وفاة ملاكم بعد أسبوع من فوزه باللقب الذهبي لرابطة الملاكمة العالمية    البطولة... نهضة الزمامرة يرتقي إلى الوصافة واتحاد طنحة يعود لسكة الانتصارات    القضاء يدين محمد أوزال ب3 سنوات ونصف حبسا نافذا    كلميم..توقيف 394 مرشحا للهجرة غير النظامية    الكعبي ينهي سنة 2024 ضمن أفضل 5 هدافين في الدوريات العالمية الكبرى    عملية أمنية تنتهي بإتلاف كمية مخدرات بوزان    الريسوني ل"اليوم 24": تعديلات مدونة الأسرة خالفت الشريعة الإسلامية في مسألة واحدة (حوار)    حملة مراقبة تضيق الخناق على لحوم الدواجن الفاسدة في الدار البيضاء    زياش يضع شرطا للموافقة على رحيله عن غلطة سراي التركي    بوتين يعتذر لرئيس أذربيجان عن حادث تحطم الطائرة    قوات إسرائيلية تقتحم مستشفى بشمال غزة وفقدان الاتصال مع الطاقم الطبي    المغرب داخل الاتحاد الإفريقي... عمل متواصل لصالح السلم والأمن والتنمية في القارة    مرتيل: تجديد المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة    تشديد المراقبة بمحيط سبتة ينقل المهاجرين إلى طنجة    الاحتفاء بالراحل العلامة محمد الفاسي في يوم اللغة العربية: إرث لغوي يتجدد    الداخلة : اجتماع لتتبع تنزيل مشاريع خارطة الطريق السياحية 2023-2026    غزة تحصي 48 قتيلا في 24 ساعة    تأجيل تطبيق معيار "يورو 6" على عدد من أصناف المركبات لسنتين إضافيتين    "العربية لغة جمال وتواصل".. ندوة فكرية بالثانوية التأهيلية المطار    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون موضوع مراجعة مدونة الأسرة    اليابان.. زلزال بقوة 5.1 درجة يضرب شمال شرق البلاد    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    ارتفاع ليالي المبيت بالرباط وسط استمرار التعافي في القطاع السياحي    مدرب الوداد: بالنسبة للمغرب الفاسي كل مباراة ضدنا بمثابة نهائي الكأس    حصيلة الرياضة المغربية سنة 2024: ترسيخ لمكانة المملكة على الساحتين القارية والدولية    حجم تدخلات بنك المغرب بلغت 147,5 مليار درهم في المتوسط اليومي خلال أسبوع    ترامب يطلب من المحكمة العليا تعليق قانون يهدد بحظر "تيك توك" في الولايات المتحدة    مطالب بإنقاذ مغاربة موزمبيق بعد تدهور الأوضاع الأمنية بالبلاد    فرح الفاسي تتوج بجائزة الإبداع العربي والدكتوراه الفخرية لسنة 2025    مجلس الأمن يوافق على القوة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام في الصومال    عائلة أوليفيا هاسي تنعى نجمة فيلم "روميو وجولييت"    دراسة: أمراض القلب تزيد من خطر اضطراب الخلايا العصبية    مباحثات مغربية موريتانية حول تعزيز آفاق التعاون الاقتصادي بين البلدين    مونديال الأندية.. الوداد الرياضي يشارك في ورشة عمل تنظمها "الفيفا" بأمريكا    مبادرة مدنية للترافع على التراث الثقافي في لقاءات مع الفرق والمجموعة النيابية بمجلس النواب    استثناء.. الخزينة العامة للمملكة توفر ديمومة الخدمات السبت والأحد    وفاة زوج الفنانة المصرية نشوى مصطفى وهي تناشد جمهورها "أبوس إيديكم عايزة ناس كتير تيجي للصلاة عليه"    الرئيس الموريتاني يجري تغييرات واسعة على قيادة الجيش والدرك والاستخبارات    كيوسك السبت | الحكومة تلتزم بصياغة مشروع مدونة الأسرة في آجال معقولة    أزولاي يشيد بالإبداعات في الصويرة    حريق يأتي على منزلين في باب برد بإقليم شفشاون    البرازيل: ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار جسر شمال البلاد إلى 10 قتلى    يامال يتعهد بالعودة أقوى بعد الإصابة    اقتراب مسبار "باركر" من الشمس يعيد تشكيل فهم البشرية لأسرار الكون    لأداء الضرائب والرسوم.. الخزينة العامة للمملكة تتيح ديمومة الخدمات السبت والأحد المقبلين    المدونة: قريبا من تفاصيل الجوهر!    بورصة البيضاء تغلق التداولات بالأحمر    لقاء تواصلي حول وضعية الفنان والحقوق المجاورة بالناظور    2024.. عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية بين المغرب وقطر    استهلاك اللحوم الحمراء وعلاقته بمرض السكري النوع الثاني: حقائق جديدة تكشفها دراسة حديثة    الثورة السورية والحكم العطائية..    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من المواطن أحمد بن الصديق إلى الملك محمد السادس رسالة الكرامة و المسؤولية و الوضوح

مع اقتراح تخليد ذكرى مرور 950 سنة على تأسيس مدينة مراكش
1. مولاي يعقوب: تهمة نكراء وصمت مريب وسلامة المواطنين في خطر، لمصلحة مَن ؟
2. فاس 1200 سنة : إجهاض الذكرى و اغتيال الأمل، لمصلحة مَن ؟
3. تساؤلات وتساؤلات
4. إهدار الفرص ووأد المشاريع، أين المحاسبة ؟
5. شهادات مخيفة جدا
6. المسؤولية الكبرى وواجب الإنصاف
مولاي أمير المؤمنين،
أتوجه إليكم لأعبر عن مرارة الظلم والإهانة بعد اللامبالاة التي قوبِلَت بها كل صرخاتي ومراسلاتي إلى الجهات الرسمية وإليكم وألحّ على ضرورة الوضوح و إعادة الاعتبار، وأذكر ببعض الحقائق بصراحة بعيداً عن التزلف و أسلوب التلميح في حكايات كليلة ودمنة، راجيا الله أن يتسع صدركم، فربنا الكريم يقول: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنْ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً، و الظلم ظلمات يوم القيامة، و رسول الله(ص)علّمنا أن الدين النصيحة لله ورسوله وكتابه وأئمة المسلمين وعامتهم، وسيدنا عمر أوصانا: لا خير في قوم ليسوا بناصحين، ولا خير في قوم لا يحبون الناصحين.
تهمة نكراء وصمت مريب ، لمصلحة مَن ؟
مولاي أمير المؤمنين،
تعلمون أن إدارة صندوق الإيداع والتدبير اتهمتني بتاريخ 15 شتنبر 2006 دون حجة بعدم احترام جلالتكم وإزعاجكم، ودمَّرت مشاريع تطوير وتأهيل حامة مولاي يعقوب العلمية والطبية التي بسطتُ بين يديكم فوافقتم عليها بتاريخ 15 و 16 فبراير2006، وتلاعبَتْ بسلامة وصحة المواطنين، فاستنجدتُ بعدلِكم بعد صمت المؤسسات، مناشدا الإنصاف ليتحمل كل طرف مسؤوليته بوضوح، ولازلتُ أنتظر فإلى متى الانتظار؟ فلا أنا حوكِمت إن كانت التهمة صحيحة ولا حوكِم من شهد الزور على جلالتكم إن تبيّن أنها ملفقة، فمَن مصلحتهُ هذا الصمت المريب، وهل يجوز أن يصبح اسم جلالتكم أداة انتقام و إجرام وحماية للمفسدين بدل أن يبقى رمزا للعدل وحاميا للنزاهة ، وهل حُجب الملف ولم يُرفع أصلا إلى نظركم، وخاصة بعدما تساءلت الصحف عن اللغز وراء تَكتُّم المسئولين.
إن أهداف سلفكم الراحل الملك الحسن الثاني رحمه الله لما دشن المحطة الطبية يوم 17 فبراير 1993 لم يتحقق منها شيء، والمعدات الطبية يأكلها الصدأ بدل علاج 1300 مواطن يوميا (أي حرمان 500000 مريض على الأقل من الاستشفاء منذ افتتاحها إلى الآن)، والمحطة القديمة مرتع للجراثيم والأوساخ، وتقارير أهل الاختصاص تشهد على ذلك- مديرة المعهد الوطني للوقاية البروفسور رجاء العواد وعميد كلية الطب مولاي حسن فارح رئيس اللجنة الطبية المجمدة والمهندس المعماري ICHTER ولكن نزوات الفساد تعصِف بإنجازات سلفكم وتستخف بتوجيهاتكم، والخاسر الكبير هو الوطن والمواطن ولا حول ولا قوة إلا بالله.
لقد أقرَّ السيد وحيد الحسناوي من مديرية مراقبة التراب الوطني بعد تحقيقه أن التهمة ملفقة، ورجَّح أن يخفيَ أحدٌ في ديوانكم المعلومات عنكم عمدًا لحماية بعض الأشخاص أما جواب السيد بنموسى وزير الداخلية السابق عن سؤال نائب برلماني فلم يتطرق للجوهر:من سمح بصياغة تهمة عدم احترام الملك؟ وقد كان حَرِيّا بوزير أقسم بالله العظيم أن يكون وفيا لوطنه ولملكه أن لا يغض الطرف عمَّن يسيء للملك حقا ومَن يُخفي خبرات تقنية تحذر من انهيار بناية عمومية و عن طبيب بلا رخصة قانونية، فلماذا صمتَ ولديه التقارير و الساكت عن الحق شيطان أخرس ؟ ألم يسمع أبدا:
إذا كنت تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم
لقد خاطب الله رسوله لتبرئة يهودي اتهمه منافقون بالسرقة و حاولوا تضليل الرسول(ص) فقال في سورة النساء: إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً* وَاسْتَغْفِر اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيما* وَلا تُجَادِلْ عَن الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيما* ثم حذر من خطورة التهم الباطلة: وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَد احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً* وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً. و قال في سورة النحل: إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَاذِبُونَ.
إجهاض الذكرى و اغتيال الأمل لمصلحة مَن ؟
مولاي أمير المؤمنين،
رغم الصعوبات المادية والمعنوية الناتجة عن هذا الاغتيال المعنوي، وفقني الله فرفعتُ لكم مشروعا راقيا أغفَلَته وزارةُ الثقافة ومجالسُ منتخبة وأجمعَ العقلاء والحكماء على نفعه للبلاد ( فاس 1200 سنة) فتفضلتم وعينتموني مديرا تنفيذيا لإنجازه (وهذا القرار يفنّد ضمنيا تلك التهمة النكراء لكن دون إصلاح مضاعفاتها)، وعينتم مندوبا ساميا هو السيد سعد الكتاني فاتهمني بفقدان الصواب ورمى بي وبالفريق الأصلي كالحشرات، واحتقر اللغة العربية واستفز المشاعر الأمازيغية وألغى الطائفة اليهودية، وهمش اللجنة الوطنية التي أمرتم بتنصيبها متنكرا لمبادئ الحق والقانون، فلا هو أعلن بشجاعة أن قراره يلغي قرار الملك ولا هو أتى بقرار ملكي جديد...وهذا منتهى الغموض واللبس، ولو فرضنا جدلا أنكم أمرتم بإبعاد ابن الصديق وفريقه فهل أمرتم كذلك بإذلاله و التنكر له وصد الأبواب في وجهه كالممنوع من الصرف لأنه أحب وطنه متوخِّيا الاعتزاز بمقوماته وعمقه التاريخي، وأنتم تعلمون أن الله علّم نبيه داوود ألا يحسم بين خصمين حتى يستمع للطرفين؟ هذا كله لا يستقيم، سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ.
إن الذين سعوا إليك بباطل *** أعداء نعمتك التي لا تُجحدُ
شهدوا وغِبنا عنهمُ فتحكّموا *** فينا وليس كغائب من يشهدُ
وأنتم تدركون جلالتكم بعد انسحاب المؤسسات وإحجام القضاء، ما تقتضيه مسؤوليتكم العظمى من واجب إحقاق الحق، وإعادة الاعتبار لشرعية قراراتكم وترسيخ هيبتكم، وإنقاذ كرامةٍ أُهدرت باسمكم، فمن أساء نال جزاءه ولو كان من خاصتكم، وأنتم حسب تصوري ملكُ البلاد أكبر من الرضوخ للضغوطات وأنبل من الانصياع للدسائس وأرقى من تزكية الجُبن و الجحود و سرقة الأفكار، وأسمى من السكوت عن الاستهتار بالأخلاق وتزييف التاريخ وأجلّ من محاباة اللصوصية ولا حاجة لكم بتملق ولا نفاق، إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ، فأين يكمنُ الخلل ؟
تساؤلات وتساؤلات...
لقد تساءل الناس كيف يُصبحُ مندوبا ساميا لمشروعٍ تاريخي وحضاري ذي بُعد عالمي رجلُ أعمال لا رصيد له لا في التاريخ ولا في الثقافة و كيف غابت أسماء شخصيات وطنية ذات وزن علمي، وعن سبب سكوت أجهزة حكومية عن انتهاكه لتعليماتكم المكتوبة رغم استياء الإعلام واحتجاج الحقوقيين وسؤال البرلمان للوزير الأول ورسالة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لمستشاركم السيد المعتصم، فهل أصدرتم أمرا بالتكتم وهذا مستبعد جدا أم أن يدا خفية تُكمم الأفواه وتقفز على الصلاحيات وتُرهِب الجميع؟ أما إضرابي عن الطعام شهر أكتوبر 2009 فقابله عدم الاكتراث، فهل المشاعر الإنسانية لا تتحرك إلا تحت الطلب و الضغط الخارجي و لفائدة مَنْ وطنيتها (حسب الخطاب الرسمي) موضع جدل وجَلَبة ؟
لقد نجحت الفكرة بفضل الله ثم عنايتكم السامية وجهود المجتمع المدني، ولكن التنفيذ أُفشلَ وأُجهضَ، كأن اليد الخفية خططت لذلك حفاظا على مصالحها: فهل كانت تريد طمس الروافد الحضارية المغربية الأصيلة التي تتفاعل في وجدان الأمة، وهل تسعى لوأد كل مبادرة يصل عبرها نبض الوطن للملك دون رقابة تلك اليد (متناسية أن فكرة تخليد عيد العرش نفسها نبعت أصلا من رغبة الوطنيين عام 1933 وإلحاحهم على سلطات الحماية)، وهل هي تتبرم من كل نقاش حول تاريخ المغرب منذ آلاف السنين دون محرمات و مساحيق، وتجاربه وانعكاساتها على حاضره ومستقبله وتحليل الرواسب التي لازالت تعرقل حركة البلاد نحو الحرية والديمقراطية وتقوية المؤسسات والاعتزاز بالهوية، وهنا مغزى أمرِكم الذي لم يُنفَّذ مع الأسف بمواصلة المشروع إلى 2009 ليتزامن مع العِقد الأول لعهدكم لتقييم إنجازاته ومكتسباته العديدة، واستقبال عقد جديد بعزيمة وعُلُوِّ همَّة، لنرقى بوطننا مستلهمين عناصر القوة من قيمنا ومؤهلاتنا الكبيرة و نتجاوز الوصف البليغ للأستاذ إدريس الضحاك : نحن أصغر من تاريخنا، وهو مِمن تحمسوا كثيرا للفكرة الأصلية و رحبوا بالمبادرة ثم تفرجوا على المهزلة في صمت...
قال الإمام الشافعي: ولم أر في عيوب الناس عيبا *** كنقص القادرين على التمام
إهدار الفرص ووأد المشاريع
فأين الأوراش المواكِبة كورش أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات المتعلق بتجربة فاس قي مواضيع معقدة كالماء والبيئة ؟ وأين التوظيف الذكي للحدث لخدمة الوحدة الترابية وهو هدف نوقش بديوانكم وأشار إليه السيد عمر بوعيدة رئيس جهة كلميم السمارة في رسالته؟ فهل يخلد المغرب التاريخ دون تعزيز موقفه العادل المبني على الشرعية التاريخية؟ وأين استعمال التكنولوجية الحديثة لمخاطبة الشباب في " محفل للفكر والإبداع يتعرف فيه المواطنون على معالم الحضارة المغربية ومجاهل التاريخ الوطني" ، وأين استغلال رمزية الرقم 12 بدعوة اثني عشر شخصية حائزة على جائزة نوبل تحت تغطية إعلامية عالمية كثيفة، وأين البرنامج الذي التزمت بإنجازه الرابطة المحمدية لعلماء المغرب ، ناهيك عن الإساءة لسمعة المغرب في الخارج. والخلاصة أن أرضية "إعادة الاعتبار للذاكرة لأجل بناء الحداثة والانخراط في الكونية" (وثيقة الديوان الملكي 28 شتنبر2007) ذهبت أدراج الرياح للانغماس في السطحيات واجترار الشعارات وتبديد المال في حفلات وصفقات مشبوهة، وأهدرت بلادنا فرصة ثمينة لتثقيف السياسة بدل تسييس الثقافة فمن يدفع الثمن ؟ قال تعالى: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ.
شهادات مُخيفة
لقد أكد لي حاجبكم الأستاذ الفاضل إبراهيم فرج دون لفٍّ ودوران أن تعيين السيد الكتاني مندوبا ساميا لجمعية فاس 12 قرنا كان مكافأة معنوية ومواساة بعد صفقة بيعه بنك الوفاء للمجموعة المالية أوناONA قائلا : "بَاشْ كَايْوَاسِيوْه" (أي لا علاقة له بمؤهلاته وقد ارتبط اسمه بإجهاض حلم المغرب بتنظيم كأس العالم لكرة القدم). وللتذكير فالسيد الكتاني مباشرة بعد اغتصاب الإرادة الملكية عيّن السيد محمد شهيد السلاوي مديرا تنفيذيا للجمعية والسيدة نادية الفاسي الفهري مديرة للتواصل وهما آنذاك من مدراء مجموعة أونا، فمن يا تُرى زجَّ بهما في المشروع أم فُرِضا عليه فرضا من اليد الخفية؟ و لمصلحة من؟
كما أن السيد نور الدين بوطيب- الوالي مدير عام الجماعات المحلية آنذاك- حبذ المبادرة وحرص على صبغتها المجتمعية لكي لا تَتَمَخْزَنَ عند الإنجاز، فلما بدأت القرصنةُ انسحب بهدوء.
الوزير الأول الذي أصدرتم له الأمر بتاريخ 28 شتنبر2007 للإشراف على تفعيل تعليماتكم فلماذا تقاعس؟ هل امتثل لأمر مضاد وأين مصدره؟ أم اتقى غضب جهة ما والتمس لنفسه طوق النجاة في الصمت؟ والصمت هنا انتصار للباطل على الحق . أما مستشاركم الأستاذ الجليل عباس الجراري الذي هُمِّش رغم مكانته الثقافية ودوره البارز في تشجيع المبادرة وإقناعكم بجدواها، فقد شرح لي بنبرة حزينة قائلا: "إن الملك لا يحب الظلم ولكن يصعب عليه إنصافك إن ظلمك أحد الطغاة المحيطين به" أو كما وصفهم "مسامير الميدة"، وعلَّق على تملص الوزير الأول:إن مسئولينا لو كانوا يتحملون مسؤولياتهم لكان حال المغرب أحسن. هذا التشخيص المؤلم و المرعب من طرف الراسخين المقربين لكم يدعو لتأمل عميق وقد لا يمكن تجاوزه إلا بثورة جديدة للملك والشعب يدا في يد ضد الفساد وطغيان عقلية الاستبداد والإفلات من المساءلة والعقاب وتخليص المؤسسة الملكية أولا ثم الوطن ثانيا من هذه المسامير.
كما أن الأستاذ الجليل الحاج حميد بناني صهر جلالتكم، والذي كان من المتحمسين الأوائل للفكرة من منطلق تشجيع كل ما فيه خير للوطن، فقد نال نصيبه من الإهانة والاستخفاف عبر الوعود التي قدمها إياه السيد الكتاني أوائل نونبر 2008 لإيجاد حل مع بداية 2009 ولكنه لم يَفِ بها، وليس بغريب على من يحتقر تعليمات الملك الذي شرفه بمنصب سامٍ أن يستخفَّ بصهرالملك رغم أن هذا الأخير نبهه إلى استياء صاحبة السمو الملكي الأميرة للا سلمى بدورها من تدبيره للمشروع.
أما وزيرة الثقافة السابقة السيدة ثريا جبران والتي كانت عضوا في مجلس رقابة الجمعية أكدت لي أن المشروع أفشله السيد الكتاني الذي سيذهب إلى "مزبلة التاريخ"، كما أفسد وأجهض اقتراحات وزارة الثقافة، وأن تقريرا حول الحصيلة السلبية قد رُفِع إلى جلالة الملك...من جهتها البرلمانية عن حزب الأحرار السيدة مباركة بوعيدة رئيسة لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية تؤكد أن قيادة حزبها نصحتها بالابتعاد عن هذا الملف الفضيحة نظرا لوعيها بوجود ما تسمِّيه " اختراقات في الديوان الملكي ". أما المستشار حكيم بنشماس رئيس فريق الأصالة والمعاصرة فقد وصف ما حدث ب"مصيبة كحلة" ووعد بالقيام بواجبه، أما السيد محند العنصر فقد استنكر ووعد بفعل شيء ما في البرلمان فلما أصبح وزيرا للدولة أقفل الهاتف و نسي أو تناسى الموضوع.
من جهة أخرى أخبرني السيد عبد السلام أبودرار رئيس الهيئة المركزية لمحاربة الرشوة أنه أراد الإجابة على رسالتي حول ملف مولاي يعقوب (والتي رفعتُ نسختها إلى سامي نظركم) إلا أن شخصا في الديوان الملكي أمره بالتزام الصمت، فإلى متى ينتصر منطقُ "كم من حاجة قضيناها بتركها" على توجيهاتكم حول الحكامة الجيدة؟ وكأن بعض ذوي النفوذ وأنصار الاستبداد في حاشيتكم، نسأل الله لنا ولهم الهداية، يستغلون الثقة الملكية وطيبوبة الملك وانشغاله بتصريف أمور الدولة فيسعون لإقبار ملفات الفساد واستصدار قرارات وتعيينات وإقصاءات لقضاء مآربهم ولو على حساب مصداقية وصورة أعلى سلطة، غير مستوعبين دروس التاريخ ولا متدبرين مقدمة ابن خلدون في فصلها الأربعين ، ولو استطاعوا احتكار الدولة أو خوصصة المؤسسة الملكية برُمتها، وهي مِلْك لجميع المغاربة بالتساوي لما ترددوا دون خجل. هذه المحاولات لا يسلم منها كبار القادة بل حتى الرسول الكريم الذي تداركه الوحي ليصدح بالحق.
المسؤولية الكبرى وواجب الإنصاف
قال عمر بن عبد العزيز: أخسَرُ الناس من باع آخرته بدنيا غيره. فالسلطة تفوَّض و المسئولية لا تفوَّض، والملك يختار أعوانه و هو المسئول أمام ضميره وشعبه، و مِن واجبات البيعة إقامةُ العدل وحفظُ الكرامة وهي من أعز ما وهب الله لعباده، و هو مسئول بين يدي ملك الملوك يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ، رحم الله أبا بكر قال:" أيها الناس، إني وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوِّموني، الصدق أمانة والكذب خيانة، القوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ منه الحق، والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له الحق، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فيكم فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم"، ورحم الله أول أمير للمؤمنين إذ علّمنا أن الرجوع للحق خير من التمادي في الباطل و رحَّب بالنصح مرددا: رحم الله رجلا أهدى إليّ عيوبي وأصابت امرأة وأخطأ عمر و هذا هو تواضع العظماء.
إن الحكمة الربانية مزجتْ منذ اثني عشر قرنا لدى إدريس الثاني دم آل البيت الأخيار بدم الأمازيغ الأحرار فأثمر هذا التمازج في الأمة روح العزة والكرامة و نفس الحكمة شملتكم بنفس النعمة، وخير وفاء لها هو الحفاظ على العزة والكرامة وإعادة الاعتبار و زرع الثقة والأمل من جديد فلا يبقى ركوب قوارب الموت والتهافت على جنسيات أجنبية هو الأمل الأكبر لدى شرائح واسعة من المواطنين ، وربما كان أجمل سبيل للانتفاع بعِبَر التاريخ هو عدم تقديسه وتخليص الحاضر من طقوس وسلوكيات الماضي البائدة دون تردد وتأرجح ليأخذ حدث من هذا الحجم بُعده الحقيقي ويطبع جيلا بأكمله كلحظة بارزة في مسار الأمة كما فعلت المسيرة الخضراء، ويشرق كصفحة متألقة من صفحات العهد الجديد.
كما أن أحد سبل الإصلاح قد يتمثل في التحضير من الآن لتخليد ذكرى مرور 950 سنة على تأسيس مراكش، وهي مناسبة تاريخية ضخمة لا تقل أهمية ورمزية عن ذكرى فاس، لما لهذه المدينة من حضور في الوجدان المغربي والعربي والعالمي .
وفي انتظار قراراتكم لإعادة الاعتبار الواجب للغة الرسمية حسب الدستور (وأنتم الساهر على احترامه) ولمدينة فاس ولتاريخ المغرب ولكل المخلصين الذين ساهموا في الفكرة، وكذلك كشف المسؤوليات في فضيحة مولاي يعقوب، أتوجه لجلالتكم بملتمس للمثول بين يديكم لسماع روايتي للوقائع و لكم واسع النظر. أسأل الله أن ينير بصيرتكم و يعينكم على الطغاة والظالمين ويرزقكم العزم للَجْم العابثين بذاكرة الأمة ومصالح المواطنين، والذين يلقَونكم بوجه أبي بكر وقلب أبي جهل، فوا لله ما عقمتْ أرحام أمهاتنا أن تلد نساء ورجالا لهم الكفاءة والنزاهة والجرأة، يصدقون القول ولا يخافون في الله لومة لائم، يقضون سحابة يومهم في تذليل الصعاب بدل إذلال الرقاب، مستذكرين قول ربهم :تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ.
اللهم أخرجنا برحمتك من ذل معصيتك إلى عزة طاعتك، ومن ظلمات الاستكبار على العباد إلى أنوار الخشوع لرب العباد، و أغْنِنا بالافتقار إليك ولا تفقرنا بالاستغناء عنك.
والسلام على أمير المؤمنين ورحمة الله تعالى وبركاته. وحرر بالبيضاء في 05 يوليوز 2010
الفقير لرحمة ربه أحمد بن الصديق
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.