خرج اكبر حزب سياسي معارض في فرنسا، الاتحاد من اجل حركة شعبية، منتصرا من الانتخابات البلدية التي جرت الأحد المنصرم، بعد أسابيع من النكسات التي تكبدها بسبب تضاعف القضايا المرتبطة بالرئيس السابق نيكولا ساركوزي. وكان الحزب قبل الانتخابات يتخبط في عدة فضائح، أهمها شرائط سجل فيها مستشار الرئيس السابق ساركوزي (2007-2012) باتريك بويسون محادثات شخصية ومهنية مع الرئيس وعمليات تنصت قضائية غير مسبوقة تعرض لها ساركوزي، وتحقيق حول تهمة بالمحسوبية استهدف زعيم الحزب جان فرنسوا كوبيه، وكان كل شيء يبدو معاكسًا للمعارضة اليمينية. ولكن بعد اقتراع الأحد الذي شهد نكسة الاشتراكيين وفوز اليمين بالعديد من البلديات انقلبت الآية وكتبت صحيفة لوباريزيان أن «جان فرنسوا كوبيه يكاد يطير من الفرح». وأعرب كوبيه في تصريح لإذاعة «ار تي ال» عن سروره بالقول «حددت هدف تجاوز سقف خمسين في المائة من المدن التي تعد أكثر من تسعة آلاف نسمة - لدينا الأغلبية في تلك التي يقل عدد سكانها عن تسعة آلاف - وحققنا هذا الهدف، وأصبحت 62 في المائة منها تحت سيطرة اليمين ويمين الوسط، إنها نتيجة تاريخية». وبإعلانه أن حزبه أصبح «اكبر حزب في فرنسا»، دعا رئيس الاتحاد من اجل حركة شعبية الرئيس فرنسوا هولاند إلى «تغيير كامل لسياسته». من جانبه، حقق رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق ألان جوبيه المنتخب بفارق كبير في بوردو (جنوب غرب) من الجولة الأولى للانتخابات البلدية قبل أسبوع، فوزا كبيرا، وقال في تصريح لإذاعة أوروبا 1 بعد إدلائه بتصريحات صحافية ما إن صدرت النتائج الأولى، إن «مسؤولية اليمين والوسط تتمثل في إعداد تداول» السلطة. وشيئا فشيئا يدفع المسؤول السابق ببيادقه ويحسن سمعته ك»رجل حكيم» في السياسة الفرنسية، وقد كان في معسكره أول من تقارب فعلاً مع يمين الوسط مقدما صراحة دعمه لترشح الوسطي فرنسوا بايرو الذي حل ثالثا في نتيجة الانتخابات الرئاسية سنة 2007، في بو (جنوب غرب). وفي حين يتراجع طموح نيكولا ساركوزي بالعودة إلى الواجهة بسبب الإشارة إلى اسمه في نحو ستة ملفات قضائية، يطرح ألان جوبيه نفسه كبديل. وأفادت آخر الاستطلاعات أن رئيس الوزراء السابق تفوق على وزير الداخلية الاشتراكي مانويل فالس في ترتيب «الشخصية السياسية المفضلة لدى الفرنسيين» وتقدم بوضوح على منافسيه في الانتخابات الرئاسية جان فرنسوا كوبيه ورئيس الوزراء السابق فرنسوا فيون. وبعدما قلل الأسبوع الماضي من نتيجة الجولة الأولى للانتخابات البلدية مشددًا على أنه فشل اليسار أكثر مما هو نجاح اليمين، نائيًا بنفسه عن زعيم الاتحاد من اجل حركة شعبية الذي بادر إلى الحديث عن «انتصار كبير»، لن يتمكن جوبيه من تكرار هذا القول. وفضلاً عن معركته اليومية ضد الحكومة، سيعكف اليمين من الآن على إعداد الانتخابات الأوروبية المقررة ماي، والتي تفيد الاستطلاعات أن الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف) ستحل ثانية فيها وراءه وأمام الحزب الاشتراكي. وفي نهاية الصيف قد يحقق الاتحاد من اجل حركة شعبية فوزا آخر على الصعيد الوطني مع انتقال الأغلبية في مجلس الشيوخ إلى اليمين. ويتمتع اليسار حالياً في هذا المجلس بأغلبية ضعيفة هي 178 مقعداً من أصل 348، وسيتم تجديد أكثر من نصف مقاعد مجلس الشيوخ في أكتوبر عن طريق الاقتراع العام غير المباشر عبر لجنة ناخبين تجمع نوابا ومستشارين عامين إقليميين وممثلي البلديات، وقد ينعكس فوز اليمين في الانتخابات البلدية الأحد على مجلس الشيوخ بتغيير الأغلبية فيه.