لقد اتضح أن الجزائر ترفض مبادرة الحكم الذاتي، التي تقدم بها المغرب كمشروع جرئ، ومتفاعل مع قرارات وتوجهات الأممالمتحدة، التي طالبت بضرورة إيجاد حل سلمي وسياسي متفاوض حوله، (ترفضها) ليس لأنها مع مصالح الشعب الصحراوي، الذي تدعي أنها ترعاه وتقدم له الخدمات، وليس لأنه لن يعطي حقوق الصحراويين كاملة في إطار تسيير ذاتي لشؤونهم تحت السيادة المغربية، ولكن الجزائر تريد أن يبقى الوضع على ما هو عليه، حتى لا تضطر أن تطبق نموذج الحكم الذاتي في بلدها، لأن العديد من الجهات تطالب بهذا النموذج من الحكم.
هذا ما أورده القائم بالأعمال بسفارة المغرب بجنيف حسن البوكيلي، خلال جلسة مناقشة في مجلس حقوق الإنسان بجنيف حول الأوضاع التي تستدعي اهتمام المجلس، الذي أكد أن الجزائر تناوئ المبادرة المغربية للحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، لأنها تخشى أن تضطر يوما ما لتطبيقه فوق ترابها.
فالجزائر تدعي أن الحكم الذاتي يتعارض مع القانون الدولي، ولكن حقيقة الأمر انها تخشى من الاضطرار لتطبيقه في منطقة القبائل ومزاب، يقول البوكيلي في إطار حق الرد بعد تدخل الوفد الجزائري الذي تطرق إلى أوضاع حقوق الإنسان في الصحراء المغربية بشكل مغرض، مضيفا ان المغرب قدم مبادرة الحكم الذاتي من أجل إيجاد حل، بشكل نهائي وديمقراطي لهذا النزاع السياسي الإقليمي، في إطار السيادة الوطنية وفي احترام للخصوصيات المحلية في المنطقة.
من جهة أخرى أوضح البوكيلي أن نشطاء حركة تقرير المصير بالقبائل، يتعرضون للاضطهاد والتضييق والترهيب والنفي بشكل ممنهج. وكانت تنسيقية حركة تقرير المصير بالقبائل الممنوعة، قد أشارت إلى أن "الدرك الجزائري، الذي قتل 128 مواطنا من منطقة القبائل خلال الأحداث المأساوية للربيع الأسود، يتصرف كقوة احتلال ويواصل إذلاله للمواطنين القبايليين".
وأبرز الدبلوماسي المغربي أن العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان بغرداية من بينهم كمال الدين فخار، وهو صحفي مستقل، والعصبة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، أعربوا عن أسفهم لأعمال الترهيب والمضايقات التي تستهدف نشطاء مزابيين.
فالجزائر، التي تتحدث في كل منتدى وفي كل اجتماع دولي وإقليمي عن حقوق الإنسان بالصحراء، مطالبة بوقف إراقة الدماء في مناطق الميزابيين، يقول البوكيلي مضيفا ان "مسؤولية الجزائر مؤكدة في موضوع انتهاكات حقوق الإنسان بمخيمات تندوف سواء بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الدولي للاجئين"، وهي حالة تسائل المجتمع الدولي منذ أربعين سنة خلت، مؤكدا على أن أي تحقيق أممي في هذه الانتهاكات يجب أن يتم بالضرورة مع دولة الجزائر، أخذا بعين الاعتبار وضعها المسمى ب"البلد المضيف" للسكان، وانطلاقا من كون هذه الجرائم ترتكب تحت سيادتها.
وأشار الدبلوماسي المغربي إلى أن كل مبادئ حقوق الإنسان وحمايتها تُنتهك بالنسبة لسكان مخيمات تندوف، لاسيما حرية التعبير والتجمع وتأسيس الجمعيات وحرية التنقل. كما ذكر بمعارضة الجزائر لاستقبال الطلبات المتعددة للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين والأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الرامية إلى إحصاء سكان مخيمات تندوف وضمان حمايتهم والحيلولة دون تحويل مسار المساعدات الإنسانية المقدمة لهم.