جديرون بها وقادرون على بنائها وحمايتها" بعيدا عن قرارات الجيش وتدخلاته في الحياة السياسية، وأن الشعب لا يؤيد مساعي المؤسسة العسكرية بعد ان اصبحت العقبة الحقيقية أمام كل تغيير..