تجسيدا لفلسفتها التي قامت عليها منذ أن رأت النور قبل حوالي 14 سنة، والمتمثلة أساسا في ترسيخ قيم العدالة الاجتماعية والكرامة وتثمين الرأسمال البشري باعتباره عاملا أساسيا لتحقيق نمو اقتصاي مستدام، ما فتئت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تولي أهمية بالغة لمحور توفير الرعاية للفئات المستضعفة والأشخاص في وضعية هشاشة. وقد أكدت المبادرة في مرحلتها الثالثة، التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في شتنبر الماضي، والتي وضعت النهوض بالرأسمال البشري في صلب أهدافها وأولوياتها وفق نمط جديد من الحكامة يركز على التشخيص الدقيق للحاجيات والتعاقد على برامج عمل مضبوطة، هذا التوجه المحمود عبر تخصيص ما يناهز ربع الغلاف المالي المرصود لهذه المرحلة (18 مليار درهم) للبرنامج الثاني من برامجها الأربعة، بما مجموعه 4 ملايير درهم.
ويهم هذا البرنامج، المرتبط بمواكبة الأشخاص في وضعية هشة، تعزيز وتوسيع نطاق التدخلات التي باشرتها المبادرة خلال المرحلتين الأولى والثانية لفائدة مختلف فئات الأشخاص في وضعية هشة، مع العمل في إطار شبكات من الجمعيات الرائدة في مجال تخصصها بهدف نشر قواعد الممارسات الجيدة والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة لهذه الفئة من المجتمع، وتوفير مواكبة ذات جودة لهذه الفئات بمراكز متخصصة.
وتتوخى تدخلات هذا البرنامج توفير الدعم والرعاية لإحدى عشرة فئة ذات أولوية من الأشخاص في وضعية هشة، عبر العمل على ثلاثة محاور أساسية.
وتتوزع هذه المحاور إلى مساعدة خمس فئات من الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى والمسنين المفتقرين للموارد، ودعم إعادة الإدماج السوسيو-اقتصادي لأربع فئات تضم النساء في وضعية هشة، والسجناء السابقين بدون موارد، والمتسولين والمتشردين، والمدمنين، إضافة إلى حماية فئتين من الأطفال والشباب، هما الأطفال المتخلى عنهم وأطفال الشوارع والشباب بدون مأوى.
ويأتي هذا البرنامج امتدادا لما راكمته المرحلتان الأولى والثانية من المبادرة (2005 -2011 و2011- 2018) من مكتسبات ملموسة، مع مواصلة العمل على تدارك جزء من العجز المسجل حسب مؤشرات خريطة الفقر متعدد الأبعاد، وتعزيز وتوسيع نطاق التدخلات التي باشرتها المبادرة
وكان وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، قد أكد في كلمة ألقاها بين يدي صاحب الجلالة خلال حفل إطلاق المرحلة الجديدة من المبادرة (2019-2023)، أنه عملا بالتعليمات الملكية السديدة، تتوخى المرحلة الجديدة بالأساس ترسيخ قيم العدالة الاجتماعية والكرامة واستشراف المستقبل وزرع الأمل، وذلك من خلال اعتماد مقاربة شمولية، ترتكز على أربعة برامج متناسقة ومتكاملة تضمن إسهام كل الفاعلين في المجال الاجتماعي.
وشدد لفتيت على أن الترجمة العملية لبرامج المرحلة الجديدة ستتم وفق منهجية مبنية على حكامة خلاقة ومبدعة، ترمي إلى تحقيق المزيد من الانسجام والفعالية، من خلال الاعتماد على دعامات متعددة تشمل اعتماد ثقافة المشاركة، وتجديد آليات الحكامة، وتبني سياسة التعاقد، ومنظومة الشراكة المتجددة، وتكريس التدبير المندمج للمشاريع ضمانا للالتقائية بين مختلف البرامج القطاعية لمؤسسات الدولة والجماعات الترابية.
وتتوزع الاعتمادات المرصودة للمرحلة الثالثة من المبادرة على أربعة برامج أساسية، تهم تدارك الخصاص المسجل على مستوى البنيات التحتية، والخدمات الاجتماعية الأساسية بالمجالات الترابية الأقل تجهيزا (4 ملايير درهم)، ومواكبة الأشخاص في وضعية هشة (4 ملايير درهم)، وتحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب (4 ملايير درهم)، ودعم التنمية البشرية للأجيال الصاعدة (6 ملايير درهم).
وستساهم الدولة ب 60 في المائة من إجمالي الاعتمادات المالية المخصصة لهذه المرحلة، فيما ستساهم وزارة الداخلية ب 30 في المائة من خلال المديرية العامة للجماعات المحلية، على أن يساهم التعاون الدولي بتمويل 10 في المائة.