قليلون هم الكتاب الذين يكلفون فنانا لتصميم أغلفة كتبهم، حتى الناشرون نجد بينهم من لا يهتمون بأهمية تكليف فنان لإنجاز الأغلفة الخاصة بمنشوراتهم، فضلا عن أنهم لا يعتمدون على لجنة خاصة لقراءة تلك المنشورات في حد ذاتها واختيار ما يستحق منها النشر، مدعم بتقرير يبين مكامن القوة والضعف فيها. يقولون إن ذلك يتطلب تكاليف إضافية، ليس بمقدورهم تغطيتها. إنهم يستغنون عن مهمة أساسية تتصل بالجانب البصري وجمالياته، مهمة لا يمكن أن يضطلع بها سوى فنان محترف ودارس لتقنية تصميم الأغلفة. هل ينبغي على مصممي الأغلفة المهنيين أن يعيشوا العطالة، لا لشيء إلا لكون الناشرين لا يريدون تكاليف زائدة؟ إن وضع هؤلاء الناشرين شبيه بمن يستغني عن النجار في تجهيز بيته ويكلف بدلا منه الصباغ الذي تكلف بطلاء هذا البيت نفسه، في حين أن كل مهنة لها محترفوها الذين يفقهون فيها ويدركون مزالقها ومخارجها ولهم ما يكفي من الخبرة للتغلب على الصعوبات التي تطرحها. شخصيا حين أردت طبع كتابي الثاني الموسوم بالمشروع، عن دار النشر أبي رقراق، وجدت نفسي في موقف حرج؛ فقد كان الناشر يحدد ألوان الغلاف سلفا لظروف تقنية خاصة به، ولهذا لم يقبل الصورة الفنية التي أحضرتها له، واقترح علي أن أختار صورة من بين صور يضمها مجلد يحتفظ به في أرشيف، قلت: ما كاين باس، ندوزو هاذي.. لكن مفاجأتي كانت حين الإعداد لإنجاز الغلاف؛ فقد كانت الموظفة المسؤولة عن الرقن، هي من تولى تصميم الغلاف، وهنا وضعت يدي على قلبي، واستشعرت خطورة الأمر؛ فقد خشيت أن تقوم تلك الموظفة بتكوير الغلاف، بما يعني دحرجته وطرحه أرضا، وادعاء بعد ذلك أنه تصميم. كيف أسمح بمجازفة من هذا القبيل؟ لقد قررت تخفيفا للضرر، أن أرقب عملها، وأدلي بملاحظاتي وأقترح بعض التغييرات التي رأيت أنها تفرضها الضرورة الفنية، إلى أن استوى الغلاف كما هو ظاهر في الطبعة الأولى، وعلى أي؛ فهي الطبعة الوحيدة المنجزة حتى الآن. ففي مواجهة أزمة القراءة، لا يجازف الكاتب المغربي بإنجاز طبعات متعددة للكتاب عينه، وإن كان هناك بعض الكتاب الذين يحاولون أن يتباهوا بأنهم بلغوا الطبعة كذا أو كذا، في حين أن الطبعة الأولى لم تنفد بعد. المنطقي هو أن ننتظر إلى أن تنفد الطبعة الأولى، وبعد ذلك نقرر ما إذا كان الأمر يستدعي بشكل جدي إصدار طبعة ثانية، أم أن السوق لا يحتمل ذلك، سيما وأن الطبعة السابقة، لم تنفد إلا بعد زمن غير يسير، وتبعا لمجهودات خاصة تعتمد بالأساس على حفلات التوقيع وما إلى ذلك من المبادرات. هل ينبغي على الكاتب أن يقوم بكل شيء: يكتب ويصمم الغلاف ويطبع ويحمل منشوره على كتفه ويوزعه على الأكشاك؟ من الكتاب من لا يكتفي بذلك، بل يتجشم عناء التنقل إلى مقرات الصحف وإيداع نسخة من كتابه الجديد لديها من أجل نشر إعلان عن صدوره، غير أن الإعلان عادة ما يكون دون مستوى التطلعات؛ إذ يتم الاكتفاء بالإشارة إلى عنوان الكتاب واسم مؤلفه ودار النشر التي أصدرته وعدد صفحاته، ويتم إغفال مقاربة محتوياته، وفي اعتقادي أن هذه نتيجة طبيعية لمن لا يعنى بقراءة الكتاب الذي ينجز إعلانا عنه؛ ففاقد الشيء لا يعطيه. إن الإعلان عن صدور كتاب ما في بضعة أسطر، هو تجني على هذا الإصدار، مع العلم أن الغلاف لوحده، يستحق أن يكرس له قراءة خاصة وقائمة بذاتها. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته