في مثل هذا اليوم من كل عام يتذكر العالم العربي والإسلامي الخزي البريطاني؛ حين انسحبت القوات البريطانية من أرض فلسطين؛ لتحل محلها قوات الاحتلال الغاصب؛ معلنة قيام كيانها المشبوه على أرض فلسطين الطاهرة يوم 15 ماي 1948. وبعد دقائق من الحدث انضم الخبث الأمريكي إلى المكر البريطاني فاعترف بهذه الجرثومة اللقيطة دولة على أرض فلسطين؛ في عهد رئيسها آنذاك هاري ترومان. ثم تلا ذلك الاتحاد السفياتي بثلاثة أيام. وعلى الطرف الثاني كانت القوات العربية تحاول استرداد بعض ما أخذته العصابات الصهيونية فحققت عددا من الانتصارات؛ غير أن دولا غربية تدخلت تحت مظلة مجلس الأمن التابع للأمم الدولية، وفرضت عليها وقف إطلاق النار في 10 يونيو 1948 وألزمتها بهدنة مكنت الصهاينة من تجميع أنفاسهم ورص صفوفهم، ومن ثم العودة بعد أربعة أسابيع لاستكمال السيطرة على الأراضي وطرد الشعب الفلسطيني وتدمير القرى، فكان قبول الهدنة الثانية من العرب بعد هزائم متواصلة إعلانا عن الهزيمة واعترافا بالمحتل الغاصب. ومن نتائج هذه الكارثة التاريخية الاستيلاء على 78 من أرض فلسطين، وتشريد حوالي 60 في المائة من الشعب الفلسطيني من أرضهم، وتدمير 478 قرية من أصل 585 كانت قائمة قبل الحرب، وارتكاب 34 مجزرة أثناء عملية التهجير، كانت أخطرها وأشهرها مجزرة "دير ياسين" التي اعترف فيها الغاصبون أنفسهم بقتل وذبح 254 رجلا وامرأة وطفلا. إنها النكبة إذن؛ فما حالك اليوم يا فلسطين؛ في ذكراها السادسة والستين اللعينة؟ قبل أيام انطلقت سلسلة حوارات في إطار ما سمي ب"المصالحة الفلسطينية" بين فتح وحماس، لإنهاء "الانقسام الفلسطيني"، وتم الاتفاق على تشكيل حكومة كفاءات، غير أن مستقبل هذه الخطوات ما يزال مجهولا؛ خصوصا إذا نظرنا إلى نكسات التجارب السابقة. أما الجانب المقلق في الحقيقة في وضع فلسطين فهو تحول القيادة المصرية إلى يد العسكر، والعودة إلى ممارسة التضييق على الشعب الفلسطيني كما كان الأمر سابقا وربما أكثر، وأكبر شاهد على ذلك مباركة رئيس وزراء الكيان لترشح السيسي ودعوة الولاياتالمتحدة لتمنح فرصة التعبير عن ولائه وحسن عمالته للغرب! فبعدما استبشرنا خيرا بقيادة الرئيس المدني الشرعي محمد مرسي لأرض الكنانة؛ عاد العسكر بدعم خارجي قوي ليستولي على زمام الأمور هناك؛ ويجدد الولاء والطاعة، ويرد الأمان للكيان الغاصب الذي تجرع مرارة الهزيمة على يد المقاومة الإسلامية في غزة؛ أيام عهد الرئيس مرسي. لكن الأمل بنهاية هذا الانقلاب الظالم غدا ما يزال قائما، والشعب المصري الحر لم يرفع الراية بعد. وإن غدا لناظره قريب.