مونديال الحراس ... يتفق أغلب متتبعي منافسات كأس العالم البرازيل 2014، على أن الدورة العشرين من هذا الحدث العالمي الهام، تقدم حراسا متألقين بل هناك من يصفهم بالمبدعين، وأغلب المنتخبات التي توفرت على حراس متمكنين، استطاعوا تحقيق نتائج لافتة، وحتى في حالة الإقصاء، فإن الفريق يترك انطباعا جيدا. كلاوديو برافو حارس مرمى منتخب الشيلي، ورايس مبولحي حارس منتخب الجزائري، وجيرمو أوتشوا حارس مرمى المكسيك، والحارس النيجيري فيكتور وانياما، والحارس الأمريكي تيم هاورد...أسماء لحراس تألقوا في الدفاع عن مرمى منتخباتهم، واستطاعوا تقديم عروض كبيرة، بل تركوا سمعة طيبة رغم الإقصاء، والأكثر من ذلك اعتبروا نجوما لمنتخباتهم، حيث تقدم العديد منهم نتائج الاستفتاء لاختيار أحسن لاعبي مجموعة من المباريات. واللافت للانتباه، أن المنتخبات التي عانت من أخطاء قاتلة لحراسها خرجت من الدور الأول، وأكبر مثال على ذلك منتخب اسبانيا الذي عانى من أخطاء غريبة لحراسه الشهير إيكر كاسياس، الشيء الذي ساهم في خروج مبكر وقاس لأبطال العالم، نفس الضعف عانى منه منتخب روسيا، بعد تواضع حارسه إيجور أكينييف. وإذا كان البعض يرجع هذا التألق اللافت إلى رعونة المهاجمين وضعف الإمكانيات لدى بعض الفرق، وبروز عجز هجومي من جانب الفريق الخصم، كعامل ساعد الحراس على التألق والإبداع، إلا أن هناك إجماعا حاصلا لدى الأغلبية الساحقة من المتتبعين بأن هذا الزمن هو زمن حراس المرمى. فقد جرت العادة ببروز لاعبين مميزين على مستوى الخطوط الثلاثة سواء في الدفاع أو وسط الميدان أو الهجوم، إلا أن الحراس كسروا هذه القاعدة، وخطفوا الأضواء من نجوم باقي المراكز، رغم حساسية المركز وتأثيره في نتائج المباريات. فالحارس جوليو سيزار قاد البرازيل إلى تأهيل صعب أمام الشيلي، سيزار تألق أثناء المباراة وصد ضربات ترجيحية، كما خطف مانويل نوير الأضواء، وقدم في نظر المختصين نموذجا جديدا للتطور الذي يعرفه مركز حراسة المرمى، فقد منحه الحارس الألماني دورا جديدا لحراسة المرمى يتجلى في مهمة الليبرو، كما اختير حارس منتخب كوستريكا دانييل سولانو، كأفضل حارس في دور المجموعات، فقد تألق وقدم المفاجآت مدوية مع منتخب بلاده. كما أن الحارس تيم هاوارد دخل التاريخ لكونه أول حارس يتصدى ل 16 كرة في مباراة واحدة بالمونديال، وتحول لبطل قومي، إلى درجة جعلت باراك أوباما يتصل به شخصياً، شاكرا له الأداء البطولي، وهى لحظة وصفها هاوارد بالأكثر سعادة في حياته. ولعب الجزائري مبولحي دورا بارزا في بلوغ «الخضر» لدور الثمن، وتقديم لقاء بطولي أمام الألمان، فالإحصائيات التقنية، تؤكد أن الحارس الملتحي حال دون هز شباك الجزائر في 18 مناسبة، 10 منها بيديه وفرصة بقدمه وسبعة بجسده، والغريب أن تسعة من تصدياته ال 18 كانت في مباراة ألمانيا، أي نصف ما قام الحارس بصده خلال البطولة كان في 120 دقيقة من مباراة واحدة فقط! بكل الأرقام والمعطيات يصف إذن مونديال البرازيل بمونديال الحراس، والأدوار القادمة كفيلة بتأكيد هذه الحقيقة...