تخلت منظمات وحركات شبابية وبعض الاحزاب عن فكرة التظاهر في العشرين من آذار – مارس بعد الاصلاحات التي اعلنت عنها السلطات المغربية. واعلنت تنسيقية حركة 20 فبراير فرع مكناس انسحابها من الاستعدادات التي دعت اليها قوى المجتمع المدني من اجل إنجاح احتجاجات يوم الأحد 20 مارس. من جهته، قال وزير الاتصال المغربي خالد الناصري لوكالة الصحافة الفرنسية إن هناك “تمييزا بين المطالب الحسنة النية” من جانب الشبان المغاربة “الذين يتجمعون حول حركة 20 فبراير” و”جهات أخرى”. وأضاف “ليست لدينا مشكلة مع الشباب بل مع الذين يستخدمونهم أداة” ملمحا بذلك إلى جماعة “العدل والإحسان” “ويسار متطرف ما زال حالما”. وأكد الناصري الناطق باسم الحكومة أيضا إن المغرب “يقدم الدليل على انه قادر على القيام بعملية إصلاح عميقة جدا في أجواء من الهدوء والاستقرار”. أما أحزاب الأكثرية الحكومية فدعت من جهتها السكان الجمعة إلى التضامن مع المشروع الذي أعلنه الملك وأعربت في بيان عن “تضامنها الصادق مع المطالب المشروعة التي أعرب عنها الشباب المغربي في 20 فبراير 2011′′. والمغرب الذي افلت نسبيا من حركة الاحتجاجات التي تهز العالم العربي، شهد أولى التظاهرات الحاشدة على المستوى الوطني في العشرين من شباط- فبراير. وطالب المحتجون بالمزيد من الديموقراطية والإقلال من الفساد في هذا البلد حيث تبقى مستويات التفاوت قوية، وطالبوا أيضا بإصلاح الدستور واستقالة الحكومة. ومنذ ذلك الوقت، تحدث العاهل المغربي في التاسع من آذار- مارس في خطاب وصفته عدة صحف مغربية بأنه تاريخي، ورحبت به الولاياتالمتحدة وفرنسا خصوصا، حيث رأت فيه باريس مسيرة “نموذجية”. والملك الذي يتمتع حاليا بسلطات واسعة جدا، أعلن إعادة نظر بالدستور قائمة على عدة مبادىء بينها فصل السلطات واستقلال القضاء و”حكومة منتخبة منبثقة من الإرادة الشعبية التي يتم التعبير عنها عبر صناديق الاقتراع” وتعزيز سلطات رئيس الوزراء. واعتبرت خديجة محسن فنان الباحثة والمدرسة في جامعة باريس الثالثة إن الملك “أراد أن يجنب نفسه من الحركة الشاملة في العالم العربي. أراد أن يظهر انه متقدم بشكل ما”. لكنها رأت أن هناك أيضا “انتصارا في الشارع بما أن الملك بات يتحسب لبعض الأمور مسبقا”. وقالت “انه اختبار للملكية” و”اعتقد أن الحركة ستتواصل. إنها قوية والمطالب لم تكن أكثر وضوحا مما هي عليه الآن”. وقالت تنسيقية حركة 20 فبراير فرع مكناس “ان قرار تخليها عن التظاهر يأتي اقتناعا منا أن هناك بعض الأطراف تحول الالتفاف على هده الحركة و تحولها عن مصرها من اجل ترجمة قناعتها السياسية والإيديولوجية”. واضافت في بيان مكتوب “إن العدول عن المشاركة في هذه المظاهرة ينبثق كذلك من قناعتنا أن الدولة قد أبانت عن حسن نواياها من أجل الإصغاء لمطالب الحركة و إن الحوار ممكن مع جميع مكونات الدولة بما فيها جميع الأطياف الاجتماعية و السياسية”. وترى حركة 20 فبراير أن الدولة المغربية عليها أن تلتزم بالجدية والمسؤولية في الوفاء بالتزاماتها و تعهداتها وذلك باستثمار الفاصل الزمني المتبقي عن إعلان مشروع التعديلات الدستورية الجديدة الموعودة في متم شهر حزيران – يونيو القادم، وهي مهلة كافية لتبادر الدولة لطرح جميع المقترحات العملية والبدء في الإصلاحات الموازية الكفيلة بتفعيل التعديلات الدستورية على أرض الواقع و إنشاء المؤسسات الكفيلة بضمان دولة الحق و القانون و المساواة والعدالة الاجتماعية والقطع مع الممارسات السابقة المسؤولة عن الوضع المتأزم الحالي، وهذه كلها شروط تقطع مع التعجيز وترفض النظرة العدمية، وتتحلى بالواقعية التي تقتضيها المرحلة. ونوه البيان بالمجهود الذي يبذله أعضاء حركة شباب 20 فبراير في المطالبة بالإصلاح الاقتصادي والسياسي الجذري وأكد على المسؤولية الكاملة للسلطات في صون حق التعبير والتظاهر السلمي الذي يكفله القانون لكل مغربي، لكنه أدان وحذر من كل المحاولات الرامية إلى تسفيه وتشويه سمعة الحركة من خلال سعي عدة أطراف معروفة للجميع إلى الانسلات إلى داخل صفوف المتظاهرين يوم 20 مارس لتحويل الوقفات عن إطارها السلمي المتوازن من خلال التخريب والنهب ومواجهة القوة العمومية بالعنف. واختتم البيان تأكيده إن العدول عن المشاركة في تظاهرات 20 مارس، لا يعني تجميدا لنشاط هذه الحركة بل هو مجرد مرحلة تقطع مع الاقتصار على سياسة الاحتجاج من أجل الاحتجاج وتؤسس للعمل المنظم لمتابعة ورصد التزام الدولة بتطبيق تعهداتها في خطاب 09 مارس، وهي بذلك تدشن لمرحلة جديدة في عمل الحركة تعتمد فيها على المعارضة و النقد البناء للسياسات الحكومية والملكية و المساهمة في أورش الإصلاح السياسي التي تم الإقدام عليها مع الاستمرار في مساندة والمشاركة في الاحتجاجات ذات الطابع الاجتماعي و الاقتصادي.