تستعد مدينة مراكش لاحتضان الدورة العشرين للجنة القدس يومي 17 و 18 يناير الحالي تحت الرئاسة الفعلية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس بحضور رئيس دولة فلسطين محمود عباس ومشاركة وزراء خارجية الدول الأعضاء في اللجنة. وستكون هذه الدورة مناسبة لتحديد رؤية موحدة للبلدان الإسلامية وبحث الوسائل والآليات الكفيلة بالتصدي للمحاولات الإسرئيلية الرامية لتهويد وطمس معالم مدينة القدس الشريف التاريخية والحضارية والإنسانية وللخروقات السافرة والمتكررة التي تمس طهارة وقداسة المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، الذي له مكانة خاصة في قلوب المسلمين كافة.
وعلاوة على مشاركة الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي (منظمة المؤتمر الاسلامي سابقا) إياد أمين مدني، ستتميز الدورة بحضور مبعوثين من مستوى رفيع يمثلون البلدان دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وحاضرة الفاتيكان وجامعة الدول العربية.
ويندرج انعقاد هذه الدورة في إطار الجهود والمساعي التي ما فتئ جلالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس يقوم بها لدى الدول والأطراف المعنية بالقضية الفلسطينية وكذا لدى البلدان دائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي، من أجل إبراز الأهمية الخاصة التي تكتسيها قضية القدس الشريف بالنسبة للعالمين الإسلامي والمسيحي.
ويأتي انعقاد هذه الدورة في ظرفية صعبة تجتازها منطقة الشرق الأوسط بكاملها وتقتضي التحلي باليقظة والحذر الضروريين للتصدي للممارسات الاستيطانية والاستفزازية للسلطات الإسرائيلية الهادفة إلى تغيير الوضع القانوني والديمغرافي للمدينة المقدسة، تزامنا مع انطلاق المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفلسطينية برعاية الولاياتالمتحدةالأمريكية.
ويشكل انعقاد الدورة العشرين للجنة القدس، تحت الرئاسة الفعلية لجلالة الملك محمد السادس، في هذه الظرفية الخاصة أيضا رسالة واضحة للمجموعة الدولية لكي تضطلع بمسؤولياتها كاملة إزاء الممارسات الإسرائيلية الهادفة إلى طمس معالم التراث الإسلامي والمسيحي بمدينة القدس الشريف ودعوتها إلى التحرك الفوري من أجل حماية التراث الديني والحضاري لزهرة المدائن.
وفي هذا الصدد، كان صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، قد بعث إلى كل من قداسة البابا فرانسيس والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رسالتين عبر فيهما جلالته عن الانشغال العميق الذي تشعر به المملكة المغربية وسائر الأقطار الإسلامية، بخصوص عزم دولة الفاتيكان وإسرائيل التوقيع على مشروع ملحق للاتفاقية المبرمة بين الطرفين سنة 1993، والمتعلق بممتلكات الكنيسة الكاثوليكية بالمدينة المقدسة.
فهذا الموقف النبيل والواضح يعطي دليلا إضافيا على الجهود الخيرة والدؤوبة التي ما فتئ جلالة الملك يبذلها سبيلا إلى إيجاد حلول خلاقة ومبتكرة لقضية القدس، تأخذ بعين الاعتبار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتخدم السلام المنشود مع ضرورة المحافظة على الطابع الخاص للمدينة المقدسة، وعدم المساس بوضعها القانوني المعترف به دوليا.
وقد تأسست لجنة القدس في يونيو 1975 بتوصية من المؤتمر السادس لوزراء خارجية البلدان الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في جدة.
ومن بين أهداف اللجنة، التي تتكون من ممثلين عن ستة عشر بلدا من بين البلدان الأعضاء ينتخبون من طرف مؤتمر وزراء الخارجية لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، دراسة تطورات الوضع في القدس ومتابعة تنفيذ القرارات المصادق عليها من قبل المؤتمر الإسلامي وكذا تلك المصادق عليها حول القدس من طرف مختلف الهيئات والمحافل الدولية.
كما أن من ضمن أهداف اللجنة الاتصال بالمنظمات الدولية الأخرى التي قد تساعد على حماية القدس وتقديم مقترحات للبلدان الأعضاء ولكل المنظمات المعنية بالأمر تتعلق بالخطوات المناسبة التي يجب اتخاذها لضمان تنفيذ القرارات لمواجهة التطورات الجديدة، كما أنها مطالبة بتقديم تقرير سنوي لمؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية.
وتقرر خلال المؤتمر العاشر لوزراء خارجية الدول الإسلامية (دورة فلسطينوالقدس الشريف) المنعقد بفاس من 8 إلى 12 ماي 1979 إسناد رئاسة لجنة القدس إلى جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه، بهدف دعم قرارات هيئات منظمة المؤتمر الإسلامي على مختلف المستويات للمحافظة على عروبة وإسلام المدينة المقدسة وعودتها إلى السيادة العربية والإسلامية.