ابتداءً من منتصفِ الشهرِ الجاري ستُستأنفُ الرَّحلات الجوية من وإلى المملكة.. ! لعلّ هذا القرار كانَ هو الخبر السار الذي سمعهُ المغاربة خلالَ هذا الأسبوع. ورغمَ الفرحةِ التي جلبها هذا الخبر للمغاربة جميعاً داخلَ وخارجَ أرضِ الوطن، إلاّ أنَّ المتّمعنَ في تفاصيلهِ سينتهي بطرحِ الكثير من الاستفهاماتِ والتساؤلاتِ حولَ طبيعةِ الشروطِ الواردةِ فيه، والتي أقلّ ما يمكن أن نصفها به "بالتناقضِ" و"الغموض". ولكي نفهمَ أسباب هذا "التناقض"، علينا أن نعودَ أولاً إلى شروطِ السفر إلى المغرب كما ذكرها بلاغُ وزارةِ الشؤون الخارجيةِ والتعاونِ الإفريقي والمغاربة المقيمينَ بالخارج، التي أعلنَت الأحد الماضي عن استئنافِ الرِحلاتِ الجوية من وإلى المملكة ابتداءً من ال15 من الشهرِ الجاري، بهدفِ تسهيلِ عودةِ المغاربةِ المقيمينَ بالخارج إلى أرضِ الوطن، بناءً على مؤشراتٍ وصفتها "بالإيجابية" للحالةِ الوبائيةِ بالبلاد. والمطلعُ على بلاغِ الخارجيةِ المغربية، سيلاحظُ أنَّ السلطاتِ المغربية عمدت في قرارها المذكور، إلى تصنيفِ الدولِ إلى قائمتينِ "أ" و"ب". وعلى أساسِ هذا التصنيف وضعت لكلِ قائمةٍ شروطاً خاصة بها تمكنُها من ولوجِ الترابِ الوطني. وفي حيثياتِ تلكَ الشروط، يكمنُ الغموضُ والتناقض اللذان تسببا في انزعاجٍ وغضبٍ ملحوظين في صفوفِ أفرادِ الجاليةِ المغربية المقيمةِ بالخارج، سواء بالنسبةِ للفئةِ المقيمةِ بالدولِ المصنفةِ في اللائحةِ الأولى أو الثانية. وحتى نفهمَ الوضع معاً قارئنا العزيز، نجدُ في البلاغ المذكور أنَّ السلطاتِ المغربية اشترطت على المسافرينَ القادمينَ من الدولِ المصنفةِ في اللائحةِ الأولى، التوفرَ على شهادةِ التلقيح ونتيجةٍ سلبيةٍ لاختبارِ "PCR" يعودُ لأقل من 48 ساعة من تاريخِ ولوج الترابِ الوطني. وتساؤلنا المفتوح في هذا الباب الذي لم نجد لهُ جواباً لحدِ الساعة: لماذا تُلزم السلطاتُ المغربية شخصاً مُلقحاً ولديه "جواز تلقيح" الخضوع لاختبارِ الكشف (PCR) حتى يتمكن من ولوجِ الترابِ المغربي؟ ألا يكفي حصول شخصٍ قادمٍ مثلا من "فرنسا" أو "إسبانيا" على جرعتيْ التلقيح حتى يتمكن من السفرِ إلى المغرب؟ هذه ملاحظتنا الأولية في ما يخصُ الشروط المفروضة على الأشخاص القادمينَ منَ الدول المصنفةِ في "القائمة الأولى"، أما في ما يتعلقُ بالقائمة الثانية، فنجدُ أنَّ السلطاتِ المغربية تشترطُ على القادمين منها، استصدار تراخيصَ استثنائية قبلَ السفر، والإدلاء باختبار "PCR" سلبي يعودُ لأقل من 48 ساعة من تاريخِ ولوجِ الترابِ الوطني، ثم الخضوع لحجرٍ صحي مدته 10 أيام. وهنا، نتساءلُ معاً مرةً أخرى، عن المعاييرِ التي دفعت "اللجنة العلمية" الموقرة لحرمان سفرِ منْ حصلَ على جرعتيْ اللقاح وقامَ باختبارِ الكشفِ عن كوفيد-19 قبلَ السفر وبعده، بتقييدهِ بضرورةِ الحصولِ على "ترخيصٍ استثنائي" بالإضافةِ إلى القيامِ بحجرٍ صحي لمدةِ 10 أيام (ما يعني أنّ هذا الشخص سيَقضي نصف عطلتهِ الصيفية في الحجرِ الصحي). مثالٌ على ذلك متتبعنا العزيز، يتعلقُ بالجاليةِ المغربية المقيمةِ في "قطر" و"الإمارات". حيثُ تقولُ المعطياتُ الصادرةُ عن هذينِ البلدين الخليجيين (المصنفين في اللائحةِ ب)، أنَّ غالبيةَ الجالية المغربية المقيمة بهما، تلقت جرعتينِ من اللّقاحِ المضاد لفيروس كورونا، وبالتالي ألا يعتبرُ تصنيف السلطاتِ المغربية الأخير غير منصف في حقهم، وقد كانوا يستعدونَ لقضاءِ عطلةِ الصيف في أرضِ الوطن على غرارِ باقي الجاليةِ المغربية المتواجدةِ عبر العالم؟ الواقع، أنَّ هذا الطموح لن يكونَ ممكناً مع إلزاميةِ الشروطِ الأخيرة…! لحدِ الآن، لا توجدُ أجوبة شافية أو تفسيرات مقنعة من طرفِ السلطاتِ المغربية حولَ أسبابِ اعتمادِ هذهِ القيود التي يجبُ استدراكها ومراجعتها -في نظرنا- في أقربِ وقت، كونها تعرقلُ عملية السفر أكثر مما تُسهلها حتى ولو أخذنا في الحسبان، الضرورة الصحية وما تفرضهُ جائحة كورونا والسلالات المتحورة من إجراءاتٍ مشددة. وسط كل هذهِ الاستفهامات، لا نجدُ غير ردٍ "فقيرٍ" لرئيسِ الحكومة سعد الدين العثماني، الذي قالَ أنَّ تصنيفِ الدول لفئتينِ كما جاء في القرار، استند على تصنيفِ منظمةِ الصحةِ العالمية، وذلكَ في دفاعٍ واضحٍ منه على القرار وسلامتِه.