أكد الجامعي السينغالي، باكاري سامب، مدير مجموعة التفكير الافريقية "معهد تمبوكتو لوسط إفريقيا لدراسات السلم" أن المغرب يضطلع بدور رائد في النهوض بالإسلام السمح والوسطي بإفريقيا بالنظر لغنى موروثه التاريخي وموارده الروحانية والرمزية وتجذره في القارة. وأبرز سامب في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة زيارة عمل للمغرب، أنه "إذا تصفحنا تاريخ القارة منذ عهد المرابطين والموحدين والمرينيين والسعديين، نجد مجموعة من الموارد الثقافية والروحية التي جعلت المغرب مؤهلا للاضطلاع بدور رائد في النهوض بالإسلام السمح".
وأوضح المتخصص في العلاقات الدولية، لاسيما العالم الإسلامي والعلاقات العربية الإفريقية، أنه من بين هذه الموارد الدين الإسلامي والطريقة التيجانية التي تعتبر إحدى الطرق الصوفية المؤثرة في إفريقيا الغربية، خاصة السينغال والنيجر ومالي ونيجيريا، حيث تضم حوالي 46 مليون مريد، وتساهم في نشر ثقافة التسامح والسلام".
وبخصوص آفاق العلاقات المغربية الإفريقية، أشار سامب إلى أن المملكة بلورت استراتيجية دبلوماسية أخذت حيزا مهما من التفكير وتقوم على الخصوص على الجانب الديني لترسيخ الهوية الإفريقية وتأكيد إشعاعها في القارة، وهو ما تجسد من خلال المبادرات المختلفة لجلالة الملك محمد السادس.
وذكر بأن المغرب بادر إلى إصلاح حقله الديني ليصبح نموذجا يحتذى بالنسبة لباقي البلدان الإسلامية والإفريقية.
فالإسلام الوسطي الذي يتبناه المغرب، يضيف الخبير، استطاع أن يقاوم الاضطرابات التي شهدتها منطقة المغرب العربي، خاصة الجزائر، مشيرا إلى أن المملكة تتوفر على تجربة مهمة ينبغي تقاسمها لمواجهة التطرف العنيف بجميع أشكاله وتنامي الجماعات الإرهابية بشكل غير مسبوق في منطقة الساحل، خاصة بوكو حرام والقاعدة في المغرب الإسلامي والشباب الصوماليين.
وبخصوص التطرف والشبكات العبر وطنية في الساحل، سجل أن "انخراط المغرب في تكوين الأئمة وتبني خطاب بديل لمكافحة التطرف أمر كان العالم في حاجة إليه".
وذكر بأن المغرب في عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني أحدث رابطة للعلماء بالسينغال وأخرى بالمغرب سنة 1985، وساعد في إعادة نشر كتب الفقه المالكي في إطار النهوض بنموذجه للإسلام الوسطي القائم على المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والصوفية السنية.
وفي ما يتعلق بموضوع تكوين الأئمة الأفارقة في المغرب، أوضح سامب أنه على إثر انتشار الإيديولوجيات السلفية التي أفضت إلى أشكال التطرف بالقارة، كان من المنتظر اتخاذ المبادرة وتكوين الأئمة بأرض إفريقيا، خاصة في المغرب الذي يتبع المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية وهما عاملان للاستقرار على خلاف أشكال التعبير الديني الأخرى.
وأضاف أن هذه المبادرة أبانت مرة أخرى عن التزام المغرب لصالح استقرار وأمن إفريقيا وقدرة الأفارقة على تدبير شؤونهم الخاصة.
وبخصوص عودة المغرب لعائلته الإفريقية، أكد الجامعي السينغالي أنه "لا يمكننا الحديث عن عودة بما أن المغرب لم يكن أبدا غائبا، داعيا إلى الرجوع إلى الواقع والمنطق التاريخي لأن الاتحاد الإفريقي بدون المغرب سيعيقه انعدام التماسك.
وقال إن "هذه العودة جاءت في موعدها"، مشيرا إلى أنه في هذه اللحظة المهمة والاستراتيجية تبحث القارة عن نموذج وهي في حاجة أكبر إلى دينامية للتعاون جنوب-جنوب سيضفيها المغرب.
وبالنسبة للعلاقات المغربية السينغالية، أكد سامب أن لها جذورا عميقة في التاريخ، مسجلا أن الجانب الديني كان محركا لها.
وأوضح أن "فاس مثلا موطن للإشباع الروحي بالنسبة للمسلمين الافارقة (...) فعلاقاتنا تعود إلى قرون والطريقة التيجاني بفاس عززت هذا الارتباط الوثيق بين البلدين".
وأكد سامب، الذي يقوم بزيارة للمغرب لإدارة نقاشات حول الفكر الإسلامي والدبلوماسية الدينية بالمغرب، أن المملكة خلافا لعدة بلدان مغاربية، تتيح إمكانية تنظيم هذا النوع من الأحداث في إطار التقارب بين الحضارات وحوار الثقافات والأديان، طبقا للهوية المغربية المنفتحة والمحافظة في نفس الوقت على القيم الإسلامية السليمة.