لا ندري من أية بورصة تعتمدها أسواق ولاية الدارالبيضاء لمرجع من مراجع المد والجزر في المواد الغذائية. إذ يلاحظ المستهلك أن أسعار كل ما يعرض في الأسواق تتأرجح مع حلول شهر رمضان ما بين الارتفاع الصاروخي والانخفاض الطفيف عند قرب انتهائه. والملاحظ أنه كلما حل بيننا شهر رمضان الأبرك أو كلما هبت أيام العيد إلا ونلاحظ تضارب الأسعار مقابل سلع مغشوشة وتارة يتجلى ضعف مستواها وجودتها. فلا حديث للناس هذه الأيام، ونحن نستعد لعيد الفطر السعيد والدخول المدرسي الجديد، إلا عن الغلاء الذي هو بحق شكل العصرو سواء بالنسبة للمستضعفين من ذوي الدخل المحدود أو المجتمعات المتوسطة والميسورة وإن كانت حدة هذا الغلاء تختلف بين مجتمع وآخر. لكن مع هذا وذاك يبقى عامل محدودية أجور المستضعفين تشكل عائقا أمام قدرتهم الشرائية في التغلب على غول الغلاء. بالطبع وكما تطرقنا له في عدد سابق فإن ظاهرة الغلاء ظاهرة عامة ترافق التطور الاقتصادي والاجتماعي وارتقاع الأسعار مسجل في مقدمة قائمة الانشغالات. ومن المفارقات المعروفة عن الغلاء أن من بين أسبابه المضاربات واحتكار الأسواق، فالمحتكرون هم عادة أشخاص أو شركات يتفردون بالانتاج والتوزيع، إما لأنهم فعلا وحدهم في السوق، وهذا نادر، أو يصطنعون الاحتكار باللجوء الى أساليب تحايلية تمكن من خلو السوق من البضائع أو السلع أو الملابس أو الأدوات المدرسية المنافسة. وهنا تبرز مشكلة أساسية وتكمن في الوساطة التي ترتبط بالاحتكار وتعتبر بحق مخربة للاقتصاد. ونحن في ولاية الدارالبيضاء كعاصمة اقتصادية بكثافة سكانية هائلة نعاني من هذه الظاهرة التي هي إحدى الأسباب وهكذا يتضح لنا أن تكلفة الوساطة تثقل كاهل المستهلك وتسبب الغلاء بلا مبرر خاصة وأنها لا تفيد أحد بما في ذلك المنتج ونحن أساسا نعاني من هذا المشكل إذ يصل الوسطاء أحيانا الى سنة فأكثر ما بين المنتج والمستهلك. وهنا نخلص الى القول أن المضاربات والسمسرة والوسطاء هم سبب هذا التعفن الذي تعيشه تجارتنا الداخلية، إذ لا يعقل أن نجد مواد بارتفاع صاروخي مع بداية شهر رمضان حيث يكون الاقبال عليها بكثافة لتعرف بيانا تنازليا كلما قل الاقبال عليها، وهنا يطرح السؤال؟ هل لأننا نخضع الى سياسة العرض والطلب؟ أم لرفع الاسعار كسلاح لضرب الأسواق الشعبية والرفع من السعر للربح السريع. وهذه الأيام مع قرب عيد الفطر السعيد تعرف الأسواق مرة أخرى رواجا في ملابس العيد وتجلى واضحا أن الاحتكار والمضاربات هي السمات البارزة والطاغية من خلال الغلاء الفاحش. وبانتهاء شهر رمضان الأبرك والاحتفال بعيد الفطر السعيد يأتي مباشرة الدخول المدرسي برسم السنة الدراسية 2011/10، دخول أصبح شبحا مخيفا للأباء والأولياء حيث التخوف الكبير من غلاء الأدوات المدرسية بسبب ما تتعرض له هي الأخرى من مضاربات في السوق السوداء فيرتفع ثمنها أحيانا الى الضعف، ناهيك عن الرسوم المدرسية المتمثلة في واجبات التأمين وجمعية آباء وأولياء التلاميذ، أما المؤسسات الخصوصية فقد أصبحت حكرا لمن له المال، ورغم أن هذا الغلاء موجود في كل الأسواق، فإن حدته تختلف بين هذا السوق وذاك، مما يجعل المواطن يلهث دائما وراءالسوق الأقل غلاء للتزود والتبضع منه بما يحتاجه وحتى نحمي المواطن الكادح من غول الغلاء، لابد من قيام المحتسبين ومراقبي الأسعار بدورهم مع ضرورة فرض إشهار الأثمان وكتابتها فوق السلع وقد لاحظنا هذا خلال سنوات سالفة لكن سرعان ما تخلى عنها العديد من الباعة في غياب المراقبة وذلك لتجنيب المواطن كل أنواع الاحتكار والمضاربات. فرأفة بهذا المواطن، فهو لم يعد يحتمل المزيد.