شعب بريس- ا ف ب أطلق الامازيغ في ليبيا أمس الاثنين مرحلة جديدة من تفاعلهم مع المجتمع والدولة عنوانها الشراكة الثقافية والسياسية، بعد عقود من التهميش الذي تعرضوا له في عهد العقيد الفار معمر القذافي. وللمرة الأولى منذ أكثر من أربعة عقود، نظم الامازيغ مؤتمرا كبيرا خاصا بهم في طرابلس تحت شعار "ترسيم اللغة الأمازيغية ودعم الوحدة الوطنية". ورفع الامازيغ علمهم الأزرق والأخضر والأصفر في محيط وأنحاء الفندق الذي عقد فيه "المؤتمر الأمازيغي الليبي الأول" فيما تولت حماية الموقع قوات امازيغية شاركت في الثورة المسلحة التي أطاحت بأربعة عقود من حكم القذافي.
كلمة لونيس بلقاسم رئيس الكونغريس العالمي الامازيغي في افتتاح المؤتمر وارتفعت عند مداخل المكان لافتات كتب على بعضها "الثقافة الأمازيغية حق لنا" و"شعب ليبيا يتنسم عبق الحرية"، فيما تلي في بداية المؤتمر النشيد الوطني الليبي باللغتين العربية ثم الأمازيغية. وقالت منسقة إعلامية من على المنبر المخصص لإلقاء الكلمات "ليبيا لغتان وشعب واحد، ليبيا ثقافتان وشعب واحد"، وسط تصفيق الحضور وتعالي صرخات "الله اكبر". وقال رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر فتحي ابو زخار أمام عشرات المشاركين الذين غصت بهم قاعة كان القذافي يعقد فيها بعض مؤتمراته وبينها مؤتمر القمة الأوروبي الإفريقي في بداية العام الحالي "هذا حدث عظيم (...) انعقاد المؤتمر يؤكد أن ليبيا واحدة غير قابلة للتجزئة". وأضاف أن "مسالة اللغة الأمازيغية حق نريد أن نراه في الدستور، وهو أمر غير قابل للتصويت ورفع الأيادي". وتابع "لا نؤمن بأحزاب تتأسس على خلفية امازيغية لكننا نريد أن نبلغ الحكومة الانتقالية والحكومة المقبلة أن الأمازيغية جزء من المعادلة السياسية".
ويشكل الامازيغ الناطقين باللغة الأمازيغية حاليا حوالي عشرة بالمائة من سكان ليبيا (حوالي ستة ملايين نسمة)، ويسكن معظمهم في منطقة جبل نفوسة (شمال غرب ليبيا) وزوارة (حوالي 120 كلم غرب طرابلس) وغدامس (حوالي 600 كلم جنوب غرب طرابلس). ويعود تواجد الامازيغ في ليبيا إلى حوالي عشرة آلاف سنة. ويفخر الامازيغ وهي كلمة تعني الأحرار الشرفاء، بأبطالهم مثل شيشنق الذي حكمت أسرته مساحات واسعة من شمال إفريقيا وبلاد الشام لحوالي ثلاثة قرون، وكذلك طارق ابن زياد وهنيبعل. وتعرض الامازيغ خلال عهد معمر القذافي لمضايقات كثيرة وتهميش واسع ومنعوا من تسمية أبنائهم بأسماء امازيغية. ورفض القذافي الاعتراف باللغة الأمازيغية كلغة رسمية ثانية إلى جانب العربية، معتبرا أن الأمازيغية انقرضت وانتهت.
وقال مسؤول الثقافة في المجلس الوطني الانتقالي الليبي الذي يمثل السلطات الجديدة في البلاد عطية الاوجلي، إن "اللغة الأمازيغية التي أريد لها أن تختفي عادت قوية اليوم". وأضاف في كلمته أمام المؤتمر "ننطلق سويا من اجل بناء هذا الوطن على أساس التعدد الثقافي دونما تعصب وكراهية". من جهته ذكر ممثل المجلس الانتقالي سالم قنان أن "توصية المجلس هي أن اللغة الأمازيغية لغة وطنية". وتابع "نحن شعب واحد ولن نتراجع عن أن تكون اللغة الأمازيغية في الدستور، فقد ضحينا بدمائنا من اجل الحرية". واستند المؤتمر إلى عناوين أساسية أبرزها "ترسيم اللغة الأمازيغية حق لا يستغنى عنه"، و"لا شرعية بدون ترسيم اللغة الأمازيغية".
وفوجئ المنظمون بعدد المشاركين الذي اكتظت بهم أروقة الفندق وراحوا يتبادلون التهاني بانتصار الثورة ويتحدثون باللغة الأمازيغية من دون خوف من رقابة الأجهزة الأمنية للقذافي. وقال مادغيس بوزخار (29 عاما) وهو عضو مؤسس في جمعية تيرا للغة والثقافة الأمازيغية إن "المجال الثقافي كان ممنوعا علينا ونأمل أن يتغير هذا الأمر في الفترة اللاحقة". وأضاف بوزخار المتحدر من يفرن في جبل نفوسة إن "الطاقات الأمازيغية المدفونة بدأت تبرز. ونحن لا نطالب بأي شيء بل ننادي بحقوقنا إذ انه من الضروري أن نساهم في الحياة السياسية أيضا". من جهته، طالب شيشنق أبو دية "بدسترة اللغة الأمازيغية". وقال "إذا تم تعريف الهوية الليبية فيجب الإشارة إلى أن الأمازيغية مكون رئيسي في هذه الهوية". وتابع ردا على سؤال حول الاسم الرسمي لليبيا "لم يكن محل جدل، لكن ربما تكون حذف كلمة – العربية - احد المطالب"، في إشارة إلى تعريف ليبيا بالجماهيرية العربية الليبية العظمى.