أكثر من خمسة وخمسين عاما.. هي عمر الراحلة سهير الباروني الفني، حيث بدأت مشوارها في خمسينيات القرن الماضي، واختتمته في شهر رمضان الماضي بآخر أعمالها وهو مسلسل "عريس ديلفري" الذي قدمته مع هاني رمزي.. سهير الباروني التي توفيت في منزلها بمنطقة المهندسين بمصر في 31 يناير ، تميزت بأدوار العانس والفتاة غير المرغوبة ثم في مرحلة أخرى من حياتها بدور الأم غريبة الأطوار والتي دائما ما تكون مصدر بهجة على الشاشة، حيث تعاونت مع عدد من أشهر فناني هذا الجيل بينهم محمد هنيدي، وطلعت زكريا وغيرهم.
ورغم أن الراحلة التي فارقت الحياة عن عمر 75 عاما كانت تتمتع بمرونة شديدة في قبولها للأدوار التي تعرض عليها إلا أنها أيضا كانت تعاني من عدم استعانة المخرجين بها في أدوار كثيرة حيث لم تقدم خلال مشوارها الفني الطويل في عدد السنوات سوى سبعون عملا فقط تنوعت بين السينما والتليفزيون والمسرح، وكانت تشكو في ايامها الأخيرة من هجرة الوسط الفني لها وعدم سؤال معظمهم عليها وعلى صحتها. وهذا أيضا ظهر في العزاء الذي أقيم لها بمسجد الكواكبي حيث كان خاليا من النجوم من زملائها ولم يحضره سوى عدد قليل جدا وقد شهد غياب عدد ممن كان متوقع حضورهم حيث تعاملت معهم ومنهم وردة الجزائرية والفنانة الكبيرة نادية لطفي، وهاني رمزي وهالة فاخر وايمي سمير غانم ومحمد هنيدي. ولم يحضر العزاء من الوسط الفني سوى زيزي مصطفي ودلال عبدالعزيز وماجدة زكي والفنان الشاب أحمد حداد وفاروق فلوكس. اليكم هذه المقابلة مع سهير الباروني، التي اجريت قبل وفاتها بأيام قليلة:
هل تعتبرين أن عدم الاستعانة بك في ادوار كثيرة مؤخرا له علاقة بكونك تقدمت في العمر أم ماذا ؟ أنا لا أعتبر نفسي كبرت في العمل أساسا فأنا أتعامل مع نفسي على أنني لا زلت في مرحلة الشباب، وعموما أنا لا أسعى إلى العمل ولن أسعى له ولن يأتي يوم لأتصل فيه بمخرج أطلب منه أن يجد لي دورا في مسلسل أو فيلم له، فهذه ليست طبيعتي وبالتالي فأفضل أن أجلس في منزلي ولا أجري وراء الشغل مثلما يفعل غيري.
صرحت من قبل أنك في أوقات كثيرة تفضلين ألا تشاهدي أعمالك في رمضان وتكتفي بالعبادات؟ أحمد الله على هذه النعمة فأنا لا أتفرج على المسلسلات الرمضانية حتى ولو كانت تخصني، وأقضي وقتي في قراءة القرآن الكريم ومتابعة القنوات الدينية، وأكره الإعلانات جدا ولا أطيقها لذا أبعد عنها بقدر الإمكان، فهي بمثابة عقدة بالنسبة لي. وفي غير رمضان، أتابع برامج التوك شو لأعرف حال البلد، لكن إذا وجدت إعلانات أغير المحطة حتى ينتهي ثم أعود لها من جديد، وأتمنى أن تنتبه الدولة لهذه البرامج وأن تتابع ما يقال في هذه البرامج لأنها تقدم كلاما خطيرا وقضايا مهمة جدا جدا تخص حال المواطن الغلبان، فيكفي أن الطلبة في كل فصل عددهم يتجاوز الستين شخص وهذه مصيبة فمن أين يأتي التعليم الجيد، عموما أنا مع التغيير وكنت أتمنى أن انتخب الدكتور محمد البرادعي لكنه انسحب من السباق الرئاسي.
وعودة إلى الفن.. من تهتمين بمتابعتهم من نجوم الكوميديا الشباب؟ أهتم بمشاهدة ما يقدمه محمد سعد وهاني رمزي ومحمد هنيدي، وأحمد حلمي لأنهم كوميديانات موهوبين بشكل حقيقي جدا جدا ويقولون إيفيهات طازجة، وأفلامهم لا يوجد بها قبلات مبتذلة.
فهل أنت ضد القبلات في السينما؟ "لا أحب الممثلات إللي بيتباسوا، والزوج إلي يسمح لمراته، أو أخته أنها تتباس في الفيلم يبقي راجل "ديوس"، فكيف يقبل على زوجته أو أخته أن يتم تقبيلها من رجل غريب.
لكن الأفلام المصرية القديمة بالأبيض والأسود مليئة بمثل هذه المشاهد ولم توصف أبدا بأنها مبتذلة.. ما تعليقك؟ طبعا زمان كان فيه قبلات في معظم أفلامنا لكنه لم يكن بتلك البشاعة، حتى أن هذه النوعية من المشاهد كان يتم التشويش عليها بأن نجد الشبابيك تفتح، أو لمبه جاز تنطفئ، لكن الآن لا يوجد حياء إطلاقا.
هذا يعني أنك ربما نادمة على بعض من أعمالك؟ أقولها بكل ثقة.. أنا نادمة على مشواري الفني كله ولو كان لدي مصدر رزق آخر لاعتزلت هذه المهنة منذ زمن بعيد لأنني أريد أن أدخل الجنة، كما أنني نادمة على ارتدائي بذلات الرقص، وعموما أنا لا اعتبر نفسي أخذت حقي سواء في السينما أو المسرح أو التليفزيون.
وبالتوجه بالسؤال إلى ابنتها عن الحالة الصحية والنفسية للفنانة الراحلة قبيل وفاتها قالت: والدتي كانت تعاني في الفترة الماضية من توتر واكتئاب نفسي وحالة نفسية سيئة جدا ولم يكن هناك كثيرون يسألون عنها، وكل هذا أدى إلى وجود صعوبة في الحركة والمشي لديها، كما أنها كانت حزينة جدا على تردي الوضع الأمني في البلاد، وأطلب من الله أن يرحمها.