أثار الحكم الصادر عن المحكمة التجارية بطنجة، القاضي بفتح مسطرة التسوية في مواجهة شركة الملاحة المغربية النرويجية "كوماريت"، مفاجأة للمتتبعين لمسار هذه القضية، بالنظر إلى وضع الافلاس الذي وصلت إليه الشركة، التي تملكها عائلة سمير عبد المولى البرلماني عن العدالة والتنمية. ويرجع سبب الاندهاش إلى أن الخبرة التي طلبتها المحكمة عن وضعية الشركة، للاستئناس بها قبل النطق بالحكم السالف الذكر، قد تضمنت مقاربة دقيقة لواقع الشركة التي باتت على وشك توقيف جميع أنشطتها، وإغلاق كل مقراتها، والحجز التحفظي على جميع منقولاتها وممتلكاتها، الأمر الذي كان يوحي بأن المحكمة ستقتضي بفتح مسطرة التصفية القضائية وليس التسوية القضائية.
إلا أن المحكمة ارتأت فتح مسطرة التسوية وهو الحكم الذي رأى فيه بعض المتتبعين هدية وفرصة أخيرة لعبد العالي عبد المولى ونجله سمير البرلماني في حزب العدالة والتنمية، من أجل إنقاذ الشركة من الإفلاس، بل هناك من ذهب إلى القول بأن وزير العدل والحريات، الذي ينتمي إلى نفس حزب عبد المولى، له دخل في الموضوع وذلك لرد الجميل لسمير عبد المولى الذي غادر حزب "البام" في اتجاه العدالة والتنمية خلال الانتخابات التشريعية سنة 2011.
يشار إلى ان المحكمة التجارية بطنجة، وعلى إثر حكمها هذا، عينت حسن سرار قاضيا منتدبا، ومحمد العافية الخبير الحيسوبي، من أجل إعداد تقرير شامل حول الموازنة المالية، والاقتصادية والاجتماعية للشركة، وبمشاركة رئيس المقاولة. وهي إجراءات قضائية، تهدف إلى الوصول لحل مناسب داخل أربعة أشهر من تاريخ النطق بالحكم.
كما طالبت المحكمة من كل الدائنين، التصريح بديونهم للحيسوبي ضمن قائمة موقعة، تتضمن المبالغ المطلوبة مرفقة بالوثائق، وحددت المحكمة للغاية ذاتها شهرين كآجال، وذلك ابتداء من تاريخ نشر الحكم بالجريدة الرسمية.
ويذكر أن مدونة التجارة، تنص على أن يقوم الحيسوبي داخل أربعة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة، عرض مخطط للتسوية يضمن استمرارية المقاولة، وذلك في حال وجود معايير لتسوية وضعية الشركة، وتسديد ديونها، أو يقترح تفويتها لأحد الأغيار، من أجل التصفية القضائية، في حالة التأكد من إفلاسها الشامل.
يشار إلى أن سمير عبد المولى، عمدة طنجة السابق و رجل السياسة والمال والأعمال، كان قد وضع لدى المحكمة التجارية بالدار البيضاء طلبا لإدخال شركة كوماريت التي تعود ملكيتها إلى والده في مسطرة التسوية القضائية. وهو ما تسبب في تشريد حوالي 1500 مستخدما، فضلا عن خسائر تقدر بالملايير.
وتجدر الاشارة إلى أن الفصل 590 من مدونة التجارة المغربية، ينص في مثل هذه الحالات، على أن "المحكمة تقرر إما استمرار قيام المقاولة بنشاطها أو تفويتها أو تصفيتها القضائية، وذلك بناء على تقييم من السنديك، وبعد الاستماع إلى أقوال رئيس المقاولة والمراقبين ومندوب العمال، فالمحكمة لا تنطق بمخطط الاستمرارية إلا إذا أبان المدين عن إمكانية جدية".