كتبت صحيفة نيويورك تايمز افتتاحية عن احتجاجات الشباب الغاضب في الجزائر واصفة إياها بأنها الأضخم ضد الحكومة منذ الثمانينيات وأنها تتزايد باستمرار، داعية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للتنحي. وقالت "إن الزمرة القابضة على السلطة بمن فيها بوتفليقة إذا كان بكامل إدراكه حتى اليوم تعلم ما جرى للأنظمة المجاورة في الربيع العربي وما يمكن أن يحدث لأفرادها إذا رفضوا تلبية مطالب التغيير".
فبوتفليقة (82 عاما) لم يعد قادرا منذ 2013 على إدارة الدولة، تقول الصحيفة الأميركية، وهو الآن بالمستشفى بسويسرا وإن خبر استمراره على قيد الحياة أصبح أهم من كونه بصحة جيدة، مضيفة أن هذا على الأقل ما شعر به سفير بلاده في فرنسا أمس.
وأشارت نيويورك تايمز إلى أن الإصرار على استمرار بوتفليقة في السلطة أغرق دولته الغنية بالنفط والغاز في أزمة.
وقالت أيضا إن احتجاجات الجزائر، التي أفلتت من ثورات الربيع العربي، نادرة نسبيا، وإن نظام الحكم ربما لن يفلت من غضب الشباب هذه المرة.
الرئيس الإطار وأوردت الصحيفة أن مدير حملة بوتفليقة الانتخابية لولاية خامسة قدم يوم الأحد حمولة شاحنة من الوثائق المطلوبة من المرشحين. وبموجب القواعد الجزائرية للانتخابات، يفترض أن يقدم المرشح الوثائق المطلوبة للمجلس الدستوري شخصيا، وهو ما لم يستطع بوتفليقة أن يفعله -بالطبع- وهو الرئيس الذي أصبح يُوصف ب "الإطار" لأنه عادة ما يكون مرئيا للجمهور فقط في صور مؤطرة.
وإلى جانب هذه الوثائق، تقول نيويورك تايمز، تمت قراءة رسالة مزعومة من بوتفليقة إلى الشعب بصوت عال عبر التلفزيون الرسمي تتضمن وعدا منه بأنه في حال إعادة انتخابه سيعقد "مؤتمرا وطنيا شاملا" لكتابة دستور جديد يتبعه التصويت لانتخاب رئيس جديد، كما أنه شخصيا لن يترشح بهذه الانتخابات. وقالت الرسالة "لقد استمعت وسمعت من كل قلبي صرخات المتظاهرين، ولا سيما آلاف الشباب الذين سألوني عن مستقبل بلدنا".
وأشارت الصحيفة إلى أن رد الشباب على الرسالة كان العودة إلى الشوارع ذلك المساء، والتشديد على أن ما تُلي عليهم عبر التلفزيون لا يعود إلى بوتفليقة.
عصبة غامضة إن الذي يدير الجزائر حاليا، تقول نيويورك تايمز، ويحلب ثروتها عصبة غامضة من رجال الأعمال والجنرالات ورؤساء المخابرات والسياسيين، بمن فيهم رئيس أركان الجيش وإخوة الرئيس، ورأى المتظاهرون الخطاب المزعوم لبوتفليقة على أنه ليس أكثر من حيلة من قبل هذه العصبة لكسب الوقت إلى حين الاستعداد للاستمرار بالسيطرة على السلطة.
وعلقت الصحيفة بأن الاستقرار والنفط مكّنا الجزائر من تجنب انتفاضات 2011 بالمنطقة مع استمرار القمع السياسي بالبلاد. وعندما انخفضت أسعار النفط، انخفضت كذلك احتياطيات العملات الأجنبية وقدرة الحكومة على تهدئة الرأي العام، مشيرة إلى أن نسبة البطالة بين الشباب، الذين يشكلون أكثر من نصف السكان ولم يتعرضوا لصدمة الحرب الأهلية، تبلغ حاليا 29%.