اعتبر الباحث عادل حدجامي أن هناك علاقة جوهرية بين الأدب والفلسفة، غير أن هناك تيارا علمويا أو وضعيا يرفض أي اتصال بينهما، من منطلق أن الفلسفة مرتبطة بالبرهان والحقيقة، في حين أن الأدب يتصل بما هو جمالي وخطابي. وأكد حدجامي في هذا اللقاء الذي أقيم بفضاء المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء ضمن البرنامج الثقافي لوزارة الثقافة، والذي شارك فيه كذلك الأستاذ الصافي مومن علي، وتولى تأطيره الباحث عزيز الحدادي، أن اعتبار الأدب عائقا أمام التفلسف يعد خاطئا، بدليل أن العديد من الفلاسفة البارزين ناقشوا قضايا مرتبطة بالأدب، فأفلاطون كتب فلسفته على شكل حوارات، وأن أهم كتاب لدى كانط يتناول سؤال الجمال، وأن مونطين يعد فيلسوفا وأديبا في آن واحد، وديكارت راهن على الأدب من خلال ارتكاز أهم كتبه على التأملات والحكاية، بل إن مجموعة من نصوصه الفلسفية يتم تدريسها باعتبارها نصوصا أدبية في البلاغة. من ثم يتبين أن الفلسفة فاعلية لا مركز لها، حيث تتناول العلم والرياضيات والسياسة الثورية والفن والشعر. وذكر حدجامي أن سبب عداء بعض التيارات العلموية للأدب يعود إلى سبب نفسي يتجلى في أزمة هوية الانتماء إلى العلم وبالتالي التمسك بهذا الأخير، والابتعاد عن الأدب من خلال حصره في الخطابة والرهان على الجمال، غافلة عن أن القول الفني والأدبي مسكون بسؤال الحقيقة. وناقش الأستاذ الصافي مومن علي شعار هذا اللقاء الذي يعتبر أن الفلسفة رحم للأدب، مؤكدا على أن هذا الشعار غير دقيق، على اعتبار أن الأدب ظهر قبل الفلسفة، فديكارت على سبيل المثال لم يجعل الأدب من بين مكونات شجرة الفلسفة. وأشار حدجامي إلى أن وظيفة الفلسفة هي معرفة الحقيقة لأجل المنفعة، في حين أن الأدب يتمثل في خلق الجمال للاستمتاع به. وبالتالي فهما مختلفان ولا يشكل أي أحد منهما رحما للآخر، بل إن الحرية في واقع الأمر هي التي تشكل الرحم المشترك لهما. فالإنسان يحقق وجوده بواسطة التفكير والتخييل معا، وأن سعادته مرتبطة بممارسته لأعماله الوجودية الفردية التخييلية وأعماله الاجتماعية الأخلاقية. وأكد الباحث عزيز الحدادي على أن الفلسفة تشكو من الظلم، لأنها ظلت تعيش على الهوامش، مع أنها تتيح العيش نشوة الفكر، ونفى أن يكون هناك خصام بين الفلسفة والأدب، بل إن أحدهما يكمل الآخر، بدليل أن الفلسفة مثلت على الدوام تاريخ الحوار بين الفلاسفة والأدباء. وجاء في الورقة التأطيرية لهذا اللقاء أن علاقة الدرس الفلسفي بالتخييل الأدبي ظلت علاقة تماس وتكامل، بل اعتبرت، في نظر كثير من المشتغلينبالحقلين معا، رحلة ذهاب وإياب، بما يغني كلا الحقلين ويجعل أفقهما الإبداعي أفقا مفتوحا على الجديدوالغريب والمدهش. من هنا الدعوة إلى تسليط مزيد من الضوء على احتمالات هذا النوع من القرابة الكتابية،بما يخلق مزيدا من الإمتاع والفائدة.