بتعليمات سامية من جلالة الملك ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء    انطلاق عملية "رعاية 2024-2025" لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    مواجهات نارية.. نتائج قرعة ربع نهائي دوري الأمم الأوروبية    بعد الإكوادور، بنما تدق مسمارا آخر في نعش الأطروحة الانفصالية بأميركا اللاتينية    ولد الرشيد: رهان المساواة يستوجب اعتماد مقاربة متجددة ضامنة لالتقائية الأبعاد التنموية والحقوقية والسياسية    مجلس المنافسة يغرم شركة الأدوية الأمريكية "فياتريس"    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    المنتخب الليبي ينسحب من نهائيات "شان 2025"    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    تفكيك خلية إرهابية موالية لتنظيم "داعش" بالساحل في إطار العمليات الأمنية المشتركة بين الأجهزة المغربية والاسبانية (المكتب المركزي للأبحاث القضائية)    لأول مرة في تاريخه.. "البتكوين" يسجل رقماً قياسياً جديداً    زَمَالَة مرتقبة مع رونالدو..النصر السعودي يستهدف نجماً مغربياً    التنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب تدعو الزملاء الصحافيين المهنيين والمنتسبين للتوجه إلى ملعب "العربي الزاولي" لأداء واجبهم المهني    ارتفاع مؤشر التضخم في شهر أكتوبر    أداء سلبي في تداولات بورصة البيضاء        تفكيك شبكة تزوير وثائق السيارات بتطوان    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    أحزاب مغربية تدعو لتنفيذ قرار المحكمة الجنائية ضد "نتنياهو" و"غالانت" وتطالب بوقف التطبيع مع مجرمي الحرب    معضلة الديموقراطية الأمريكية ..    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    دفاع الناصري يثير تساؤلات بشأن مصداقية رواية "اسكوبار" عن حفل زفافه مع الفنانة لطيفة رأفت    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح        تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    زنيبر يبرز الجهود التي تبذلها الرئاسة المغربية لمجلس حقوق الإنسان لإصلاح النظام الأساسي للمجلس    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    وهبي: مهنة المحاماة تواجهها الكثير من التحديات    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !        تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء    أنفوغرافيك | صناعة محلية أو مستوردة.. المغرب جنة الأسعار الباهضة للأدوية    تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ندوة تربوية تاريخية بمدرسة الأمل ببني ملال
نشر في بني ملال أون لاين يوم 19 - 03 - 2016

بدعوة مباشرة من السيد المدير الإقليمي ببني ملال لبّت النداء جموع الأساتذة والأستاذات لحضور ندوة الأمل. وقد تقاطرت على محيط المؤسسة السيارات الخاصة وسيارات الأجرة حاملة إلى هذا الحي الشعبي ما مجموعه 85 أستاذا وأستاذة من مدرسي ومدرسات الأقسام الأولى والثانية بالمؤسسات الآتية: 1.م أولاد يعيش2.م/م آيت بوجو3.م/م لقراقب4.م/م الظهرة5.م/م امغيلة6. م الأمل7. م الأطلس8. م أورير9.م القاضي عياض10.م الهدى أطلس11.م القرية النموذجية12.م/م آيت عمير
رحب الأستاذ محمد صالح حسينة بالمدرسين والمدرسات منوها بمجهوداتهم الكبيرة والتي لا يمكن أن ينكرها إلا جاحد أو متكبر. كما حلل في البداية أسباب الأزمات التي تعيشها المدرسة المغربية مقدما اقتراحات نالت استحسان الحاضرين، قبل أن ينطلق إلى المحور التالي من اللقاء حيث انطلق الأستاذ المفتش من فكرة "كارل روجرز": "عندما أتقبل الآخرين على حقيقتهم يمكنهم أن يتغيروا، وعندما أتقبل نفسي على حقيقتها يمكنني أن أتغير ليخلص أن الذات الحقيقية هي ذات: أصيلة/ صادقة/ عفوية/ صريحة/ محبة/ اجتماعية/ معطاءة/ متقبلة لذاتها وللآخرين/ رحيمة/ تحب بلا قيد/ حازمة/ فطرية/ طفولية.
بينما الذات المزيفة (وهي القناع الذي نرتديه) فهي: متماهية/ مكبوحة/ جبانة/ منقبضة/ حسودة/ منتقدة/ محبة للكمال/ تعتبر نفسها مثالية/ مسيرة ومطيعة/ تنكر المشاعر المكبوتة ومنها العدائية السلبية والحقد/ غير ناضجة/ وهي نسخة أصلية مكبرة عن الراشدين.
وأوضح الأستاذ الجليل أن الطفل المختبئ فينا هو ذاتنا الحقيقية { الذات الحقيقية = الجزء الحي النشيط والخلاق والراضي }.
لذلك فنحن نوجهكم، والخطاب موجه للأستاذات والأساتذة الذين غصت بهم قاعة الدرس إلى خطورة الإصرار على المواقف بدون سند شرعي أو قانوني أو تربوي، وإنما إرضاء لنزوات وشهوات وعواطف قد تفصح عن هشاشة الشخصية وعدم نضجها... وبالتالي فعملية تصحيح السلوكات المثيرة للجدل قد تتطلب وقتا ليس باليسير كما يخال بعض الناس... وكلما تمت العملية عن طريق تقبل الشخص المشاكس أو "المشاغب" أو المتقاعس أو المتكاسل أو المقصر كما نعتقده وننعته، وتلبية حاجياته من الحب والأمن والاعتراف والتفهم... إلا وكانت التنائج مرضية حتى في أسوا الأحوال.
وتحدث الأستاذ محمد حسينة عن أن الفصل الدراسي قسم لا متجانس بطبعه، وأن، دور الأستاذ(ة) إنما يكمن في ممارسة وتفعيل التجانس في قلب اللاتجانس، وأن تجاهل الفوارق الفردية داخل جماعة القسم قد يضر بسمعة الأستاذ التربوية لأنه مهما بذل من مجهودات فلن يحالفه التوفيق، ومن ثم يلجأ البعض إلى التمويه والتوهيم بغية إيجاد التوازن النفسي في وسط يمارس اختلالا مفضوحا.
(Non à l'indifférence face aux différences)
وبما أن الوصول إلى قدر نسبي من الانسجام والتفاعل بين مكونات الجماعة يشكل مطلبا ملحا، فإن تحقيق هذا المبتغى لن يتأتى إلا بسلك المربي للطريقة المزجية(méthode mixte) الحريصة على الجمع بين حسنات كل الطرائق، مع التغاضي عن سلبياتها.
وبما أن اكتظاظ القاعة وامتلاءها عن آخرها حال دون تقديم الدرس التجريبي المرتقب، والذي لم يتطوع أحد للقيام به... وهذه هي المرة الثالثة التي برمج فيها السيد المفتش درسا تجريبيا ولم يجد من يعمل على إنجازه. بعد ندوة الهدى أطلس (04/11/2015)، والصومعة (22/12/2015)، وكل هذا مع الأسف يقع في قلب عاصمة بني ملال خنيفرة { الاستثناء الوحيد هو الدرس الناجح للأستاذة المقتدرة نجات بوزيد من مدرسة القاضي عياض التي تعمل كفريق متماسك بقيادة رئيسها المجد سعيد معزوز}.
وقد فطن الأستاذ المفتش إلى تمثلات الأساتذة حول "الدرس النموذجي"، فأبدى اعتراضه على هذا اللفظ الذي يوحي لعامة الناس وخاصتهم بأن طرائق الدرس وأمثلته ومراحله ووسائطه ونتائجه وأسئلته ومردودية المتعلمين، ودور الأستاذ ... ينبغي أن تكون مثالية... وهو رأي غير صحيح من أساسه ولا يقوم على مستند علمي أو بيداغوجي... فالدرس ما هو سوى "تجريبي"، وأثناء التجربة تكون الأخطاء واردة، ومناقشة الدرس لا تعني مناقشة الأستاذ، أو صب جام الغضب عليه، بل تقديم البدائل وتقاسم الخبرات والتجارب.
وطمأن الجميع إلى أن الدرس هو وسيلة وليس غاية في حد ذاته، فعندما يتم تفكيك معطياته وكفايته وأهدافه ووسائله وطرائقه وتدبيره... نقوم بعملية تقويم للمنهاج وللمنظومة التربوية بكاملها... والتقويم لا يعني النقد الهدام، بل تثبيت الإيجابيات بغية الاستفادة منها في أفق تطويرها، ورصد السلبيات من أجل الحد من درجات تأثيرها المعيق لعمليات التعليم والتعلم.
هذا، وقد شدد الأستاذ محمد صالح حسينة على الرؤية السديدة ل BENJAMEN BLOOM عندما لاحظ أن جل الأساتذة عندما يفجرون جل طاقتهم (ما بين 60% و 70%) لمدة 20 سنة أو أكثر قليلا، فإنهم يدخلون مستشفيات الأمراض النفسية والعصبية من بابها الواسع... حيث أكد (بلوم) أن التعلم الناجع لا يتم بالجهد، ولكن التعليم والتعلم إنما يعنيان تربية الجهد نفسه، (وهو رأي دعمه "دوترانس")، وأضاف أن ما كان ينقص الأساتذة الذين اصابهم التوتر وسكنتهم العصبية فدمرت نفسياتهم... هي محطات للتصفية والتحلية... أي توقفات تربوية لتنقية المعارف، وصقل المهارات، وبناء المواقف. وهي فترات للتقويم والدعم والمعالجة والتثبيت كي تبقى المفاهيم حية أولا، وكي ينشأ بينها التآلف والتفاهم ثانيا، وتختفي بالتالي آثار التباعد والتنافر ثالثا.
وطالب السيد المفتش أساتذته بألا يركنوا إلى التمرين ويطمئنوا إلى نتائجه التي قد تكون خادعة، خاصة إذا علمنا أن أغلب المتعلمين قد يصيبون أثناء التمرين، ولكنهم قد "يفشلون" أمام "الوضعية"، مع العلم أن تمارين الأهداف ما هي إلا موارد توظف أثناء الوضعيات.
وعند حديثه عن نظرية "الذكاءات المتعددة" ذكر السيد محمد صالح حسينة أنه في سنة 1983م تمكن عالم النفس الأمريكي HOWARD GARDNER من جامعة هارفارد من توسيع مفهوم الذكاء عبر نظرية زلزلت بعض المسلمات السابقة حول التعليم والتعلم ودور المدرسة... وإذا كان نيوتن NEWTON يؤكد بأنه إذا استطاع أن ينظر أبعد من غيره فلأنه محمول على عاتق العمالقة الذين سبقوه، في إشارة منه إلى تواضع العالم، واعترافا بمن ساهم في إرشاده، من قريب أو بعيد، للوصول إلى اكتشاف مفهوم الجاذبية... فإن "غاردنر" استغل التراكم المعرفي في سيكولوجية الذكاء فكان له ما كان:
أولا: في سنة 1972م أعلن تقرير لليونسكو أن للدماغ الإنساني إمكانات لم يتم استعمالها بشكل واسع، وأن مهمة التربية هي تشغيل وتحقيق هذه الإمكانات غير المستعملة.
هذا وقد سبق للعالم الشهير ELBERT EINSTEIN أن صرح بأنه لم يوظف سوى 7% من طاقته الاحتياطية وهو يكتشف "النظرية النسبية" التي خلخلت مفاهيم الإنسان حول الزمان والكون.
ثانيا: في سنة 1979م صدر عن نادي روما تقرير نص في مقدمته على أن الإنسان ما زال يتوفر على كثير من الطاقات والموارد التي لم تكتشف ولم تختبر بعد.
وهنا تنبه العلماء إلى الشخصية في حاجة ماسة إلى تعلم كيفية الكشف الحقيقي عن طاقاتها الكامنة، ومن ثم العمل على حسن توظيفها.
ثالثا: غالبا ما كان الباحثون في علوم التربية يلتمسون الأعذار للشخص المتعثر على اعتبار أن التفتح قد يأتي متأخرا... ومعلوم أن البيداغوجية الفارقية تحاول تدارك ما يمكن تداركه في قسم لا متجانس بطبعه... أي خلق التجانس في قلب اللاتجانس، وبالتالي عدم الاستكانة إلى الأمر الواقع وإهمال التفاوتات ذات المصادر الثقافية والاقتصادية.
أما المفاهيم فتخضع لمبدأ التدرج الذي يجسد نمو المفهوم، ويمنحه طاقة إضافية بجرعات منتظمة كي يحافظ على حياته، ويجعله قابلا للتداول في وضعيات مختلفة، ويضمن له التناغم مع الامتدادات التي قد تأتي عاجلا أو آجلا.
رابعا: في عام 1979 طلبت مؤسسة "فان لير" Bernard Van Leer(1) من جامعة "هارفارد" Harvard القيام بإنجاز بحث علمي يستهدف تقييم وضعية المعارف العلمية المهتمة بالإمكانات الذهنية للإنسان وإبراز مدى تحقيق هذه الإمكانات واستغلالها، وفي هذا الإطار بدأ فريق من العاملين المختصين بالجامعة أبحاثهم التي استغرقت عدة سنوات، قصد استطلاع وكشف مدى تحقيق هذه الإمكانات على أرض الواقع. وهكذا تمّ البحث في مجال التاريخ الإنساني والفلسفي وعلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية. وكان هؤلاء الباحثين "هاورد غاردنر".
مباشرة بعد هذا التقويم أعطى السيد المفتش الكلمة للأستاذ المقتدر السيد نورالدين الفرخ، أستاذ التعليم الابتدائي، والمختص في الإعلاميات بجهة بني ملال خنيفرة حيث يقوم بتكوين وتأهيل الأساتذة والأستاذات لاجتياز امتحانات Microsoft Office Specialist (MOS). وقد وصفه السيد المفتش بالشاب القادر على اختراق المستقبل بتفاؤل نظرا للمخزون النفسي والعلمي الذي يختزنه، وهو قابل للتطور الإيجابي في حالة ما إذا فجّر ولو قدرا يسيرا من طاقته الكامنة، وقد قدم عرضا علميا حول "الذكاءات المتعددة". وفيما يلي أهم ما جاء في هذا العرض
I. مدخل
إن هذا الاهتمام الكبير بالعقل البشري وإمكاناته وأساليب نموّه وتطويره، يبرز لنا بدون شك، ملامح المنظومة التربوية المميزة لمستهل الألفية الثالثة؛ فهي منظومة تراهن على تفتيح عقول المتعلمين ورعايتها، لتكون في مستوى تطلعات مجتمعاتها، وتلعب دوراً فعّالاً في مجتمع ما بعد الصناعة، وذلك يتطلّب من الفرد أسلوباً عالياً من التكيّف المعرفي.وسعياً لتحقيق ذلك، اتّجهت الجهود نحو التخطيط، لتطوير المناهج الدراسية وبنائها على أسس نتائج المعطيات العلمية للدراسات السيكولوجية المعاصرة، وبخاصة في ميدان علم النفس المعرفي.
وقد واكب البحث في تطوير المناهج الدراسية، تحليل ودراسة آليات التعلم، حيث اشتهرت نظرية الذكاءات المتعددة.Multiple intelligences theory""
II. نشأة نظرية الذكاءات المتعددة
في عام 1979 طلبت مؤسسة "فان لير" Bernard Van Leer(1) من جامعة "هارفارد" Harvard القيام بإنجاز بحث علمي يستهدف تقييم وضعية المعارف العلمية المهتمة بالإمكانات الذهنية للإنسان وإبراز مدى تحقيق هذه الإمكانات واستغلالها، وفي هذا الإطار بدأ فريق من العاملين المختصين بالجامعة أبحاثهم التي استغرقت عدة سنوات، قصد استطلاع وكشف مدى تحقيق هذه الإمكانات على أرض الواقع. وهكذا تمّ البحث في مجال التاريخ الإنساني والفلسفي وعلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية.
III. الباحثون الذين ساهموا في هذه الدراسة
"جيرالد ليسر" Gerald.S.Lesser،وهو مربٍ وعالم نفس (رئيس فريق مشروع البحث)؛
"هاورد جاردنر". Gardner H،وهو أستاذ لعلم النفس التربوي مهتم بدراسة مواهب الأطفال وأسباب غيابها لدى الراشدين الذين حدثت لهم بعض الحوادث التي تسببت في إحداث تلف بالدماغ؛
"إسرائيل شيفلر" IsraelScheffler،فيلسوف اشتغل في مجال فلسفة التربية وفلسفة العلوم؛
"روبير لافين" Robert La Vine المختص في علم الانثروبولوجيا الاجتماعية والمعروف بأبحاثه في الصحراء الأفريقية والمكسيك حول الأسرة وطبيعية المساعدة المقدمة للأطفال فيها؛
"ميري وايت" Merry White العالمة الاجتماعية المختصة في التربية بالمجتمع الياباني ودراسة الأدوار التربوية للأفراد في العالم الثالث.
إن نظرة سريعة إلى الاختصاصات العلمية لأفراد هذا الفريق الذي تصدى لدراسة إمكانات الذهن البشري، تبين بوضوح اختلاف تخصصاتهم وتوسعها وعمقها، الشيء الذي يعكس طموح المشروع، وكذلك دور كل واحد منهم في إنجاح مشروع البحث والوصول إلى اكتشاف نظرية الذكاءات المتعددة.
IV. مفهوم نظرية الذكاءات المتعددة
يقترح جاردنيرGardner (1983) مقاربة جديدة للذكاء، مختلفة عن المقاربة التقليدية - المعامل العقلي - Q.I))،وهي مقاربة مبنية على تصور جذري للذهن البشري، وتقود إلى مفهوم تطبيقي جديد ومختلف للممارسة التربوية والتعليمية في المدرسة.
إن الأمر يتعلق بتصور تعددي للذكاء، تصور يأخذ بعين الاعتبار مختلف أشكال نشاط الإنسان، وهو تصور يعترف باختلافاتنا الذهنية وبالأساليب المتناقضة الموجودة في سلوك الذهن البشري.
إن هذا النموذج الجديد للذكاء يستند على الاكتشافات العلمية الحديثة في مجال علوم الذهن وعلم الأعصاب،وقد أطلقت على هذه المقاربة اسم "نظرية الذكاءات المتعددة" Intelligences multiples.
V. الأسس العلمية لنظرية الذكاءات المتعددة
يرى جاردنر صاحب هذه النظرية أن ما يذهب إليه من وجود عدة ذكاءات يجد أسسه في ثقافة الشخص، وفي فيزيولوجيته العصبية. فالذكاءات الثمانية التي تقول بها نظريته لها سند علمي في الأسس البيو-ثقافية للفرد، والتي هي بمثابة معايير للاستدلال على وجودها. فليس يكفي انتشار ممارسات ثقافية لدى شخص ما، للتعبير عن وجود ذكاء معين لديه، وإنما لا بد من تحديدٍ موضعي للخلايا العصبية التي تشغلها تلك الممارسات في الدماغ، وهذا ما يميز نظريته عن الأفكار والآراء السابقة في الموضوع، والتي قالت بوجود ملكات أو قدرات متعددة، دون سند أو حجج علمية تجريبية.
VI. الذكاءات المتعددة الثمانية
1. الذكاء اللغوي:وهو القدرة على إنتاج وتأويل مجموعة من العلامات المساعدة على نقل معلومات لها دلالة. إن صاحب هذا الذكاء يبدي السهولة في إنتاج اللغة، والإحساس بالفرق بين الكلمات وترتيبها وإيقاعها.
إن المتعلمين الذين يتفوقون في هذا الذكاء، يحبون القراءة والكتابة ورواية القصص، كما أن لهم قدرة كبيرة على تذكر الأسماء والأماكن والتواريخ والأشياء القليلة الأهمية.
2. الذكاء المنطقي الرياضي:يغطي هذا الذكاء مجمل القدرات الذهنية، التي تتيح للشخص ملاحظة واستنباط ووضع العديد من الفروض الضرورية للسيرورة المتبعة لإيجاد الحلول للمشكلات، وكذا القدرة على التعرف على الرسوم البيانية والعلاقات التجريدية والتصرف فيها.
إن المتعلمين الذين يتفوقون في هذا الذكاء، يتمتعون بموهبة حل المشاكل، ولهم قدرة عالية على التفكير، فهم يطرحون أسئلة بشكل منطقي ويمكنهم أن يتفوقوا في المنطق المرتبط بالعلوم وبحل المشاكل.
3. الذكاء التفاعلي:يفيد هذا الذكاء صاحبه على فهم الآخرين، وتحديد رغباتهم ومشاريعهم وحوافزهم ونواياهم والعمل معهم، كما أن لصاحبه القدرة على العمل بفاعلية مع الآخرين.
إن المتعلّمين الذين لهم هذا الذكاء يجدون ضالتهم في العمل الجماعي، ولهم القدرة على لعب دور الزعامة والتنظيم والتواصل والوساطة والمفاوضات.
2. الذكاء الذاتي:يتمحور حول تأمل الشخص لذاته، وفهمه لها، وحب العمل بمفرده، والقدرة على فهمه لانفعالاته وأهدافه ونواياه، إن المتعلمين الذين يتفوقون في هذا الذكاء يتمتعون بإحساس قوي بالأنا، ولهم ثقة كبيرة بالنفس، ويحبذون العمل منفردين، ولهم إحساسات قوية بقدراتهم الذاتية ومهارتهم الشخصية.
3. الذكاء الجسمي الحركي:يسمح هذا الذكاء لصاحبه باستعمال الجسم لحل المشكلات، والقيام ببعض الأعمال، والتعبير عن الأفكار والأحاسيس. إن التلاميذ الذين يتمتعون بهذه القدرة يتفوقون في الأنشطة البدنية، وفي التنسيق بين المرئي والحركي، وعندهم ميولٌ للحركة ولمس الأشياء.
4. الذكاء الموسيقي:تسمح هذه القدرة الذهنية لصاحبها بالقيام بتشخيص دقيق للنغمات الموسيقية، وإدراك إيقاعها الزمني، والإحساس بالمقامات الموسيقية وجرس الأصوات وإيقاعها، وكذا الانفعال بالآثار العاطفية لهذه العناصر الموسيقية. نجد هذا الذكاء عند المتعلمين الذين يستطيعون تذكر الألحان والتعرف على المقامات والإيقاعات، وهذا النوع من المتعلمين يحبون الاستماع إلى الموسيقى، وعندهم إحساس كبير للأصوات المحيطة بهم.
5. الذكاء البصري الفضائي:إنه القدرة على خلق تمثلات مرئية للعالم في الفضاء وتكييفها ذهنياً وبطريقة ملموسة، كما يمكّن صاحبه من إدراك الاتجاه، والتعرف على الوجود أو الأماكن، وإبراز التفاصيل، وإدراك المجال وتكوين تمثل عنه.
إن المتعلمين الذين يتجلى لديهم هذا الذكاء محتاجون لصورة ذهنية أو صورة ملموسة لفهم المعلومات الجديدة، كما يحتاجون إلى معالجة الخرائط الجغرافية واللوحات والجداول وتعجبهم ألعاب المتاهات والمركبات. إن هؤلاء المتعلمين متفوقون في الرسم والتفكير فيه وابتكاره.
الذكاء الطبيعي:يتجلى في القدرة على تحديد وتصنيف الأشياء الطبيعية من نباتات وحيوانات.
إن الأطفال المتميزين بهذا الصنف من الذكاء تغريهم الكائنات الحية، ويحبون معرفة الشيء الكثير عنها، كما يحبون التواجد في الطبيعة وملاحظة مختلف كائناتها الحية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.