الاحتقان يخيم من جديد على قطاع الصحة.. وأطباء القطاع العام يلتحقون بالإضراب الوطني    "البيجيدي": دعم استيراد الأبقار والأغنام كلف الميزانية العامة 13 مليار درهم دون أي أثر يذكر    مستشارو فيدرالية اليسار بالرباط ينبهون إلى التدبير الكارثي للنفايات الخضراء و الهامدة بالمدينة    "متفجرات مموهة" تثير استنفارًا أمنيا في بولندا    بدء الاقتراع في الانتخابات الرئاسية الأميركية    فن اللغا والسجية.. المهرجان الوطني للفيلم/ جوائز المهرجان/ عاشت السينما المغربية (فيديو)    "الأحرار" يثمنون قرار مجلس الأمن    غير بعيد على الناظور.. حادث سير مروع يخلف عشرة جرحى    الأرصاد الجوية تتوقع ارتفاع الحرارة خلال الأيام القادمة في المغرب    بينهم مغربيين.. الشروع في محاكمة المتورطين في قطع رأس أستاذ فرنسي    حقيقة انضمام نعية إلياس إلى الجزء الثالث من "بنات للا منانة        القفطان المغربي يتألق خلال فعاليات الأسبوع العربي الأول في اليونسكو    مندوبية التخطيط : ارتفاع معدل البطالة في المغرب    أولمبيك أسفي يوجه شكاية لمديرية التحكيم ضد كربوبي ويطالب بعدم تعيينها لمبارياته    لهذه الأسباب.. الوداد يتقدم بطلب رسمي لتغيير موعد مباراته ضد اتحاد طنجة        آس الإسبانية تثني على أداء الدولي المغربي آدم أزنو مع بايرن ميوني    إلياس بنصغير: قرار لعبي مع المغرب أثار الكثير من النقاش لكنني لست نادما عليه على الإطلاق    أداء إيجابي يستهل تداولات بورصة الدار البيضاء    الانتخابات الأمريكية.. نحو 83 مليون شخص أدلوا بأصواتهم مبكرا    صاعقة برق تقتل لاعبا وتصيب آخرين أثناء مباراة كرة قدم في البيرو    القضاء يرفض تعليق "اليانصيب الانتخابي" لإيلون ماسك    وزيرة التضامن الجديدة: برنامج عمل الوزارة لسنة 2025 يرتكز على تثمين المكتسبات وتسريع تنفيذ إجراءات البرنامج الحكومي    حملة لتحرير الملك العام من الاستغلال غير المرخص في أكادير    كيوسك الثلاثاء | المغرب يواصل صدارته لدول شمال إفريقيا في حقوق الملكية    المغرب ‬يحقق ‬فائض ‬المكتسبات ‬بالديناميةالإيجابية ‬للدبلوماسية    هلال: تقييم دور الأمم المتحدة في الصحراء المغربية اختصاص حصري للأمين العام ولمجلس الأمن    دقيقة صمت خلال المباريات الأوروبية على ضحايا فيضانات فالنسيا    استقرار أسعار النفط وسط غموض حول الانتخابات الأميركية    استنفار أمني واسع بعد العثور على 38 قذيفة في ورش بناء    احتجاجا على الموقف السلبي للحكومة..نقابيو "سامير" يعتصمون أمام الشركة للمطالبة بإنقاذ المصفاة    ترامب يعد الأمريكيين ب"قمم جديدة"    هاريس تستهدف "الناخبين اللاتينيين"    تصفيات "كان" 2025.. تحكيم مغربي المباراة نيجيريا ورواندا بقيادة سمير الكزاز    الهجوم على الملك والملكة ورئيس الحكومة: اليمين المتطرف يهدد الديمقراطية الإسبانية في منطقة الإعصار    على بعد ثلاثة أيام من المسيرة الخضراء ‮ .. ‬عندما أعلن بوعبيد ‬استعداد ‬الاتحاد ‬لإنشاء ‬جيش ‬التحرير ‬من ‬جديد‮!‬    افتتاح النسخة الثانية من القافلة السينمائية تحت شعار ''السينما للجميع''    «حوريات» الجزائري كمال داود تقوده الى جائزة الغونكور    نجم الكرة التشيلية فيدال متهم بالاعتداء الجنسي    مجلس النواب يصادق على مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    نوح خليفة يرصد في مؤلف جديد عراقة العلاقات بين المغرب والبحرين    التساقطات المطرية الأخيرة تبعث الأمل في موسم فلاحي جيد    دراسة: المغرب قد يجني 10 ملايير دولار من تنظيم "مونديال 2030"    دروس وعِبر للمستقبل.. الكراوي يقارب 250 سنة من السلام بين المغرب والبرتغال‬    أخنوش: فقدنا 161 ألف منصب شغل في الفلاحة وإذا جاءت الأمطار سيعود الناس لشغلهم    "المعلم" تتخطى مليار مشاهدة.. وسعد لمجرد يحتفل    رحيل أسطورة الموسيقى كوينسي جونز عن 91 عاماً    أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)        خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جبهة البوليساريو: الخطر الإرهابي القادم من شمال إفريقيا أفغانستان جديدة في طريق التشكل
نشر في شعب بريس يوم 24 - 12 - 2010

أصبحت تثار خلال السنوات الأخيرة أسئلة كثيرة؛ حول المصير القاتم؛ الذي تواجهه منطقة المغرب العربي خاصة؛ و منطقة الشمال الإفريقي بشكل عام . و خصوصا بعد أن أصبح يتأكد يوما بعد يوم؛ أن موجة الإرهاب الدولي تقتحم المنطقة بقوة؛ و هذا ما أكدته الكثير من التقارير الدولية؛ و على قائمتها ما قدمه المركز الأوربي للدراسات الإستراتيجية و الأمن (ESISC) بخصوص هذا الموضوع .
غير أن ما يلفت الانتباه في هذه التقارير؛ هو كونها تجمع على الدور الخطير الذي أصبحت تلعبه جبهة البوليساريو؛ باعتبارها المحور الأساسي لكل هذه الحركية الإرهابية؛ التي تهدد المنطقة الإفريقية بأكملها؛ و خصوصا الدول الأكثر هشاشة؛ و التي لا تمتلك قدرات تمكنها من مواجهة هذا الخطر المحدق.
غير أن الدولة التي ستؤدي ضريبة هذا الامتداد الإرهابي؛ هي المملكة المغربية؛ و ذلك نظرا لعدة اعتبارات :
- أن جبهة البوليساريو –التي هي في طريق التحول إلى منظمة إرهابية بشهادة عدة تقارير دولية – تخوض حربا انفصالية على المغرب؛ بادعاء تقرير المصير.
- أن جبهة البوليساريو التي دخلت في اتفاق مع المغرب حول وقف إطلاق النار بين الجانبين سنة 1991 تهدد الآن بالعودة إلى إعلان حرب عصابات على المغرب؛ و هذا يخفي أكثر مما يعلن؛ لأن حرب العصابات تحيل على تهديد إرهابي مبطن .
- أن جبهة البوليساريو التي تعيش آخر أيام أطروحتها الانفصالية؛ مستعدة لتغيير الخطة في أي وقت؛ نحو العمليات الإرهابية؛ ضمن تصور إيديولوجي مغاير؛ يستبدل الشيوعية بالسلفية .
- أن جبهة البوليساريو دخلت مرحلة متقدمة من التنسيق مع الجماعة السلفية للدعوة و القتال؛ و التي تعتبر ذراع تنظيم القاعدة في المنطقة. بل و شاركت فعليا في عمليات التنظيم ( عمر الصحراوي) .
- أن جبهة البوليساريو تمتلك إمكانيات كبيرة سواء في العتاد الحربي؛ أو في المقاتلين؛ أو في الخبرة الميدانية... و إذا تم تحويل هذه الإمكانيات في اتجاه العمليات الإرهابية؛ فإن الأمر سيكون خطيرا للغاية؛ ليس على مستوى المنطقة المغاربية و الإفريقية فحسب؛ و لكن سيمتد الخطر إلى الجوار الأوربي؛ ليتحول فيما بعد إلى دعم كبير للإرهاب الدولي .
إن مجموع هذه الاعتبارات؛ تؤكد بقوة أن المغرب قد دخل مرحلة جديدة؛ في دفاعه عن حقوقه التاريخية و الجغرافية في الصحراء الجنوبية للمملكة؛ و كل المؤشرات توحي بأن المواجهة القادمة مع البوليساريو؛ ستكون مواجهة للإرهاب السلفي؛ بعد أن كانت في السابق مواجهة للعصابات (الكاستروية – الكيفارية ) .
و هذا ما يؤكد أن البوليساريو؛ مستعدة للتحالف مع الشيطان؛ في حربها المفتوحة على المغرب؛ الشيء الذي يؤكد أن المعركة؛ تتجاوز رؤية و قدرات البوليساريو؛ لأنها ترتبط بصراع جيو-سياسي ذي أبعاد إستراتيجية؛ تخص لاعبين أكبر و أخطر من الجبهة؛ لكن تبقى البوليساريو أفضل أداة لتنفيذ جميع المخططات الإجرامية؛ التي تسعى إلى تهديد وحدة المغرب و استقراره .
إن خطر تحول البوليساريو إلى منظمة إرهابية؛ على المدى القريب بله البعيد؛ ليس تخمينا و ليس مزاعم مغربية؛ و لكن تؤكده الأحداث الجارية؛ كما تؤكده الوثائق و الدراسات العلمية الرصينة؛ و مجموع هذه المستندات تؤكد بما لا يدع مجالا للشك؛ بان جبهة البوليساريو؛ في طريق التحول إلى نهج إستراتيجية جديدة في مواجهتها للمغرب .
تقارير المركز الأوربي للدراسات الإستراتيجية و الأمنية (ESISC) حول تحول جبهة البوليساريو نحو الإرهاب
1- حول المركز :
تأسس المركز الأوربي للدراسات الإستراتيجية و الأمنية (ESISC) في ماي 2002؛ و يهتم منذ تأسيسه بالملاحظة و التحليل فيما يخص شؤون الإرهاب الدولي؛ و العنف السياسي؛ بالإضافة إلى الشؤون الإستراتيجية؛ و هو يعتمد في تحليلاته على مصادر علمية متنوعة (الكتب المتخصصة؛ المجلات؛ الجرائد...)؛ كما يعقد شراكات متعددة مع مراكز للبحث في الولايات المتحدة و أوربا و الشرق الأوسط و آسيا؛ كما يعتمد الدراسة الميدانية؛ بالإضافة إلى اعتماد لقاءات مباشرة لمسؤولين سياسيين و عسكريين...

(1) إن هذه المصادر المتنوعة التي يعتمدها المركز؛ من شأنها أن تضفي مصداقية كبيرة على مجموع التقارير و الدراسات التي يصدرها؛ غير إن أهم إصدارات المركز؛ هي تلك التي ترتبط بشؤون الإرهاب الدولي؛ حيث استطاع في وقت قياسي؛ كشف النقاب عن الظاهرة الإرهابية؛ التي أصبحت تهدد بقوة منطقة الساحل و الصحراء .
إن خصوصية المركز تتجلى في إثارة انتباه المجتمع الدولي؛ إلى امتدادات الظاهرة الإرهابية؛ خارج منطقة الشرق الأوسط و أفغانستان؛ حيث كان التركيز منصبا على هاتين المنطقيتين؛ باعتبارهما بؤرة الإرهاب الدولي؛ في غياب شبه كلي؛ لما يرتبط بإفريقيا؛ و بشكل خاص منطقة الساحل و الصحراء؛ التي تعتبر مجالا خصبا لتوالد الخلايا الإرهابية التابعة لمنظمة القاعدة؛ و لعل خير تجسيد لهذه الحقيقة الواقعية يتجلى في ظهور( الجماعة السلفية للدعوة و القتال)؛ كجناح للقاعدة؛ و التي قامت بعمليات هجومية متكررة على عدة دول في المنطقة؛ كما قامت باختطاف سياح أجانب (فرنسيين و إسبان ) .
لكن أهم إنجاز بحثي يحسب للمركز؛ هو ما يرتبط بكشف النقاب عن العلاقات المشبوهة؛ بين الجماعات الانفصالية في إفريقيا و الظاهرة الإرهابية؛ التي تعرف تطورا ملفتا؛ يهدد استقرار المنطقة ككل؛ و يفتحها على المجهول. و في هذا الإطار قام المركز منذ تقرير2005 إلى حدود تقرير 2008 (**) قام بمجهودات جبارة؛ تنم عن حس علمي و استراتيجي عميق؛ في منأى عن أية نزوعات خارجية؛ عادة ما تنزاح بمجموعة من التقارير الدولية عن الحقيقة الواقعية .
لقد طرح المركز بالواضح و المباشر العلاقات المشبوهة التي تقيمها جبهة البوليساريو الانفصالية مع تنظيم القاعدة؛ الذي ينشط في منطقة الساحل و الصحراء؛ تحت اسم (الجماعة السلفية للدعوة و القتال). كما قدم معطيات في غاية الأهمية عن التحول الإيديولوجي الذي تعرفه البوليساريو؛ نحو الإيديولوجية السلفية؛ بعد فشل الإيديولوجية الشيوعية؛ في تحقيق طموحاتها الانفصالية .
و في هذا الإطار كانت للمركز شجاعة علمية استثنائية؛ في تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية؛ من دون لف أو دوران؛ و ذلك حين أكد بالملموس و المباشر؛ أن جبهة البوليساريو؛ ليست حركة تحرر وطني؛ كما يروج الإعلام المأجور و المؤدلج؛ و يروج السياسيون الاستعماريون/التوسعيون من الإسبان و الجزائريين؛ و إنما هي حلقة ضمن صراع جيو-سياسي ؛ تنفذ مخططاته؛ و لذلك فهي مستعدة لركوب جميع الخيارات الإيديولوجية؛ لتحقيق هدف استمرارها كأداة فعالة لتنفيذ المخططات الاستعمارية و التوسعية؛ على حساب الحقوق المشروعة للمغرب في امتداده الصحراوي .

1- قراءة في تقريري المركز الأوربي للدراسات الإستراتيجية و الأمنيةESISC ( 2005 – 2008 ) حول تحول جبهة البوليساريو إلى منظمة إرهابية
ينطلق تقرير 2005 من سؤالين محورين؛ يرتبطان بطبيعة التحول الذي تعيشه جبهة البوليساريو :
السؤال الأول: هل البوليساريو مخترقة من قبل التطرف السلفي ؟
السؤال الثاني: هل يمكن أن تنحرف جبهة البوليساريو نحو الإرهاب ؟
جوابا على السؤال الأول؛ ينطلق التقرير من مجموعة من المعطيات الواقعية؛ التي تؤكد جميعها؛ أن جبهة البوليساريو مخترقة من قبل التطرف السلفي؛ فخلال السنوات الأخيرة أثار عدة ملاحظين؛ الانحراف الذي تعرفة البوليساريو نحو التطرف؛ و خصوصا لدى الشباب؛ و ذلك ضمن ما يعيشه السياق المغاربي؛ و الإفريقي؛ و بشكل خاص في منطقة الساحل و الصحراء .
(2) و في هذا الصدد يعتمد التقرير على رأي قدماء قادة البوليساريو؛ الذين قدموا شهادات دالة؛ تثبت بالدليل الواضح؛ أن جبهة البوليساريو مخترقة بقوة؛ من قبل التطرف السلفي؛ الذي ينتشر في منطقة الساحل و الصحراء .
يذهب (حماتي رباني) وزير العدل السابق لدى الجبهة الانفصالية؛ في اتجاه أن البوليساريو يعيش وضعية فشل؛ أغلبية قدماء محاربيه؛ غادروا نحو الأعمال في موريتانيا؛ كما أن العديد من قادته التاريخيين غادروا المخيمات؛ و لم يبق سوى عدد قليل من الشباب . و يتساءل (رباني): ماذا ستقدم لهم القيادة؟ ما هو المستقبل الذي ستفتحه أمامهم؟ و يجيب حاسما: لا شيء؛ الحركة في مأزق. و يضيف (رباني) موضحا: بالنسبة للبعض منهم؛ و كي لا يدخل في حالة من اليأس؛ يعود إلى التدين؛ فهم لا ينتظرون شيئا من قادة البوليساريو؛ لذلك فالدين سيعوض الفراغ؛ الذي خلفته الإيديولوجية الرجعية لقادة البوليساريو .
(3) لكن (مصطفى بوه) الملقب ب (البر زاني) عضو المكتب السياسي السابق في جبهة البوليساريو؛ كان أكثر عمقا؛ في توضيحه لطبيعة التدين؛ الذي أصبح تخترق الجبهة الانفصالية – و الشباب بشكل خاص- .
بالنسبة إليه؛ كل شيء بدأ خلال سنوات الثمانينات؛ حينما قدم مجموعة من الطلبة؛ من مخيمات تندوف؛ لولوج جامعات الجزائر العاصمة؛ و جامعات أخرى في الشمال الجزائري؛ و حينذاك كان لقاؤهم بأعضاء من الجبهة الإسلامية للإنقاذ FIS))؛ التي كانت تمسك بمكان الصدارة في الجامعات خلال تلك المرحلة؛ و لذلك فقد أصابتهم عدوى التطرف؛ و عادوا لينشطوا الإيديولوجية السلفية المتطرفة
(4) و يخلص تقرير المركز الأوربي للدراسات الإستراتيجية و الأمنية في الأخير؛ بعد اعتماد شهادات حية من الميدان؛ يخلص في الأخير إلى استنتاج غاية في الأهمية: لقد اخترق التطرف السلفي جبهة البوليساريو؛ خصوصا و أنه قد تسربت إلى الجبهة عناصر من غير الصحراويين؛ من أفارقة الساحل و الصحراء؛ تم تجنيدهم من قبل الإيديولوجية السلفية المتطرفة .
(5) أما بخصوص الإجابة التي قدمها التقرير على سؤال: هل يمكن أن تنحرف جبهة البوليساريو نحو الإرهاب؟ يقدم التقرير مؤشرات واضحة؛ حول المخاطر التي تشكلها جبهة البوليساريو؛ في علاقتها بالإرهاب الذي يضرب المنطقة الصحراوية؛ و يحولها –حسب التقرير- إلى أفغانستان جديدة؛ تهدد المنطقة المغاربية؛ كما تهدد أوربا؛ حيث تبحث القاعدة عن موقع لتوجيه عملياتها و إيديولوجيتها نحو إفريقيا؛ من أجل ضرب استقرار المغرب العربي و أوربا
(6) يعتمد تقرير المركز الأوربي على مجموعة من الوقائع؛ التي تؤكد أطروحته؛ يمكن التركيز فيها على الوقائع التالية:
- في بداية 2001 هددت البوليساريو باعتراض رالي (باريس-دكار)؛ إذا مر بالصحراء الغربية (7)
- في الرابع من يونيو 2005 هاجم مسلحون؛ يتشكلون من 150 مسلحا؛ ثكنة (لمغيطي) في أقصى شمال شرق موريتانيا؛ و الذي خلف 15 قتيلا و 17 جريحا؛ و الذي نفذته (الجماعة السلفية للدعوة و القتال)؛ تحت قيادة (مختار بلمختار)؛ هذا الأخير الذي كان قد استقر شمال مالي؛ و الذي تخصص في أعمال تهريب الغز وال و السجائر و السلاح؛ و قد كان يسير كتيبة صغيرة من المقاتلين (الملثمون). و حسب شهود عيان؛ فإن عربات البوليساريو قد شاركت في العملية الهجومية؛ كما إن بعض المقتحمين للثكنة كانوا يتكلمون اللهجة الحسانية . و يتساءل التقرير: هل كان للبوليساريو يد في هذا الهجوم ؟ و يجيب التقرير : الكثير من محدثينا؛ و الذين كانوا ضمن قدماء قادة الحركة؛ لا يستثنون هذا الافتراض !!!

(8) و يؤكد تقرير المركز الأوربي لسنة 2008 هذا الانحراف الذي تعيشه جبهة البوليساريو نحو الإرهاب؛ و ذلك باعتماد المعطيات الميدانية دائما .
- خلال دجنبر 2003 أوقفت مصالح الأمن الموريتاني (بابا ولد محمد باخيلي) و هو احد الأعضاء الحركيين في البوليساريو. هذا الأخير كان في طريقه لسرقة كمية كبيرة من المواد المتفجرة؛ الموجودة في مخازن الشركة الوطنية الموريتانية للصناعات المنجمية. لقد تم إيقاف عنصر البوليساريو هذا؛ و هو يحمل معه من المسروقات؛ 153 قنينة من المواد السريعة الاشتعال؛ بالإضافة إلى ما يقارب 12 كلم من الأسلاك المستعملة في التفجير عن بعد . و يضيف تقرير المركز الأوربي: هذه الوسائل تستعمل عادة من طرف العصابات؛ و كذلك من طرف التنظيمات الإرهابية؛ التي تسعى إلى صناعة المتفجرات؛ و هدف هذه العملية بالنسبة لجبهة البوليساريو؛ قد يكون موجها إلى عمليات إرهابية؛ و قد يكون موجها إلى البيع للجماعات الإرهابية الموجودة في المنطقة.

(9) و في كلتا الحالتين؛ فإن هذا المعطى الميداني يؤكد بشكل واضح؛ أن البوليساريو؛ تحولت إلى فاعل إرهابي نشيط؛ يمكن الاعتماد عليه بقوة من طرف الجماعة السلفية للدعوة و القتال؛ و ذلك لما يتمتع به مقاتلوه من خبرة ميدانية؛ يمكن أن تتحول في أي وقت إلى رصيد إرهابي مشترك؛ بين تنظيم القاعدة و جبهة البوليساريو.
و هذا –طبعا- ليس أمرا مستبعدا البتة؛ و ذلك لأن سؤال انحراف البوليساريو نحو الإرهاب؛ يمكن تفسيره من خلال التكامل الموجود؛ بين الجبهة الانفصالية و تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. فحركة تتجاوز الوطنية كتنظيم القاعدة؛ في حاجة إلى دعم؛ من طرف أعضاء فاعلين في البوليساريو؛ هؤلاء الذين يسعون أنفسهم إلى استغلال هذا الدعم؛ للاستفادة من الدعم المادي؛ و كذلك من التجديد الإيديولوجي؛ لتحريك قاعدة قتالية خارت قواها؛ على مدى 35 سنة من الوعود الكاذبة .

(10) إن المطلع على تقريري المركز الأوربي للدراسات الإستراتيجية و الأمنية(2005-2008)؛ ليخرج بخلاصة غاية في الأهمية؛ طالما تم إهمالها؛ و هي تحول منطقة الساحل و الصحراء إلى أفغانستان جديدة(11) الأمر الذي يشكل تحديا جديدا للمجتمع الدولي؛ خصوصا و أن الجار الجنوبي لأوربا (المغرب) يواجه التهديد الإرهابي بشكل مباشر؛ نظرا للتجاذبات القوية الحاصلة؛ بين جبهة البوليساريو؛ و جناح تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي . و هذا ما يشكل خطرا على المدى القريب بله المتوسط و البعيد؛ على الأمن و الاستقرار في أوربا نفسها؛ التي ستكون على مرمى حجر من تفجيرات القاعدة.
و في هذا الإطار تحضر جبهة البوليساريو كفاعل إرهابي قوي؛ يمكنه في أية لحظة أن يهدد الأمن و الاستقرار في منطقة البحر الأبيض المتوسط ككل؛ بدعوى ضرب مصالح الدول المعارضة للأطروحة الانفصالية في الصحراء؛ و تحضرنا هنا عملية الاختطاف التي تعرض لها مواطنون أوربيون في المنطقة؛ و بشكل خاص الفرنسيون الذين قتلت رهينة منهم (جرمانو)؛ من طرف الإرهابيين؛ الذين عبروا عن هويتهم؛ من خلال الرسالة الواضحة لتي تم توجيهها لفرنسا؛ كمعارض قوي للأطروحة الانفصالية في الصحراء .

2- معهد (هاد سون) يؤكد أطروحة المركز الأوربي للدراسات الإستراتيجية و الأمنية حول تحول جبهة البوليساريو إلى منظمة إرهابية
يعتبر معهد (هاد سون) من أهم مراكز البحث و التحليل السياسي و العسكري في الولايات المتحدة؛ تأسس في نيويورك سنة 1961؛ من طرف (هيرمان كوهن) و أعضاء آخرين من مؤسسة (راند). و بالإضافة إلى أعمال البحث و التفكير فإن المعهد؛ جماعة ضغط و تأثير على القرار السياسي في الولايات المتحدة. قام المركز بعدة أبحاث؛ و كان له رأي وازن في الكثير من قضايا الشرق الأوسط و شمال إفريقيا؛ سواء في العراق أو فلسطين أو إيران أو المغرب ...
يمتلك المعهد رؤية خاصة؛ في مقاربة قضايا الشرق الأوسط و شمال إفريقيا؛ و هي رؤية نابعة من معايشته للقضايا الشائكة في المنطقة؛ و على قائمتها قضية الإرهاب؛ التي تهدد استقرار الكثير من دول المنطقة.
و في هذا السياق؛ نطلع على رؤية المعهد؛ فيما يخص الخطر الإرهابي الذي يضرب منطقة الساحل و الصحراء؛ و يهدد الكثير من الدول مثل: مالي و موريتانيا و المغرب؛ و هو خطر تجاوز مستوى التهديد؛ إلى مستوى تنفيذ عمليات هجومية على دول ذات سيادة؛ بالإضافة إلى اختطاف الرهائن الأوربيين؛ للحصول على الأموال قصد تمويل العمليات الإرهابية .
و تحضر جبهة البوليساريو في هذه المنطقة؛ باعتبارها المحرك الحقيقي للكثير من العمليات الإرهابية؛ و ذلك لتوجيه عدة رسائل؛ سواء للمغرب أو للدول الداعمة للطرح المغربي في الصحراء (الرهائن الفرنسيين كمثال دال حيث تمت تصفية الرهينة الفرنسي –جرمانو- كرد على التدخل الفرنسي في المنطقة) .
لقد وصل الرأي العام الدولي بعد هذه العمليات الإرهابية؛ إلى قناعة راسخة حول تدخل جبهة البوليساريو في توجيه العمليات الإرهابية؛ لخدمة أطروحتها الانفصالية. و إذا كان المركز الأوربي للدراسات الإستراتيجية و الأمنية؛ قد وصل إلى هذه الحقيقة مبكرا؛ فإن معهد (هادسون) للتحليل السياسي و العسكري؛ قد وصل نفسه إلى هذه الحقيقة؛ التي طالما ظلت خفية؛ نتيجة الرشاوى الضخمة للبتر- ودولار الجزائري؛ و التي اشترت صمت الكثير من المعاهد و المراكز في أوربا و أمريكا؛ كي لا تنكشف خلطاتها السحرية؛ و تتحول ادعاءاتها المزورة حول حق الشعوب في تقرير مصيرها؛ إلى دعم مفضوح للعمل الإرهابي في منطقة الساحل الصحراء .
يعنون المعهد رأيه حول هذا التطور المخيف الذي تعيشه جبهة البوليساريو : هل ستكون البوليساريو؛ تنظيم القاعدة القادم ؟

(11) في البداية يعرف المعهد جبهة البوليساريو؛ باعتبارها مجموعة انفصالية؛ تجمعها علاقات مع تنظيم القاعدة؛ و دليل المعهد الواضح هو أن البوليساريو تغض الطرف عن تجنيد الإرهابيين في معسكراتها .
إن جبهة البوليساريو و عبر تورطها المفضوح في تنشيط العمل الإرهابي؛ تشكل تحديات كبيرة لأوروبا وشمال أفريقيا وأمريكا الشمالية والجنوبية. وذلك -يرى المعهد-لأن المخيمات؛ تحولت إلى مكان لتجنيد المحتجزين من طرف البوليساريو؛ و تحويلهم إلى مهربي مخدرات و متشددين إسلاميين.
و يقدم مركز (هاد سون) مؤشرات دالة على هذا الخطر الذي أصبحت تشكله البوليساريو؛ في علاقتها بالجماعات المتطرفة؛ فقد تم اختطاف أكثر من اثني عشر من الأوروبيين؛ كنتيجة مباشرة للوجود المتزايد؛ لتنظيم القاعدة في منطقة الساحل و الصحراء تحت اسم (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) و الذي يهدد بنسف الاستقرار في موريتانيا ومالي والنيجر.
إن تحول منطقة الصحراء إلى أفغانستان جديدة -حسب مركز هادسون- سيجعل آفاق أوروبا وشمال أفريقيا وأمريكا الشمالية قاتمة. و في هذا السياق يؤكد المعهد؛ أن الكثير من دول أمريكا الجنوبية؛ بما في ذلك كولومبيا، يشتكون من أن شمال أفريقيا؛ أصبح خط إمداد جديد مربح لبارونات المخدرات؛ و هذا ما يؤكد على العلاقة الوثيقة بين الإرهاب و تهريب السلاح و المخدرات؛ و هذه العلاقة سبق للمركز الأوربي للدراسات الإستراتيجية و الأمنية؛ أن كشف عنها مبكرا؛ و خصوصا عندما توقف على حقيقة؛ أن تمويل الأنشطة الإرهابية؛ يمر عبر التهريب بجميع أنواعه .
و في هذا الإطار؛ يوجه معهد هادسون تحذيرا لجبهة البوليساريو؛ أنه إذا استمرت في اضطهاد الأعضاء المنشقين؛ و تعزيز صفوف تنظيم القاعدة؛ فإن مفاوضاتها مع المغرب بإشراف الأمم المتحدة؛ ستظل بلا نتائج؛ و هذا سيساهم أكثر في تعقيد الوضع في المنطقة؛ خصوصا مع تزايد استقطاب المتطرفين؛ الذين يهددون بتفجير المنطقة .

إن معهد هادسون؛ و هو يميط اللثام عن الأخطار الإرهابية التي تواجه المنطقة؛ يكون أخيرا قد أدرك التشابكات الحاصلة بين التطرف السلفي؛ و بين الأطروحة الانفصالية؛ التي تغذي و تتغذى على هذا الوضع؛ لإدامة الصراع أكثر؛ من خلال خلق وضع جديد؛ يبدو أن البوليساريو؛ ستستغله في أقرب الأوقات؛ لتغيير خياراتها الإيديولوجية؛ من اليساروية إلى السلفية المتطرفة؛ و هو انقلاب إيديولوجي غير مستبعد؛ في ظل الانتكاسات المتكررة؛ التي تعيشها الجبهة الانفصالية؛ و هي تدرك أخيرا؛ أن اليوتوبيا التي كانت تقودها تتحطم على صخرة الواقع الصلب.
و في هذا الصدد يمكننا أن نتخوف أكثر؛ لأن الشهادة التي قدمها عضو البوليساريو السابق (مصطفى بوه) للمركز الأوربي؛ تحمل أكثر من مغزى؛ لأنها تعيدنا إلى نقطة البداية؛ بخصوص الاختراق التي حققته الإيديولوجية السلفية المقاتلة؛ في صفوف البوليساريو؛ منذ الثمانينات؛ في الجامعات الجزائرية.
و هذا يعني أن الأرضية صالحة في المخيمات؛ لزرع بذور التطرف السلفي؛ و هي في حاجة فقط إلى المناخ الملائم؛ و الذي يبدو أنه بدأ في طريق التشكل؛ من خلال التقاطبات الحاصلة بين تنظيم القاعدة؛ الذي يبحث عن موطئ قدم في منطقة الساحل و الصحراء؛ و جبهة البوليساريو؛ التي تبحث عن حليف؛ يدعمها ماديا؛ و يجدد بناءها الإيديولوجي المتهالك .
الجزائر تايمز / د. إدريس جنداري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.